السعودية تغير وجه المنطقة العربية
بصمت وبهدوء وسياسة موزونة وواعية وإدراك حقيقي لأهمية تأثير المنطقة العربية في ميزان التحالفات الدولية وقدرتها على تغير التوجهات الغربية للمنطقة , ادركت المملكة العربية السعودية انه يتوجب تغير وجه المنطقة العربية إيجابيا لصالح دولها وشعوبها وتأكدت ان هذا لا يتأتى الا برسم علاقات متماسكة مع كافة دول المنطقة والقوي المؤثرة فيها وخاصة الصين وايران وهذا لا يتحقق الا بأنهاء كافة أزمات المنطقة العربية والتوترات الداخلية وحالات الاشتباك الذي يستنزف كل مقدرات الامة العربية ويحولها لمجرد سوق استهلاكي لسلاح الغرب وإسرائيل , وتدرك السعودية أهمية تهيئة المنطقة العربية لمرحلة جديدة ينتهي فيها هيمنة القطب الواحد الذي كان ينهب ثرواتها لتقوية مصالحه الاستعمارية في المنطقة كمنطقة استراتيجية مليئة بالثروات ليس هذا فقط بل الهيمنة على القرار السياسي العربي المستقل وجعل حكومات دول المنطقة حكومات معتمدة كلياً على الحماية الغربية والامريكية وهي مجرد أنظمة تقدم خدمات لنظام احادي القطب وتحافظ على مصالحه التي تحول الأرض العربية لمستعمرات كبيرة وقواعد عسكرية تهدد من خلالها كافة شعوب المنطقة وفي ذات الوقت لا تقدم سوي خدمة حقيقية لدولة الاحتلال الصهيوني في فلسطين وتحولها الى دولة عظمي في المنطقة وتساهم في انخراطها في المحيط العربي مع بقائها كيان محتل غاشم.
لان العربية السعودية دخلت عهد جديد بني على أساس امتلاكها فلسفة وقدرات سياسية كبيرة تمكنها من قيادة المنطقة نحو وجه جديد يمتن العلاقات العربية العربية وعلاقات الجوار والمصالح المشتركة، ساهمت مكانتها المركزية بسهولة في قيادة المنطقة نحو لعب دور إقليمي كبير في الحفاظ على حيادية المنطقة العربية والنأي بها جانبا عن الصراعات الدولية وبالتالي عدم الانخراط في اي تحالفات قد تستنزف المزيد من الثروات العربية والعودة بها الى سنوات الظلام. اليوم تسعي العربية السعودية لخلق حالة عربية متماسكة وقوية تستطيع الوقوف في وجه التحديات المحتملة لتطور المتغيرات الدولية الكبيرة التي خلقتها الحرب بين روسيا وأوكرانيا. تعمل العربية السعودية منذ فترة على إعادة صياغة علاقات دول المنطقة بعضها ببعض كأساس لرسم خارطة المصالح العربية وبدأت بصمت من (بكين) عندما أعلن عن (اتفاق بكين) بين العربية السعودية وإيران والذي بموجبه يتم إعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة وانهاء زمن القطيعة وفتح سفارات البلدين بما لا يتعدى الشهر، ليس هذا فقط بل ان الطرفان اسسا لحقبة جديدة من التعاون الاستراتيجي والذي بالطبع سيؤسس لمرحلة لم يكن أحد من العالم يتوقع ان تصل اليها المنطقة يوما من الأيام.
مؤخرا انتهي الاجتماع التشاوري الرابع عشر لدول مجلس التعاون الخليجي وكل من مصر والأردن والعراق في جدة والذي اكد مركزية القضية الفلسطينية واوليتها وإدانة كافة ممارسات الاحتلال في الأرض المحتلة التي من شانها ان تقوض حل الدولتين وفرص تحقيق السلام العادل والشامل وفقا لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية كما ادان المجتمعون الاعتداءات الإسرائيلية على المصلين بالمسجد الأقصى وانتهاك حرمة المقدسات الدينية واكد البيان على ضرورة احترام الوضع التاريخي والقانوني في المسجد الأقصى , واكد الجميع على ضرورة حل الازمة السورية سياسيا واهمية ان يكون هناك دور قيادي عربي في الجهود المبذولة لإنهاء الازمة ووضع الاليات اللازمة لهذا الدور وتكثيف التشاور بين الدول العربية بما يكفل نجاح هذه الجهود.على هذا الأساس تكثفت الجهود السعودية المصرية الأردنية لوضع نهاية سياسة للازمة السورية والخطوة الأولى كانت اعادة الرياض فتح الجسور بينها وبين الجمهورية السورية ولعب دور حيوي في إعادة الجسور بين سوريا ومعظم الدول العربية والتي كانت قد أغلقت على اثر الاحداث في سوريا ما ادي لان تكون دمشق خارج دائرة العمل العربي المشترك وبالتالي خارج اطار جامعة الدول العربية. وزير الخارجية السوري (فيصل المقداد) زار مؤخرا جدة بدعوة من وزير الخارجية السعودي (فيصل بن فرحان) وعقدا جلسة مباحثات معمقة تناولت الجهود المبذولة للوصول الى حل سياسي للازمة السورية وإعادة العلاقات بين البلدين، لم يمضي أسبوع الا وحط وزير الخارجية السعودي (فيصل بن فرحان) ضيفا على الأسد في دمشق لاستكمال محادثات عودة سوريا للحضن العربي وتهيئة الأجواء لوصول المساعدات الإنسانية للمناطق التي مازالت تشهد صدامات مسلحة بين الجيش السوري والقوي الأخرى هذا بالإضافة لعودة سوريا لجامعة الدول العربية. السعودية تعتزم توجيه دعة للرئيس بشار الأسد لحضور القمة العربية بالرياض في 19 أيار القادم وتسعي الرياض في الوقت الحالي للتجهيز لهذه القمة بما يضمن الخروج بموقف عربي متماسك امام التحديات الكبيرة التي تهدد الكثير من الدول العربية وخاصة القضية الفلسطينية التي يحاول الاحتلال الإسرائيلي تصفيتها واستبدال أي عملية سلام حقيقية بسلام زائف مع بعض دول الخليج وتطبيع علاقات مازالت محرمة مادام الاحتلال للأرض الفلسطينية لم ينتهي ولم تعترف دولة الاحتلال بحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني.
تسير عملية ترتيب المنطقة العربية بحطي منسقة و متوازنة وحثيثة لأجل مرحلة جديدة يسودها التفاهم والتعاون المشترك بين جميع دول المنطقة بالرغم من تفجر ازمة جديدة وهي الصراع على السلطة في السودان والذي يبدوا انه تفجر لإعاقة استكمال ترتيب أوراق المنطقة العربية وحل ازماتها وقيادة السعودية للمشهد العربي وعلى ما يبدوا ان البعض لا يحلوا لهم نجاح السعودية في تغير وجه المنطقة العربية سياسيا واقتصاديا وامنيا بما يحافظ على المصالح العربية ويعمل على نمو دولها اقتصاديا وسياسيا ويريد ان يخلق ازمة جديدة بالعالم العربي تربك المنطقة العربية وتريد ان تشغل القمة العربية بالسعودية بالأزمة في السوادان والحرب الدائرة بين الجيش وقوات الدر السريع, لكن لا اعتقد ان يؤثر هذا بشكل كبير ويوقف مسار السعودية باتجاه رسم خارطة مصالح عربية عربية في المدار الأول وخارطة تعاون مشترك في المدار الثاني بين السعودية والأردن ومصر وايران وخارطة تحالف عربي صيني روسي في المدار الثالث وهذه المدارات الثلاثة تشكل قطب جديد يعي المصالح المشتركة لجميع الدول تبني على اساس استقرار سياسي وامني ونمو اقتصادي وتقدم علمي وتطور طبي وتكنولوجي غير مسبوق.
وسوم: العدد 1030