إعادة ترتيب العلاقة التركية العربية من خلال العلاقة مع الشعب السوري
أعزائي القراء ..
لاشك أن الاستفزازات التي تحصل للشعب السوري في تركيا توالدت مع الزمن ، وان ماحصل من توتر زائد عن حده كان في مقابلة محلل سياسي تركي هو السيد أوكتاي يلماز مع قناة اورينت في برنامج تفاصيل يناقش قضية حساسة وهي استعمال الجندرمة التركية على الحدود السورية الرصاص الحي لمنع بعض الهاربين من ملاحقة المخابرات السورية بالعبور لتركيا مما ادى الى مقتل اثنين احدهما قتل داخل الاراضي السورية .
السيد اوكتاي اراد منذ اللحظة الاولى رفض المناقشة بطريقة استفزازية للوصول إلى ايقاف البرنامج ، حتى خشينا من حصول صدام باليد بين احمد ريحاوي وضيفه ، وكان الحل باخراجه من البرنامج، وهي حالة طبيعية في مثل هذه المواقف لجأ اليها العديد من مقدمي البرامج المعروفين. فالحالة ليست غريبة على الإعلام .
ولكن السؤال ؛ لماذا لم يعالج السيد اوكتاي الاجابة بطريقة سياسية وهو سياسي بارع، وأمامه الحرية الكاملة للرد حسب قناعته ؟
الجواب يبدو ان هناك سياسة تم اعتمادها على الاقل خلال الشهرين القادمين لدوافع سياسية لتصب في نتائج الانتخابات القادمة وخاصة ان المعارضة التركية وضعت السوريين في ( تم الطوب) كما يقال واصبح السوريون بيضة القبان في هذا الصراع ، اضافة إلى وجود تخشب في التفكير التركي تجاه العرب عموماً ولا اقول ان بعض العرب بعيدين عن إلهاب هذه العداوة بل هم مشجعون لها.
من المؤكد أن الحكومة التركية لا تريد الوصول الى علاقة متشنجة مع السوريين ، فهذه العلاقة سواءاً كانت جيدة او سيئة ستصب في التاثير في المنحى العربي ضد تركيا وخاصة ان هناك من الجانب العربي ايضاً من يتصيد للحكومة التركية بعض تصرفاتها من اجل صب الزيت على النار .
الواعون من الاتراك ومن السوريين لايرغبون بزيادة التوتر بين الجانبين ولكن مازال في الجيش التركي والقوة الامنية وعناصر من الادارة الحالية مجموعات حاقدة على السوريين يسعون عن قصد لتدمير العلاقات العربية التركية ومعظمهم من الاقليات . هذا التيار من الصعب استئصاله فهو ذو جذور عميقة في تركيا ، كما ان له امتداد في احزاب المعارضة التركية ، فالمطلوب اليوم التهدئة بكل المقاييس فالتوتر ليس في صالح الطرفين وكذلك لا فائدة من استحضار التاريخ بيننا ومنه ما كان سيئا من الطرفين فاتفاق الشريف حسين مع الانكليز و الذي ادى الى شرذمة العرب وضياع فلسطين هو عمل ما زالوا يذكرونه ، وكذلك تصرفات الاتراك في اواخر عهدهم في بلاد الشام مازال في ذاكرة العرب والسوريين على وجه الخصوص ، فهذا التبادل في رمي الاتهامات التاريخية لم يعد مفيدا اليوم ، وعلى الادارة التركية الكثير من العمل لتفعله لتهدئة الموقف، كما ان عدم وضوح الرؤية في العلاقة بين تركيا والاسد خلق توترات جديدة بين الشعبين وهذه نقطة حساسة لا يلام الشعب السوري عليها وهو صاحب التضحيات ، وعليه المطلوب اليوم من الحكومة التركية العمل على تشكيل لجنة حيادية عليا من المسؤولين الاتراك والسوريين وظيفتها دراسة كل المشكلات الطارئة التي تنتج عن الاحتكاك بين الطرفين وحلها بطريقة عادلة .
والله الموفق.
وسوم: العدد 1024