الشخصية المتطورة .. أو النامية

وأتابع بعض من يرتكب الخطايا في حق الناس، وأجيب: نعم يمكن أن نصفها بأنها شخصية متطورة، أو شخصية نامية..والتطور والتغير والنمو، قد يكون إيجابيا جميلا وقد يكون مما يستعاذ بالله منه.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا، ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا، يبيع دينه بعرض من الدنيا قريب. أعاذني الله وإياكم..

وأكثر شخصيات الصحابة الكرام في عهد النبوة كانت شخصيات نامية أو متطورة تطورا ايجابيا كريما، وعلى مدى سنوات الدعوة العشرين، انتقل الكثير منهم من حال إلى حال. وما زلنا نسمع بعض الناس يدندن..

وسلفنا الصالح رضي الله عنهم في نهجهم العام، كانوا يمسكون عن القول في الرجل، أو الترجمة له، يقولون: حتى ننظر كيف يختم له. اللهم أحسن خاتمتنا في الأمور كلها. ثبت قلوبنا على دينك، واجعل خير أيامنا يوم نلقاك..

لا يريدون أن يسبقوا بالقول.

شخصيات كثيرة ممن عرفت، وعايشت، سارت في المساقات نفسها..

منهم علماء وأدباء ومفكرون بدؤوا بدايات منحرفة أو ضالة أو متعثرة، أو أمعنوا في العداوة والكيد لأهل الايمان وأهل الاسلام؛ ثم ختم لهم ما علمت بخير، وسرني ذلك وأفرحني وبشرني، ولا أزكي على ربي أحدا من خلقه بل أرجوه فيهم وفي نفسي..

أشخاص آخرون ممن عرفت وقاربت وعاشرت وكنت آسى لما أراهم عليه من استخفاف وولع بالمعاصي ثم رأيتهم بحمد الله قد آبوا..

وكما كان من ذا، كان من نقيضه والعياذ بالله..

وأقرب الأمثلة رأينا ورأيتم ممثلين وممثلات قد تابوا وآبوا، لم يتوبوا من التمثيل فقط، بل من الفجور الذي كان ضريبته وهذا هو الأهم

ومفكرون.. علماء كتاب بل دعاة وعلماء أجروا طوابقهم العليا للشيطان..ثم آبوا

أتذكر خالد محمد خالد رحمه الله تعالى الأزهري الذي يقول في ستالين يوم مات ستالين: طبتَ حيا وميتا..الكلمة التي قالها سيدنا ابو بكر في سيدنا رسول الله!! وتعجبون!!

خالد محمد خالد الأزهري صاحب كتاب "من هنا نبدأ" والذي رد عليه الشيخ الغزالي بكتاب "من هنا نعلم"

ثم أبى خالد محمد خالد رحمه الله تعالى إلا أن يعلن توبة وأوبة إلى الله وانخلاعا مما كان عليه، رحمه الله تعالى..

هزني الطرب عندما سمعت المفكر محمد عمارة يتحدث عن "طه حسين" المتعلق بأستار الكعبة، بعد أن ..

أول ما تعرفت على طه حسين وانا طفل ربما في العاشرة: من كتابه "الوعد الحق" ما تزال عباراته طرية في ذاكراتي، ثم كبرت وقرأت واضطربت، وبقيت كلماته عن سمية وياسر وبلال عالقة في فؤادي..

وفرحت بل طربت لما روى الدكتور عمارة. عاد الآبق آلى البيت…

وإذا سمعتَ أن بعيدا قد اقترب، أو آبقا قد عاد، أو عاصيا قد تاب فافرح، ولا تحك رأسك وتتلمظ وتتشرط.. لا أحد يريد مني شيئا ولا أحد يضيق عليّ جنة، وعطاء ربنا غير مجذوذ، وجنتها بعرض السموات والارض.

وكنت كلما قرأت كتابا لموسوعي الفكر والعلم والأدب والتأليف والترجمة الأستاذ "عبد الرحمن بدوي" وهو المفكر والفيلسوف والمترجم والمؤلف المجلّي في كل الميادين التي قاربها على كثرتها، أشعر بالغصة والمرارة: أسأل نفسي: أيعقل ان يكون صاحب هذا العقل والفكر والأدب…منكرا !! حتى علمت أنه قد ختم له بخير.. والحمد لله رب العالمين..

تسمع بالرجل زلّ فلا تتعجل وقل لعله تاب.. لم يقنعني السادة الصوفية بما قالوا في فرعون قط، ولكنني لن أناقشهم فيه أبدا..

شيخ عرندس قال لنا يوما في حلب: لعله إذا قبل منه أن يقبل مني ومنكم!!

لا تتعلقوا بزلات الناس، وافرحوا بتوبتهم فإن ربهم يفرح بها…

كان لا يصلي .. كان لا يصوم.. كان يدعو إلى ..

إن الله يبسط يده في الليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده في النهار ليتوب مسيء الليل..

والعجب كل العجب ان الله جلّ الله يغفر وأن العبيد يتنمرون..!!

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 1037