ما حدث في العوجة .. تناقض الروايات الإسرائيلية .. ما قاله اتحاد قبائل سيناء
تناقضت الروايات الإخبارية حول ملابسات قتل الشرطي المصري للجنود الإسرائيليين الثلاثة تناقضا واسعا متنوعا لا إقناع فيه . وكل هذه الروايات إسرائيلية ، ولم تداخلها سوى رواية مصرية واحدة ، هي أن الشرطي كان يطارد مهربي مخدرات ، وهي بدورها رواية معطوبة . يستحيل أن يتوغل هذا الشرطي مسافة طويلة وراء المهربين في أرض يعلم أنه معرض فيها للقتل على يد الجنود الإسرائيليين المشهورين بسرعة إطلاق النار عند أقل شعور بالخطر . وألا يوجد إلا شرطي واحد مكلف بمراقبة المهربين وسواهم من المتسللين للعمل في إسرائيل الذين يأتون من بعض الدول الأفريقية ؟! ونأتي للروايات الإسرائيلية . رواية تقول إن الشرطي دخل من معبر طوارئ ، كيف دخل منه ؟! أليس هذا المعبر مراقبا إليكترونيا ؟! كل حدود إسرائيل مراقبة إليكترونيا ، ومزودة بأسلحة تطلق النار ذاتيا على من ترصده كاميرات المراقبة . ورواية تقول إن الجيش لم يعلم بمقتل الجندي أوري إيلوز والجندية ليئا بن نون إلا بعد خمس ساعات ! كيف حدث التأخر مع وفرة وسائل الاتصال والمراقبة الأرضية والجوية التي يملكها الجيش ؟! ورواية تقول إن الجيش لم يستطع إرسال مروحية من نوع يسعور لقتل الشرطي المصري لخضوع هذه المروحيات لفحص فني للتأكد من سلامتها بعد هبوط إحداها من قبل اضطراريا لخلل فني . ألا توجد مروحيات من نوع آخر ؟! لديهم مثلا ، لا حصرا، الأباتشي . وهل مواجهة شرطي واحد تستكلف إرسال مروحية إلى منطقة توجد فيها قوات برية ؟! وتذكر إسرائيل أن الشرطي قتل ، ونحن نقول استشهد ، في اشتباك مع قوة برية بعد أن قتل منها الجندي أوهاد دهان وجرح اثنين آخرين ، ويبدو من اسم عائلته أنه مغربي الأصل ، وتضيف أن الشرطي هو الذي بادر إلى إطلاق النار ، ونعرف أن الجنود الإسرائيليين يبادرون دائما إلى إطلاقها إلا إذا شلهم الرعب . وما زالت إسرائيل تتكتم على جوانب مما حدث لشعور المسئولين العسكريين والسياسيين فيها بهوله ؛ ذلك الهول الذي أتقن يوسي يهوشواع محلل الشئون العسكرية في " يديعوت أحرونوت " وصفه بكونه انهيارا لمنظومة الدفاع الإسرائيلية ، وأن الشرطي المصري أربك ببندقية كلاشينكوف كل الجيش الإسرائيلي . ولعل مما تتكتم عليه كون عدد الجنود القتلى والجرحى أكبر مما ذكرت ، فلا رواية هنا سوى روايتها . وتدخل " اتحاد قبائل سيناء" في مجرى الروايات برواية تفيد أن الجنود القتلى كانوا في سيارة جيب مع مبالغ مالية كبيرة ، وأنهم كانوا في انتظار مهربي المخدرات . وهنا تتزاحم الأسئلة . هل كانوا على علاقة خاصة محصورة فيهم مع هؤلاء المهربين أم أنهم مكلفون من دولتهم ؟! وإذا كانت علاقتهم خاصة محصورة فيهم ، فهل سترسل المخدرات إلى إسرائيل أم إلى مصر ؟! وأليس من علاقة لضباط كبار من الجيش والمخابرات بالأمر ؟! الجنود الإسرائيليون معروف عن بعضهم سرقة الأسلحة من قواعدهم وبيعها لعصابات التجارة بالأسلحة ، ومن هذه الأسلحة ما يصل إلى المقاومة الفلسطينية . ستتوالى الروايات حول ما حدث حتى يتبين الخيط الأبيض من الأسود ، وقد تتأكد صحة رواية " اتحاد قبائل سيناء " ، وفي إسرائيل يتوقعون عزل قيادات كبيرة في الجيش عقابا على هذا الإخفاق الأمني المذل . وما قام به الشرطي المصري ضربة مطرقة على رأس إسرائيل تقذف في قلبها حقيقة كره الشعب العربي لها ، والفرح الشعبي العربي الذي تلا الضربة ، والثناء الحميد على الشرطي المصري ضربات تجعلها تترنح نفسيا ، وتستوثق أن هذا الشعب لا يرى فيها إلا عدوا لا سبيل إلى قبوله في رحاب الأرض العربية والإسلامية ، وهي ذاتها ، إسرائيل ، لا تقصر ليل نهار في توضيح أنها فعلا ذلك العدو بما تفعله يوميا بالفلسطينيين من قتل واعتقال وهدم بيوت واستيلاء على الأرض ، وإشاعة لأجواء الحرب مع بعض دول المنطقة مثل لبنان سوريا وإيران ، وأوصلت هذه الأجواء إلى المغرب العربي .
ومن زاوية أخرى ، توقعنا أن توقف العملية التي أذهلت إسرائيل وفجعتها مظاهرات السبت الأسبوعية المحتجة على مخطط الانقلاب القضائي ، والمفاجأة أنها لم تتوقف ، وخرج آلاف المتظاهرين في أماكنهم المألوفة . هذه تستحق قراءة نفسية وسياسية . ومن زاوية تالية ، وقعت العملية قبل يومين من الذكرى السادسة والخمسين لعدوان 5 يونيو 1967 الذي احتلت فيه إسرائيل سيناء وغزة والضفة الغربية والجولان . ودلالتها أن جرح الثأر ما فتىء مفتوحا لم يدمله ركام الأحداث والتطورات التي توالت بعد تلك الهزيمة العربية الغريبة بكل مقاييس العقل والحرب . تيار التاريخ انعطافات واستواءات . وفقاعة الوجود الصهيوني في الأرض العربية والإسلامية تقترب من انفثائها النهائي والأبدي .
وسوم: العدد 1035