عجبا لمن يستبيحون مشاعر الأمة الدينية باستهداف رموزها لكنهم لا يستسيغون الرد عليهم بما يصور جهلهم الفظيع بأمور الدين

كثر مؤخرا في بلادنا استفزاز الشرذمة المستبيحة لمشاعرالأمة من خلال استهدافها رموزها  الدينية، سواء  تعلق الأمر بالمصنفيين في المجال الديني  ، أو بمصنفاتهم ، وقد تجاوزت في ذلك أقصى ما عندها من أساليب الإساءة بصلف كبير ،وبسوء أدب مع  قدماء أئمة الحديث تحديدا  ،ومع العلماء ،والمفكرين،  قديمهم، وحديثهم، أمواتهم ،وأحياؤهم ، ومع عموم الدعاة ، والخطباء، بحيث لم يسلم أحدهم  من  خبيث ما يفوهون به من ساقط الكلام ، أو ما تخطه أقلامهم القذرة من زور وبهتان،وهي مستأجرة من طرف من يبغضون الإسلام في الداخل والخارج ، وإنهم ليعتبرون إساءتهم  مما  يسمونه حرية الرأي، وحرية التعبير، لكنهم  حين يأتيهم الرد على إساءتهم بالكشف عن جهلهم الفظيع بأمور الدين ، يزبدون ويرغون ، ويضجون بالشكاة من ذلك ، وكأن حرية الرأي، وحرية التعبير حكرا عليهم وحدهم دون سواهم ،فأقبح بها من ذهنية متكلسة وإقصائية.

وتتكون عناصر هذه الشرذمة من أصحاب اهتمامات شاذة ، فمنهم المرتزق بطب الأعشاب يسوقه بين الناس ، ويقتات مما يدره عليه ولوج المخدوعين به في وسائل التواصل الاجتماعي ، وهو يستجدي إعجابهم بما يصفه لهم من أوهام العلاج، متعاليا  بذلك على أهل الطب والاختصاص . ومنهم الذي أخذ منه هوس العرقية ، والطائفية كل مأخذ ، فجعل يزهو بعرقه، وطائفته ، ولهجته ، ودونه حقيقة أن كل الخلق من ذكر وأنثى ، لا ينكر ذلك إلا  جاحد أومكابر، وأن التفاضل بينهم  بالأعراق والطوائف  مجرد وهم، وخرافة ، وأن التفاضل إنما يكون بينهم بالتقوى ، و أنّى له ذلك ، وهو فاقد لهذا لفضل بتهتك  لا يفتأ يجاهر به . ومنهم من كبا به حظه من العلم ، فأراد أن يتشبه بأهل العصامية في  اكتسابه، لكنه زبّب ، ولم يحصرم ، وكان حاله كحال البغاث المستنسر إذا ما خلت الأرض من النسور.  ومنهم من أجرم باسم الدين  عن جهل وغلو ، وتاب من جرمه بعد حبسه ، فانصرف بعد ذلك  عن تدينه المغشوش، وولّى وجهه صوب  معسكر  الغواية والتهتك ، فانتقل بذلك  من داعية إرهاب، وإجرام إلى داعية فاحشة  واستهتار ...إلى غيرذلك من هؤلاء وقد كونوا حلفا أوهى من بيت العنكبوت، وقد استزلهم  الغَرور، ونفخ في غُرورهم ، وأغواهم بما أغوى به الأعرابي المتبول في زمزم موسم الحج، طلبا للشهرة ، فكانت له شهرة لعنة الحجيج .

والغريب أن أفراد هذه الشرذمة ،يستجيرون بالمؤسسة الدينية الرسمية  عندنا حين يريدون النيل من  علماء، ومفكرين، ودعاة، وخطباء ، وكتّاب يفضحون جهلهم الفظيع بالدين ، وتطفلهم عليه ، ومروقهم منه ، ودعوتهم للمنكرات ، لكنهم يغضبون حين يصدر عن هذه المؤسسة ما لا يرضيهم ، ويتهمون علماءها باعتدائهم عليهم ، ويتهمونهم باستغلالهم مراكزهم فيها من أجل ذلك . فعجبا لمن يحكّمون  هذه المؤسسة الدينية الرسمية ، ويرضون بحكمها حين توقف الوعاظ والخطباء الناهين عن منكراتهم ، والفاضحين لها  ، ويرفضون حكمها حين تكشف عوراتهم .

وأخيرا نشير إلى أن هذه الشرذمة يخيّل إليها ـ وهي واهمة في ذلك كل الوهم ـ أنه قد حان وقت علمنة المجتمعات المسلمة ، ومنها مجتمعنا ، لهذا كثر لغطها في الآونة الأخيرة ، وهي تروم استغلال الظرف الدقيق الذي تمر به تلك المجتمعات المستهدفة في دينها، و في هويتها  الإسلامية من طرف الصلف العلماني الغربي الذي يريد تمرير ما لا تقبل به الأمة المسلمة المتشبثة بكتاب ربها عز وجل ، وبسنة رسوله صلى الله عليه وسلم . ولقد جندت العلمانية الغربية عرّابين من بني جلدتنا من أجل تمرير ما يستحيل أن تقبل به الأمة ، وقد رصدوا لذلك أموالا تصرف لأمثال الشرذمة المارقة في مجتمعنا كالتي ذكرنا في هذا المقال ، وسيكون إنفاقها حسرة عليهم ثم يغلبون .

وسوم: العدد 1039