قسد نمر من ورق وبيت أوهى من بيت العنكبوت
لقد ثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن قسد ما هي إلا نمر من ورق وبيت أوهى من بيت العنكبوت، فهذه قطعانها من الخفافيش تفر أمام ضربات رجال القبائل النشامى الذين هبوا هبة رجل واحد لطرد هذه الزمرة البائسة الانفصالية، بعد أن عاثت في الأراضي التي احتلتها الفساد والرذيلة والبغي؛ مستظلة بالباغي الأمريكي وجبروته وسلاحه الفتاك، فنهبت وسرقت وظلمت وجوّعت وهجّرت وغيرت معالم التاريخ والجغرافيا في الجزيرة العربية السورية وريف حلب الشمالي على مدار سبع سنوات تقريبا.
شرخ كبير بين العشائر العربية وجماعة قسد الانفصالية أحدثته المعارك الدائرة بينهما في دير الزور وريفها، فالبندقية التي حاول الأمركي كثيرا توحيدها في المناطق التي يحتلها في سورية ها هي انقلبت على بعضها عند اول خلاف بينهما، فعلى مدار نحو أسبوع من بداية الأزمة بين الجانبين سيطرت العشائر على العديد من القرى والبلدات التي كانت تابعة لقسد وكان آخرها بلدة البصيرة، وهي من كبريات البلدات في ريف دير الزور الشرقي بالإضافة إلى بلدات البحرة والدحلة وجديدة عكيدات، حيث شن مقاتلو العشائر هجوما على مقرّ قسد فيها وسيطروا عليها، وذلك بعد سيطرتهم على عدة حواجز عسكرية لقسد في بلدات ذيبان والشحيل ودرنج، وهاجموا رتلاً لقسد كان قادماً من الرقة، في منطقة الحاوي غربيّ دير الزور، وأغلق مقاتلو العـشائر عدد من الطرقات الرئيسية في ريف المدينة.
لقد عملت قسد خلال هذه السنوات العجاف تحت شعار أكذوبة محاربة داعش الإرهابية، فعملت، معتقدة، أن محاولاتها اليائسة لاحتواء داعش من خلال نشر عشرات الحواجز بين مدن وبلدات دير الزور، كذلك قامت بتوظيف عشرات الأشخاص في المنطقة كعيون وجواسيس يراقبون أي تحركات مشبوهة، لكن جميع هذه المحاولات لم تقدم أي جديد، فلا تزال خلايا تنظيم داعش تضرب بشكل شبه يومي وتغتال المتعاملين مع قسد.
وليس هذا فحسب، بل أصبحت داعش تشكل هاجس رعب حقيقي لكل من يعيش في دير الزور، وبالأخص لعناصر ميليشيا قسد الذين لا يجرؤون على البقاء في حواجزهم عادةً بعد صلاة العشاء في عموم أرجاء مناطق سيطرة قسد شرق الفرات، وذلك خوفاً من استهداف خلايا التنظيم لهم، إذ تختفي أغلب الحواجز من ريف دير الزور وجنوب الحسكة وريف الرقة، ويبدأ دور عناصر التنظيم في التجول ليلاً، وكأنه تبادل أدوار بين الطرفين.
ولكن يبدو أن بعض عناصر التنظيم هم من أبناء تلك المناطق المستهدفة نفسها كونهم يتحركون بسهولة وحرية وعلى دراية جيدة بطبيعة هذه الأماكن، وهناك من يتعاون معهم من المدنيين ويتسترون عليهم إما تأييداً أو خوفاً من بطشهم.
وفي ظل الانفلات الأمني المذكور فإن خلايا داعش تصول وتجول في المنطقة كما تشاء وتحكمها بأسلوب جديد، عبر الاقتصاد والعمليات الأمنية الخاطفة بدلاً من الحكم المباشر، فهم يفرضون "الزكاة" على التجار وأصحاب الحلال "تجار الماشية" والعاملين في قطاع النفط، إذ تصلهم تهديدات بوجوب دفع الزكاة لتنظيم «داعش»، وإلا فسيكون العقاب.
لقد فشلت قسد في ضبط الأمن، والوقوف في وجه القوة التي يتمتع بها تنظيم داعش؛ الذي فرض واقع أليم على قسد، حتى إن بعض السكان المحليين باتوا يلجؤون لعناصره لحل المشاكل فيما بينهم، وأغلب تلك المشاكل تكون عادة حول الميراث، أو المال أو الثأر أو الظلم أو قضايا تتعلق بشكايات عن السحرة والدجالين الموجودين في كل مكان في أنحاء شرق الفرات، بتسهيل ورعاية من قسد.
ومنذ إعلان ميليشيا قسد انتهاء المعارك ضد تنظيم «داعش» وسيطرتها على آخر معاقله في الباغوز بريف دير الزور الشرقي بداية عام 2019، والذي جاء بعد سلسلة معارك طويلة وبدعم من التحالف الدولي الذي تقودهُ الولايات المتحدة الأمريكية، فإن مناطق سيطرة قسد في دير الزور تعيش فلتاناً أمنياً غير مسبوق، وتشهد نشاطاً متصاعداً لخلايا تنظيم داعش يستنزفُ قسد في شرق الفرات بعملياتٍ شبه يومية تستهدف عناصر الميليشيا والمتعاونين معها بالدرجة الأولى.
وتعجز قسد عن احتواء التنظيم وفرض الأمن في المنطقة الممتدة من الباغوز بريف دير الزور الشرقي وصولاً لجنوب محافظة الحسكة، ومناطق أرياف الرقة الجنوبية والشرقية، فرغم كل المحاولات التي تنفذها الميليشيا القسدية لتدارك الأمور، من اعتقالات عشوائية تنفذها عادةً على الشبهة أو تستهدف فيها عناصر سابقين للتنظيم، وإنزالات جوية وحملات أمنية ينفذها التحالف الدولي وقوات ما يسمى مكافحة الإرهاب"HAT" التابعة لـميليشيا «قسد» لكن دون جدوى، فإن خلايا التنظيم تنشط بكل حرية.
ففي الشهور الثلاثة الأخيرة نفذت قسد والتحالف الدولي أكثر من 23 عملية اعتقال وإنزال جوي تم من خلالها اعتقال ما يزيد عن (350) شخصاً غالبيتهم من المدنيين، من عموم مناطق دير الزور الخاضعة لسيطرة «قسد»، معظمهم من البصيرة، ليتم لاحقا إطلاق سراحهم بعد أن تعرضوا للتعذيب في سجون قسد سيئة الصيت.
لكن هذه العمليات المستمرة لم تأت بجديد، فالفلتان الأمني أصبح واقعاً معتاداً يخيّم على المناطق التي تسيطر عليها ميليشيا «قسد» شرق الفرات وفي دير الزور تحديداً، حتى سكان المنطقة اعتادوا على حوادث قتل يومية ينفذها ما تصفهم قسد بالدواعش، تستهدف قيادات من قسد.
أمام هذا الفلتان الأمني والبغي المنظم التي تمارسه قسد على سكان المنطقة من إفقار وتجويع وترويع وحصار واعتقال وتهجير؛ هبّت العشائر والقبائل العربية هبة رجل واحد في دير الزور شرق سورية، الذين شنوا هجمات على حواجز لما تسمى قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي تقودها وحدات حماية الشعب الكردية شمال دير الزور، بينما اندلعت اشتباكات أخرى بين مقاتلي العشائر ومجلس دير الزور العسكري من جهة و"قسد" من جهة أخرى، في مناطق مختلفة بدير الزور بعد اعتقال "قسد" قائد مجلس دير الزور وقادة عسكريين آخرين يوم الأحد 27/8/2023.
وشملت الاشتباكات مدينة الشحيل وبلجة ذيبان وقرية أبهرية وبلدتي الحصين والعزية، شمال دير الزور، وقرية الصغيرة بريف دير الزور الغربي.
وذكرت المصادر أن قوات "قسد" قصفت بالأسلحة الثقيلة بلدة العزبة، بالتزامن مع إرسال العشائر تعزيزات إلى منطقة الحريجية حيث تدور اشتباكات عنيفة بين الطرفين.
وفي سياق متصل، أشارت مصادر محلية إلى أن الأهالي قطعوا الطريق العام في بلدتي الحريجية والصبحة احتجاجا على اعتقال قادة مجلس دير الزور العسكري.
كما أفادت مصادر محلية بأن قوات سوريا الديمقراطية بدأت بالتقدم باتجاه مناطق سيطرة مجلس دير الزور العسكري التابع لها، بعد اعتقال "قسد" قادة المجلس ومحاصرتها آخرين في مدينة الحسكة.
وأوضحت المصادر أن اشتباكات اندلعت بين ما تعرف قوات "قسد" ومقاتلين تابعين لمجلس دير الزور العسكري في قرية الربيضة وتلة الفدين في ريف دير الزور، مما أسفر عن خسائر بشرية في صفوف الطرفين.
وسارعت العشائر العربية بالمنطقة الشرقية والشمالية من سورية إلى إصدار بيانات إدانة، واستعدادها للمشاركة العسكرية بالعمليات القتالية، وإرسال المؤازرات لمجلس دير الزور العسكري بقتاله ضد "قسد" التي تقودها الوحدات الكردية.
وتناقلت مواقع التواصل الاجتماعي تسجيلا مصورا لتجمع عدد كبير من أبناء عشائر "البكير" في قرية الحريجية بريف دير الزور، للمطالبة بالإفراج عن قائد مجلس دير الزور العسكري وإمهال "قسد" مدة 12 ساعة، وذلك عبر بيان مصور.
كما أعربت العشائر العربية بمنطقة جنديرس شمالي حلب عن رفضها لتصرفات "قوات سوريا الديمقراطية" تجاه العشائر العربية بالمنطقة الشرقية.
وفي تسجيل مصور على مواقع التواصل، دعا عدد من أبناء العشائر العربية المهجرة من المنطقة الشرقية والمقيمين في رأس العين شمالي الحسكة والتي تقع تحت سيطرة الجيش الوطني التابع للمعارضة، دعا تركيا للسماح لهم بالعبور إلى دير الزور للقتال ضد قوات "قسد".
وتداول ناشطون مقطعا مصورا، لشقيق أحمد الخبيل قائد مجلس دير الزور العسكري وهو يؤكد اعتقال "قسد" شقيقه "أبو خولة" ووضعه تحت الإقامة الجبرية بعد استدراجه لاجتماع بمدينة الحسكة، وطلب من أبناء عشيرته محاصرة مقرات "قسد" لإطلاق سراح أخيه أو فتح جبهات القتال بشكل علني معها.
ونتيجة لذلك عارض المجلس العسكري نقل "قسد عناصر مجموعة الصناديد إلى شرق نهر الفرات بدير الزور، وقد اندلعت على الإثر اشتباكات بين عناصر المجلس العسكري وما تسمى الشرطة العسكرية لقوات "قسد" في 25 يوليو/تموز الماضي.
ويضم المجلس العسكري عناصر من عشائر العقيدات وبوسرايا والبقارة العربية شرق الفرات بمحافظة دير الزور، بينما تشكل عشيرة شمر العمود الفقري لمجموعة الصناديد، وكلتا المجموعتين عملت خلال السنوات الماضية تحت مظلة قوات "سوريا الديمقراطية"، وهي اليوم تتصدر موقف القبائل والعشائر السورية في قتال قسد لطردها من الأراضي السورية، ومنعها من إقامة كيان انفصالي يقسم سورية وتكون خنجراً في خاصرتها كما هي الحال مع الكيان الصهيوني.
المصدر
*أورينت-13/7/2021
*الجزيرة-29/8/2023
وسوم: العدد 1048