الجزائر وتقلُّب الدوائر
ما الأخذ بالوَسَطِ سوى القبول بأقل ّضَرَر ، لذا ما كان بأحسن الأمور كما يتصوَّر مَن يتصوَّر ، بل حَلّ مؤقَّت يجعل الحال يُلَبِّي ذات الاستمرار ، لغاية العودة لأصل المفهوم بداية أو نهاية مهما كان الموضوع المُختار ، تعامُلاَ مع تبيان اللَّحظة بما تحتاج مِن تبسيطِ أفكار ، أو مباشرة الحركة لترسيخ المراد بالضَّبط كما يفعل زِئبق المِحرار . إذ لا وسط بين الصعود أو الهبوط ولا بين التَّغييب أو الإحْضَار، كما لا وَسَطَ بين الحق والباطل بالتأكيد لا ينفع بينهما أي سمسار. الوَسَط يوجِع أحياناً حينما يُخفي الحقيقة بين طرفي نفس الجنس كالسلبي والايجابي لطاقة التيار ، عما يسبب في انقطاع ما بينهما سَيَّار ، وإن حصل ضاع الكل بما فيه الوسط بشديد اختصار .
... الوسط غير "الوسطيَّة" الأول قائم بذاته مهما تباينت رموزه الملتصقة بالزمان والمكان وبالتالي المادة الملتحمة معه نُطقاً وما يشملها من استفْسَار ، لا ينأى عن المُرَكَّز كَمَرْكَزِ للكلمة في معانيها المميَّزة التي لا تحتاج لإقرار صحَّتها أيّ اجتهاد لفَرْضِ أيّ اختبار ، أما "الوسطية" فتمَوْقُع يساير الحاجة للاستقرار ، على أهداف ومنها السياسية لفصل التعصُّب المُطلق عن تقديم الليونة ولو لحين لا انهزام فيه ولا انتصار ، وإبعاد التشدُّد الأعمَى عن المشي خطوة وراء خطوة على طريق التفاوض السلمي المؤدي (إن حالفَ النَّجاح ُالعملية) لتهدئة الأوضاع لأنسب مِقدار ، ريثما يتمكَّن الإقناع من فرض التعايش بين فرقاء منهم مَن ظلَّ صابراً ومنهم مَن مَلَّ الأمل المرتبط بطول انتظار .
...الجزائر بشعبها الأصيل الشريف دولة عظيمة تعاملت مع الوسط بما يتطلًّب من وقار ، لا تَبِعَت حداثة ملوثة بسموم ما يُلقَى على بعض العرب كفِكَر ، ولا تخطَّت ما لها وما عليها حماية لكيانها من أي دمار ، سائرة في طريقها كما تريد وليس كما أرادَ لها بحكم ديمقراطية مزيفة السَّطحيِّ من أي اختيار ، لا تمد يدها لاستعطاف أي جهة أكانت متقدمة لها في الفضاء عالم خاص من أقمار ، مُتحكَّم في توجّهها من اليابسة بأصغر وأدق أزرار ، ولا مَن تُغَطِّي جيوشها نصف بلدان أسيا كأكبر من جلِّ الكِبار ، مظهرها الأناقة وجوهرها الأنفة ودستورها الكرامة ونفوذها الحريَّة وهدفها استقرار الاستقامة وعملها تقاسم الأخيار نِعْمَ الأدوار . غنية عن وسطاء السمسرة مخربي بعض الديار ، قوية متى طرق دنياها المشكوك في أمره ذاته في ذاته محتار ، مهما حمل على راحته من أثمن أَسْفَار ، لن يلقَى إلاَّ التأكيد أن الجزائر وسطها لا يحتاج لوسطية لكونها واحدة موحَّدة أكبر بكثير من مخططات الأشرار …(للمقال صلة)
وسوم: العدد 1043