المحصول في إدرك المعقول من غير المعقول

وكتب إليّ أخ عزيز : من غير المعقول، أن تفنى غزة، وكل هذه الشعوب والجيوش تتفرج!!

فأجبته رجعا ومراجعة في سفر التاريخ

ألم يتفرجوا من قبل على معركة العراق، ثم على معركة اليمن ثم على معركة سورية؛ ومن قبل على معركة الايغور، ومعركة تركستان شرقية وغرببة، ومعركة أركان ومعركة كشمير، ومعركة الجزائر ومعركة المختار ومعركة الخطابي، ومعارك الأندلس ومعارك البلقان وتراقيا، التي قال فيها أحمد شوقي

يا أخت أندلس عليك سلام

هوت الخلافة عنك والإسلام

ومعارك الشام في حروبها مع الصليبيين، ومع التتار. وصمد ملك "ميافارقين" واسمها اليوم في تركية بلدة "سلوان" في وجه جيش هولاكو المتوحش، سنة كاملة، يكتب لصاحب حلب وصاحب حمص وصاحب دمشق: أنجدوا أخاكم، انصروا أنفسكم..؛ وكان الخوف قد عقد على قلوبهم، والجبن قد قعد فيها.. فعشش وباض كما هو اليوم في رؤوس وقلوب من يلينا. بل لعلي أقول إن أحسنت التشبيه قد قعد الخوف في قلوبهم قعدةَ الأعرابي في القليس..!! أتذكرونها قعدة، جرت أبرهة الحبشي إلى حتفه!!

صبر ملك ميافارقين على الحصار والتجويع حتى فني أكثر من في ولايته كما يفنى اليوم أهل غزة، والمسلمون من حوله يتفرجون، كما تفرجوا على خليفتهم يوم سقطت البهية بغداد، يضعه هولاكو في جوالق، جوال، ويدوسه بالأقدام وكل ذلك بمشورة الرافضي ابن العلقمي، وحين تمكن هولاكو من الكامل ملك ميافارقين، صلبه، ثم أخذ يقطع بضعا من لحمه، ويقليها بالمقلاة، ويطعمه منها.. رحمه الله تعالى

كان ملكها الكامل محمد بن غازي الأيوبي، ذاك الذي يجب أن يحفظ اسمه في كتب عناوين المجد

لولا المشقة ساد الناس كلهم

الجود يفقر والإقـــدام قتّـــــــــال

في معرفة المعقول من غير المعقول يجب أن نعيد قراءة التاريخ..

بطريقة أخرى على غير التي عودونا عليها

في أدب اللامعقول ننشد:

يا طالع الشجرة

هات لي معك بقرة

تحلب وتسقيني

بالملعقة الصيني