الوزارة الوصية على الشأن الديني عندنا تجازي الخطباء من رجال التربية والتعليم جزاء سنمّار

من المعلوم أن عددا لا يستهان به من رجال التربية والتعليم في كل الأسلاك التعليمية  اضطلعوا بمهمة الخطابة منذ زمن طويل يوم كانت  منابر الجمعة في حاجة ماسة إليهم  في غياب خطباء من غير شريحتهم ، ولا زال عدد منهم يؤدون هذا الواجب وهم بخبرتهم التربوية والتعليمية أقدر من غيرهم على أداء هذه المهمة  ممن لم يتمرسوا على التربية أو التعليم ، ولا  يمكن أن ينكر ذلك إلا مكابر أو معاند .

وأكثر ضحايا الوزارة الوصية على الشأن الديني والذين يمنعون من الخطابة هم من فئة رجال التربية والتعليم حين ينكرون المنكرات ، وهو ما تعتبره هذه  الوزارة حسب زعمها خروجا عما تسميه ضوابط الخطابة ، وهي لا تراعي ما أبلوه من بلاء  حسن  خلال عقود  صرفوها من أعمارهم في الخطابة ،إلا أنها  تجازيهم  عن بلائهم جزاء سنّمار ، وتوافيهم بإشعارات التوقيف دون أن  تكلف نفسها  تذييل  تلك الإشعارات بمجرد  عبارة شكر على ما قدموه من  خدمة للمنابر كما هو جار به العمل عند وزارات أخرى حين تستغني عن خدمة من هم تابعون لها  وكأن الخطباء من فئة رجال  التربية والتعليم  لم يحسنوا قط  خلال ما قضوه من مدد معتبرة  فوق المنابر ، وعليهم ينطبق قول الشاعر الحكيم :

أيذهب يوم واحد إن أساته    بصالح أيامي وحسن بلائيا ؟؟؟

 هذا إذا صح اعتبار إنكارهم المنكرات  فوق منابر الجمعة إساءة  تستوجب الإعفاء ، وهو ما لا يصح ولا يستقيم لا شرعا، ولاعقلا، ولاعادة .

والوزارة الوصية على الشأن الديني عندنا  خلافا لكل الوزارات لا تعتمد التدرج في اتخاذ الإجراءات التأديبية من أدناها إلى أعلاها وكل ما لديها  إجراء وحيد هو العزل أو الإعفاء . وإذا كان المنتمون إلى مختلف الوزارات يرفعون مظالمهم إلى المحاكم الإدارية  طلبا لإنصافهم ، ويطالبون برد الاعتبار ، فإن الوزارة الوصية على الشأن الديني تعتبر نفسها  فوق القضاء الإداري ، و يعتبر وزيرها الآمر الناهي الذي لا معقب على ما يصدر عنه من قرارات تعسفية في حق الخطباء  .

ومن المؤسف أن هذه الوزارة لديها ثلة من العلماء من المفروض أن يعرض عليهم ما ينسب إلى الخطباء مما تعتبره إخلالا بضوابط الخطابة ، ويكون لهم القول الفصل في ذلك باعتماد الشرع إلا أن واقع الحال أن هذه الوزارة  تبث في أمر هؤلاء الخطباء  باعتماد هوى وزيرها  فقط  دونما  رجوع إلى علمائها الذين  بدورهم  صاروا لا يحركون ساكنا ، ولا يملكون شجاعة أو جرأة لمراجعة وزيرها  فيما ينفرد به من عزل للخطباء المنكرين للمنكرات ، وفي المقابل يسكتون عن خطباء دون مستوى الخطابة ممن لا يقيمون أود اللغة ،و يلحنون فيها لحنا ، ولا طائل  يرجى من وراء خطبهم ، مع انهم يخطبون  و في الحضور فئات مثقفة تستهجن جرأتهم على الخطابة ، وتستغرب إفساح الوزارة مجال الخطابة  لهم  استخفافا برواد المساجد الذين يخرجون كل جمعة ساخطين على استخفافها بمنابر الجمعة  وبمن يحضرون خطبها ، فلا يستفيدون شيئا ،وهو ما يمكن اعتباره أمرا مقصودا لإفراغ خطب الجمعة من الغاية التي شرعت  من أجلها.

وإني لأذكر علماء  هذه الوزارة ـ إذا ما رضوا بالتذكير بما ينبغي أن يكونوا عليهم من اتصاف بالربانية  حتى لايكون  شأنهم شأن  من سماهم أبو حامد الغزالي  رحمه الله تعالى بالعلماء  المترسّمين واصفا بذلك بعض علماء زمانه ، ولن يزهد في هذا التذكير إلا من ركبه غروره.  

وسوم: العدد 1030