أين راشد الغنوشي؟
تونس ـ: تلقت «حركة النهضة» الحزب الإسلامي الرئيسي في تونس، ضربة قوية باعتقال رئيسها راشد الغنوشي، بعد مداهمة منزله في 17 نيسان/ابريل الماضي، على خلفية الاشتباه بعلاقته في قضايا لها صلة بعمليات إرهابية. ونفت «النهضة» دوما بشدة أن تكون لرئيسها أية علاقات مع تلك الجماعات. ومضت أشهر عديدة بين حل الرئيس قيس سعيد، لمجلس النواب المنتخب في 2019 ومداهمة منزل الغنوشي رئيس المجلس.
ولوحظ أن قيادات وسطى وبعض رموز الحركة قرروا مغادرتها بسبب الخلاف مع رئيسها على الخط السياسي. لكن المنسحبين والمنسحبات من الحركة توزعوا على ثلاثة أصناف: فهناك من أيدوا الطبيب عبد اللطيف المكي، الأمين العام الأسبق لاتحاد الطلاب الذي تُديره «النهضة» وأعلنوا عن تأسيس «حزب العمل والإنجاز» المعتدل. وبقيت مجموعة أخرى متشبثة بانتمائها للحركة، وشاركت مع قوى وشخصيات حقوقية ومدنية، في تأسيس «جبهة الخلاص» التي يرأسها الزعيم اليساري أحمد نجيب الشابي، المعارض لبن علي. أما الصنف الثالث فيتمثل في المستقيلين من الحركة ومن العمل السياسي عموما.
وحسب منظمات حقوقية دولية يوجد حاليا رهن الاعتقال التحفظي رئيسا حكومتين سابقتين وعدد من الوزراء السابقين في حكومات «النهضة» إلى جانب رؤساء تيارات وأحزاب، تعتبر أن قيس سعيد أقام حكما ثيوقراطيا فرديا، وانقلب على «دستور الثورة» الذي وضعه أعضاء المجلس التأسيسي (2011-2014).
وعلى الصعيد الخارجي حظيت «النهضة» بدعم من نواب وشخصيات سياسية في أوروبا وأمريكا، من الذين حبروا بيانات انتقدت ما اعتبرته تقهقرا للحريات في عهد سعيد. لكن الأخير اعتبر تلك المواقف استنقاصا من سيادة البلد. ولوحظ أن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان هو الزعيم الأجنبي الوحيد، الذي تحدث علنا، قبل الانتخابات التركية الأخيرة، ليقول إنه اتصل هاتفيا بالرئاسة التونسية للسؤال عن أسباب اعتقال «صديقه» الغنوشي لكنه لم يتلق أي رد، ولم يُعرف ما إذا كان الرئيس التركي عاود الاتصال بنظيره التونسي.
وانطلق اختبار القوة بين الحركة ونظام سعيد عندما أقفل رجال الدرك الوطني مدخل مجلس النواب، حيث وضعت دبابة تابعة للجيش التونسي. كما انطلقت سلسلة اعتقالات ومداهمات لبيوت قياديين في الحركة، إلى جانب اعتقال شخصيات سياسية وحقوقية، بتهمة الضلوع في «مؤامرة لقلب الحكم» على ما قال سعيد في تبريره للحملة، من دون إعطاء تفاصيل.
وتعرضت «النهضة» إلى مضايقات مكثفة، إذ أخرجت من مقرها الرئيس في حي مونبليزير، بالعاصمة تونس، ومن مكاتبها في المحافظات وحل محل الأعضاء رجالُ أمن بلباس مدني. ويُعتبر احتمال إخلاء سبيل المعتقلين صعبا، بالرغم من مطالبة «جبهة الخلاص» بذلك في «وقفات احتجاجية» أسبوعية، أمام مسرح مدينة تونس، لأن المحاكم انطلقت في إجازتها السنوية، ولا يمكن النظر في ملفات الإفراج إلا بعد عودة القضاة في أيلول/سبتمبر المقبل.
وسوم: العدد 1042