حول قارب الموت
وصلتني رسائل كثيرة، تتعاطف مع ضحايا قارب الموت، القارب الذي غرق منذ أيام قبالة ساحل اليونان، غرق أو أُغرق أنا لا أدري، قالوا وعلى متنه مئات الأشخاص كلهم تقريبا من لَحمتنا. لَحمتنا التي فُرمت، قيمة، كما نقول في حلب.
قالوا وفي ثنايا هؤلاء بعض اللحم مما يلي الرقبة، يعني من سورية، مائة وعشرون سوريًا، أو يزيدون، وقالوا أكثرهم من درعا، وجعلوا محطتهم إلى ليبية، وخرجوا منه في تغريبة بني هلال…
تابعت الخبر منذ يومه الأول، لم يستفزني لأعلق عليه، قرأت تعليقات الآخرين، كانت كلها رصينة ومسددة وقد أحسنت صياغتها، ولكنها لم تستدعِ مني أن أكتب لأحد أصحابها كلمة شكر وهي عادتي..
لا أدافع عن موقفي، لا أنتقد موقف الآخرين لا الذين علقوا، ولا الذين صمتوا، استوى الماء والخشبة، كما تقول العرب..
جزى الله الجميع خيرا، نحن نغوص في بحر المجاملات.. وإنما يفسر موقفي شعور يغلبني أن سورية كلها قد أصبحت قاربا للموت، وكلها بالنسبة إليّ تعني كلها.. الغرقى في قارب الموت السوري أكثر من الناجين..
لستُ يائسا ولا ميئسا، ولا مدعيا على غير نفسي، ولكنني أقول: حسبي الله ونعم الوكيل..
ويرد عليّ ابو مرة : ولو قلتها وأنت في قعر بيتك منذ خمسين سنة لما غرقت في بحر اليونان..
وأعلمُ أنه شيطان، وأنه قادر أن يفحمنا عندما يقول: (وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ)..
وسوم: العدد 1037