هل عادت سورية قمرة وربيعا؟؟ ومجلسا للصلاة والسلام على سيدنا رسول الله؟؟

أحدهم يسأل: لماذا هناك انطباع عام عند حكومات وشعوب المنطقة والعالم، أن الحرب في سورية انتهت، وأنه لم يعد هناك داع أو مسوغ لهجرة المهاجرين؟؟

وأجيب ويحدث هذا نعم، وله أسباب أركز منها على سببين!!

أولا- لأن لهذه الأطراف مصلحةً في اعتقاد ذلك، والجهر به، والدفاع عنه. ولبوس هذه المصلحة متعدد منه القومي، ومنه الاقتصادي، ومنه الاجتماعي.

ثانيا: لأن حال المجموعات السورية المهاجرة يكرس عند الآخرين هذا الشعور.

هذه المجموعات المهاجرة، التي تقدم نفسها منافسا قوميا وسياسيا واقتصاديا بل واجتماعيا أيضا في كل موطن تقيم فيه.

لنلاحظ معا كيف أحدث تحديً "الشوكولامو" هزة وضجة في فضاء السوشيال ميديا، أكثر مما يحدثه أي خبر يومي عن قتل وتيتيم واعتقال وتعذيب بل واغتصاب!!

يموت رجل مودع في مثل عمري، فيحتفي بوفاته السوريون احتفاء ايجابيا أو سلبيا، ليس هذا موضع حديثي، أكثر من احتفائهم بمقتل الرجال الذي قتلوا اليوم في سوق الخضار في أطراف جسر الشغور!!

كل رجل من هؤلاء الشهداء المرابطين وراء بسطات طلب الرزق،ولن أقول القتلى، ودع. حياة وآمالا وخلف وراءه أيتاما صغارا وسوف يستقبلون العيد بدون أب!! وإسألك هل انتصرت لهؤلاء الأيتام بكلمة!!

هل الجمهور العام من المهاجرين لا يعنيهم ذلك، وأنا أتابعهم كل صباح حتى أحبطوني: أحدهم يرسل صورة باب داره. وآخر يدعو إلى محاضرة عن الراحلين إلى طيبة، وثالث صورته وهو في لباس الإحرام يطوف، بل بلغ ببعضهم ان يكتب أدعية يزعم أنها مخصوصة مجربة كما كان يكتب الامام السيوطي في كتاب "الرحمة في الطب والحكمة" عن وصفاته فعليك به فإنه مجرب.

أكلمك أنتّ، ولا أكلم غيرك، لا تزمّ لي شفتيك برما، ولا تنغض لي برإسك، ما هي آخر مرة كتبت فيه منشورا أو تغريدة أو مساقا أو مشقا، تتحدث فيه بتفصيل أو توثيق عن الهولكست المستدام في تلك التي تسميها بلدك سورية؟؟ وثّق وأرسل..ما هي آخر مرة كتبت فيها عن

الهولكست الأحدث والأطول في تاريخ المحارق البشريةً؟؟ ولكي لا أبعد شاهدي، كيف تعاملت مع جريمة اليوم، وأنت تستعد مع أسرتك في مهجرك لاستقبال العيد!!

متى كانت آخر مرة ذكرّت فيه بأختك أًو بابنتك المعتقلة الحرة - وكلهن لنا أخوات وبنات- يسومها المجرمون ما يسومون…

وبعض الأحباب يظلون يرسلون لي كل صباح "اذكر الله" أو "صلوا وسلموا على رسول الله" أو "غدا جمعة فأكثروا من الصلاة على رسول الله"..

وأنا أقسم بالله العلي العظيم يمينا برة ألقى عليها الله ربي، لو أن الواحد من هؤلاء كتب في كل مرة بدل هذا الكلام الطيب، كلمة يندد بها بالظالم، ويوثق ظلمه، وينصر فيها المظلوم، ويسعى في كشف الضر عنه لكان خيرا له عند الله وعند رسول الله، ولا أتألى في ذلك على الله، ولكن رسولنا صلى الله عليه وسلم علمنا فيما علمنا الكتاب والحكمة. وقال سيدنا عمر رضي الله عنه، لقوم وضعوا الكلام في غير موضعه "لقد علمتم لو كنتم تعلمون"

تصور معي، واحذر ان تحترق الصورة" لو أن كل المنشورات والتغريدات والسحبات، والسجحات التي تعج بها وسائل التواصل من النمط الذي ذكرت تحولت، إلى الحديث عن الهلوكست السوري في يومياته الأحدث، ففي سورية كل يوم خبر جديد.. تكاد الجبال يتفطرن منه.

وما يزال يرسل لنا صورة وجبة المكمور والمقمر والمقشر..!!

في فضاء القرن التاسع عشر خرجت هجرة من لبنان وسورية إلى الأمريكتين، وكانت هجرة طوعية، يقال لها هجرة اقتصادية وكان للمهاجرين - غير المهجّرين- فيها أنين درسناه ووعيناه تحت عنوان خاص سميناه أدب المهجر

يقول الحمصي فيها:

عد بي إلى حمص ولو حشو الكفن

واهتف أتيت بعاثر مردود

لماذا يظن الناس أننا طاب لنا المقام في بلاد المهجر؟؟

لأننا لم نعد ننشد

عليك مني السلام يا أرض أجدادي

ففيك طاب المقام وطاب إنشادي

والفاضي بيعمل قاضي. وأنا أيضا أبكي عندما أسمع منشدا ينشد يا راحلين إلى منى، أو حين أسمعهم يهزجون لبيك اللهم لبيك.

ولكن النحيب مع الأطفال الذين قتل الروسي والأسدي أباءهم هذا الصباح إوفى في ميزان الله حتى نأطر الظالم على الحق أطرا..

ما كان حافظ أو بشار الاسد سيخرجوننا من سورية من أجل مجلس صلاة على النبي، ولا من أجل محاضرة عن ثواب الصوم في الأيام العشر.!!

كفوا عن السوريين بعض جشاءكم فقد غطيتم على المجرم والجريمة بهذا الثغاء.

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 1038