يا معشر المستلبين بحضارة الغرب المتوحشة أفيقوا من غيكم إن كنتم تعقلون

إن ما يحدث  اليوم في غزة العز المنيعة بإذن الله تعالى وعونه الذي خصّ به أهلها الشرفاء المرابطين فيها ـ  وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ـ  دون غيرهم ممن عطّلوا الجهاد ، والنفير ورضوا بالقعود مع الخوالف، وهم على الزحف والقتال قادرون  ، والصهاينة المجرمون على مرمى حجر منهم ، ليس بالأمر الجديد الذي يحدث أول مرة، بل لقد تكرر منذ الغزو الصهيوني الأول سنة 48 . ولقد كان من المفروض أن تستخلص من ذلك الدروس، والعبر، والعظات التي وعاها قوم ، وتعطل الوعي بها عند آخرين لأنهم مقيدون بأغلال الانبهار بالحضارة "الصهيوـ صليبية " المتوحشة، التي سجل التاريخ توحشها وقد غزت بلاد المسلمين بعد سقوط آخر خلافة إسلامية ، وعاثت فيها فسادا بتقتيل  أهلها وسلب خيراتهم ومقدّراتهم ، وهي التي استنبتت في قلبها  النابض بأرض فلسطين الورم الصهيوني الخبيث عن عمد وسبق إصرار ، وهي ترمز بذلك إلى فصل من فصول حروبها الصليبية القذرة نكاية بأبطال طردوها من رحاب المسجد الأقصى الذي باركه الله تعالى، وبارك ما حوله ،وطهره من رجس الصليب والشمعدان.

وما حرص الصليبيين الحاقدين على بقاء بني صهيون في الأرض المقدسة إلا إصرار منهم على  مواصلة تدنيسها، والتشفي والشماتة بمن طهروها من درنهم  ، وهم يعتبرون ذلك  حلقة من حلقات حربهم الدينية  التي يقدسونها ، ويعتبرونها واجبا دينيا مقدسا يرضي الرب كما يزعمون .

وإذا كان التاريخ لم يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا سجلها ، حتى وإن كان الصليبيون واليهود قد بذلوا قصارى جهودهم لتزوير فصول منه، وهم الذين حرفوا حتى ما أنزل الله تعالى عليهم ، فإن شريحة من المحسوبين على الإسلام  والمستلبين بالحضارة الصليبية ممن ضاق نظرهم ، وقصر فهمهم، قد وقعوا راضين خانعين في شراك نصبته لهم الصليبية الحاقدة بادعائها التنصل من عقيدة  الصليب في الظاهر، والبقاء والثبات عليها في الباطن مع التمويه على ذلك  بالتلبس بلبوس العلمانية التي انبهرت بها شريحة متنكرة لإسلامها ، وظلت تصدق مزاعم الصليبية بالبراءة من الصليب ، وهي تريد إغراءها بالبراءة من هلالها ، اقتداء بها، وسيرا على نهجها، وولوجا جحر الضب خلفها حتى أن الأمر قد  بلغ ببعض السفهاء أن رضوا بالذل، والهوان، والسبة والمعرة فقالوا : " كلنا إسرائيل " في وقت هي تدك بآلاف الأطنان من القنابل التي فاقت قوتها القنابل  النووية التي ألقيت على اليابانيين صبية غزة ،ونساءها ،وعجزتها، ومرضاها . وهل يوجد على وجه الأرض أحقر، وأخس ممن يرضى بالانتساب إلى مرتكبي جرائم حرب فظيعة ؟ وهل يوجد أجهل، وأبلد ممن يتبنى جناية الجاني التي لا ناقة له فيها ولا جمل  ، ويتحمل مسؤوليتها أمام الخالق والمخلوق ، وأمام التاريخ ؟ أليس قول من قالوا : " كلنا إسرائيل " قد تنكروا لذواتهم التي هانت عليهم ؟ و لقد صدق من قال : " من يهن يسهل الهوان عليه " .

ألم تقتنعوا  بعد يا معشر اللاهثين وراء الحضارة الغربية المتوحشة  بأن ما يجري في غزة إنما هو فصل من فصول الحرب الصليبية القذرة ،وأن الطائرات الحربية الغربية أمريكية وأوروبية تدك أطفال، ونساء غزة دكّا ، مقلعة من فوق حاملات طائرات ، ومن قواعد عسكرية  في عقر دارنا  مع شديد الحسرة والأسى ؟  ألم تسمعوا وزير خارجية الولايات المتحدة وهو يصرح بأنه زار تل أبيب بصفته يهوديا صهيونيا ،لا بصفته وزيرا أمريكيا معبرا بذلك عن حقيقة ما زلتم  أنتم لحد الساعة  تجهلونها ، أو تتجاهلونها ، أو تشككون فيها ؟

أما فهمتم بعدُ دلالة توافد قادة الولايات المتحدة ، وبريطانيا ، وفرنسا ، وألمانيا ، وغيرهم على الكيان الصهيوني الذي يصرح قادته بأن ما يقترفونه من جرائم حرب فظيعة في غزة إنما هو إرضاء للرب ، ويستشهدون على ذلك بنصوص من العهد القديم في الكتاب المقدس ، ومن نصوص تلموذية ؟

ألم تدركوا  بعدُ دلالة إصرار هؤلاء  الوحوش البشرية على رفض وقف حربهم القذرة ، واستعمال الفيتو من أجل تمديد أمدها إلى غاية إبادة جماعية لأطفال أبرياء ، ونساء ،وعجزة ، ومرضى ؟

أما زلتم ترددون معهم خرافة " معاداة السامية " التي صارت ذريعة لسفك دماء الأبرياء ، وابتزازا للعالم بأسره ، مع أن هذه السامية لا تعادي لعرقيتها  بل لعنصريتها ،ولإجرامها ، ولفسادها في الأرض؟

أما آن لكم أيها المستلبون بالحضارة الغربية المتوحشة  أن تفيقوا من سباتكم أو من  غيكم ، وتتوبوا إلى ربكم ، وقد نهاكم عن الولاء لليهود والنصارى  احترازا من أن تصبحوا منهم ؟  وها أنتم  اليوم تصرحون بألسنتكم  وبمواقفكم الخاذلة لإخوانكم في غزة أنكم جميعا صهاينة ، وأنكم شركاؤهم في توحشهم .

وأخيرا نقول إنه لا ينبهر بالحضارة الغربية المتوحشة إلا من سفه نفسه ، ولا يرضى أن تستلبه إلا من هانت عليه نفسه ، وسهل عليه الهوان ، ورضي بالدنية

والمعرة ، والسبة ،  فهل أنتم منتهون يا معاشر المتهافتين على نتن حضارة قذرة متوحشة، متغطرسة ، مستكبرة  أقوالها وشعاراتها في واد ، وأفعالها في واد آخر والتاريخ يسجل ذلك بالأدلة الدامغة والصارخة  ؟

وسوم: العدد 1057