التكامل التربوي في الإسلام
* المميز في منهاج التربية في الإسلام أنها ترتبط بسمو الغايات والأهداف ، فتغرسها على مستوى الفرد والمجتمع والمؤسسات ، فهي في أبعادها ترمي إلى الشمول والتكامل ، تعطي العناية التربوية الكاملة لشخصية الفرد كونه النواة الأساسية في عملية البناء التربوي ، فتنشد صالح الفرد كونه عامل مهم لصالح المجتمع ، لأن الفرد الصالح آساس للمجتمع الصالح ، هذا الفرد الذي ننشده للمجتمع الصالح ، فرد مشبع بقيم الصلاح . لهذا نريده فرد مدرك لحقوقه وواجباته ، فرد يتمتع بالإيجابية ، فرد فاعل مؤثر ، وذاك الفرد الصالح نتاج طبيعي لتلك التربية سليمة المتكاملة ، بيئة محصنة تتوفر على مقومات و عوامل التحصين من الانحراف ، هو منتوج أسرة صالحة رسمت أهدافها ورسمت خططها بعناية ، يتشكل الفرد فيها وفق منهاج تربوي محكم ، تعدّ الأسرة رافد مهم تؤدي أدوارها بإتقان وأحكام .
- و يبرز هذا التكامل التربوي كونه يرجع سر نجاحه لمنهج متناغم مع الفطرة الإنسانية ، منهج يلبي احتياجات الفرد والجماعة ، فيوازن بين احتياجات الروح واحتياجات المادة ، يوازن بين مطلب العمل للدنيا ومقتضياتها ، والآخرة وسعادتها سواء بسواء ، كما أنه منهج يوازن بين حاجة الجسم للغذاء والرعاية ، وحاجة الروح للتربية والتزكية ، منهج يشجع على العمل والعطاء والضرب في الأرض ، كما يعطي النفس حاجتها للترويح والتنفيس والاستجمام في حدود دائرة المباح والحلال .
وهذا التوازن الطبيعي تصنعه التربية السليمة للفرد والمجتمع ، التي ينشأ عنها الاستقرار والاتزان الذي عجزت عن تحقيقه الكثير من المنظومات التربوية في واقع الناس للأسف .
- لهذا كله وجب على المهتمين بالتربية والتعليم العمل على استدراك الوقت لعلاج هذا القصور والخلل ، يجب أن تتضافر فيه جهود جميع المهتمين في شتى القطاعات والتخصصات ، يعمل الجميع من أجل تحقيق هدف واحد منشود ، مقصده تحصين الفرد والمجتمع من السقوط انهيار والإفلاس بإحياء التربية الصحيحة من خلال غرس الإيمان في النفوس والتوكل على الله سبحانه ، وتقوية التربية الروحية في النفوس ، بالإضافة إلى التحرر من الجمود والتخلف بالأخذ بالأسباب ولا يكون ذلك إلا بإتباع منهج القرآن الذي يشجع التفكير والتأمل والبحث يكفي العقلاء أن يتأملوا مفاتيح الأيات ( يسمعون – يعقلون – يتفكرون – أولي الألباب ... ) و لعل أكثر اختلالات التربية تمثلت في الاقتداء بالنموذج التطبيقي السيئ، نماذج تربوية فاقدة لزمام أمرها ترى في قيم أصالتها النقص ، فاستوردت قيم بعيدة عن موروث حضارتها وقيم هويتها ، وزادها تراجعا عدم استغلال الطاقات البشرية الهائلة التي تزخر بها الأمة في شتى التخصصات . وهؤلاء هم الثروة الحقيقية التي تفتخر بها الأمم التي أحسنت استثمار تلك الموارد البشرية ، وهذا ما تميز به غيرنا علينا ، فهم أكرموا وشجعوا ووظفوا ونحن خالفنا ذلك كله .
- والعجيب أن ديننا يبني الدنيا وينشد الآخرة ، فيرعى حق النفس ، كما يرعى حق الجار، يهتم بالأولاد والأزواج كما يرعى حقوق الآباء ، ين يهتم بمناحي الحياة جميعها ، هذا الذي يحق لنا الاعتزاز به والالتزام به في صورته العملية .
نفعني الله وأحبابي بكل كلمة أبتغي وراءها مرضاة ربي والفوز بجناته .
وسوم: العدد 1054