في حساب الارتدادات السياسية .. فلنعلم .. ولنحذر

أمر طبيعي حين يعقد أي فريقين شراكة اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية.. أن تكون مصلحة العاقدَيْن هي الأولى بالنسبة إليهما..

لا يمكن لأي فرد أو فريق، أن يعقد شراكة، مهما كان شأنها، تكون مصلحته فيها هي الثانية أو الثالثة أو المزوية، لعلنا نحتاج ان نعي هذا عمليا وليس نظريا فقط.

وبالمقابل فإن أي طرف ثالث أو رابع، حين يناقش أو يقارب أو يقوّم أي شراكة تعقد بين فريقين، سيناقشها عمليا، وأولا من حيث انعكاسها عليه. وغالبا ما يبدأ الحسابُ من عنده، وينتهي عنده، حتى بعض الأمهات عندما يقمن باختيار زوجات لأبنائهن، أو الآباء حين يخترن الأزواج لبناتهن، يبدأن ويبدؤون من هذا وينتهون عنده.

هذه الحالة المقدرة والمقررة، تسود عالمنا نحن السوريين اليوم.

فالسوريون اليوم حين يناقشون العلاقات المستجدة بين جميع الأطراف في الساحة الاقليمية، بين العدو، وبين من افترض أنه صديق، يقومون بتقويم هذه العلاقات، أو الشراكات من حيث انعكاسها عليهم، وعلى قضيتهم، متغافلين عما يمكن ان يكون قد استجد لغيرهم من مصالح، أو تهددهم من مفاسد، أو ألجأهم من ملجئات..

إن إدراكنا لحاجات الآخرين، مصالحهم ومخاوفهم، أمر يعيننا على صحة الفهم، وحسن التقويم، وصوابية التعاطي.

وأهم شيء في المعادلة أن نكون طرفا في السوق. من أمثال عامتنا وهو دال وحساس: "تاجر بدينار اسمك في السوق تاجر، وبمائة دينار نفسك لا تؤاجر"

وإذا قلنا إن عالم السياسة بئر فيجب أن يكون لنا دلونا الذي نلقيه بين الدلاء. وإذا قلنا إن السياسة سوق فيجب ان تكون لنا بضاعتنا التي نقابض عليها، ولنحذر عمولات السمساسرة والوسطاء.

قالوا وارسل الولد أباه ليخطب له العزيزة، فرجع الوالد إلى ولده يقول له: عفوا يا بني ادبوهم زوجوها إلي..رأى نفسه أحق بها من ولده!!

من اراد ان يشتغل في السوق عليه ان يتعرف على أخلاق أهله، ومواضعاتهم وقوانينهم. ولا يظل يلوك مفردات النبلاء. أخلاق السُّوقة قد لا تعجبنا، ولكنها وحدها المفهومة في الأسواق. كانت في القديم لغة السوقة محاصرة في الأسواق..اليوم يقولون عن الديانة الأكثر انتشارا إنها ديانة السوق..

لا تكن ذئبا ولكن احذر أن يأكلك الذئاب

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 1029