رسالة إلى شيخي الذي أضاع الطريق

رسالة إلى شيخي

الذي أضاع الطريق

زهير ناعورة

بعض مشايخنا الذين مازالو يترددون بالصدع في كلمة الحق ، ويلوون الكلام كما تعودوا في خلافاتهم الشرعية ، وتأييد آرائهم الفقهية ، ومازالوا يرددون في مجالسهم الخاصة ومناصحاتهم لتلاميذهم ومريديهم ، بان ينزهوا مجالسهم عن ذكر الطغاة والمجرمين ونتركها شرعية تخصصيه وتربوية او سلوكية ،

الكلام في ظاهره جميل ولكن الغالبية من مشايخنا الافاضل ، يقولونها تهربا وتخوفا من المسؤولية امام الحاكم والمحكوم الذين تعودوا الخنوع له عشرات السنين ، رغبا بدنياه ورهبا من جبروته وسلكانه ، ومنهم من ادرك قوة بطشه ويخشى على الامة من الدماء التي ستسال ، والمصيبة الكبرى من الانجرار وراء العصيان والوقوف بوجه الطغاة

وبرغم ان الفأس قد وقعت في الرأس يا أفاضلنا ، والثورة أكلت مئات الالوف من ابنائنا ، وتحول شعبنا الى لاجئين في الشتات ، ونازحين في اوطانهم ، ينتقلون من الموت الى الموت ،

 وأما المعتقلات التي غصت بأطهار شبابنا ، واكثر من مئتا الف معتقل منهم الالاف من حرائرنا اللواتي بتن عرضة للذل والمهانة والاغتصاب

وطن تدمر فيه كل شيء الا بيوتكم أسيادنا ومشايخنا ، ولذلك لازلتم تنأون بأنفسكم عن الصدع بكلمة الحق ، والبعد عن واقع الامة التي انت من يجب ان يكون راعيها

الى متى ( أس يادنيا ) ستتغلبون على ضعفكم واستكانتكم واين انتم من قوله تعالى ( وقفوهم انهم مسؤولون )

كتبت هذه الرسالة الى شيخي ( المفترض ) طبعا لا اقصد هنا شيخا بعينه او مربيا فاضلا باسمه

فهل هي رسالة مفارق للطريقة والطريق ، ام معاتب لشيخ وحبيب ، ام هي رسالة خيبة أمل في مشايخنا أمثال هؤلاء ؟؟؟

تكلّم بعض الناس في مجلس شيخنا على بعض الطغاة الظالمين ، فظهر الامتعاض في وجهه الملائكي ، وقال له ( نزّه فمَكَ ومجلسَك (ومن يريد الخوض في السياسة فليعتزل مجلسنا . 

 

 

شيخنا واستاذنا هل نفهم من كلامك اننا يجب ان نترك هؤلاء الطغاة يعبثون بنا وبأوطاننا ؟؟؟؟ ، وهل يجب علينا ان نسكت افواها تأذت بالظلمة والظالمين ، قتلت وشردت ودمرت بيوتها ، وفقدت كل شيء من متاع دنياها ، واصبحت تستجدي طعامها من الصديق والعدو والجار ، وتفرح لخيمة تأويي صغارها ، وخلفها تركت الابن والزوج والاخ والعم

قبل ثلاث وثلاثين عاما كان اخي الاكبر عبدالهادي كآلاف شباب المؤمنين تغص بهم جنبات المساجد في سوريا عامة وحلب بشكل خاص و في رحاب مسجد ابي ذر كان نسمة جميلة من نسماته , وطائرا مؤمنا محلقا في سماء الايمان ،

اعتقل بلا ذنب ولا جريمة ،ومنذ ذلك الوقت تندب أمي حبيبها الغائب ، ومازالت الى الان ترفض ان يغلق باب البيت وهي تنتظره بحب وشوق ، ملات الخزانة بملابس جديدة ومازالت تنتظره ، اضمرت في نفسها ان خرج ان تخطب له فلانة او فلانة وذهبت العرائس ولكن أخي لم يعد ، دموعها في تجدد وحزنها لم ينتهي ، وآهاتها تعبر السموات السبع ويهتز لها عرش الرحمن

وانا كانسان اكتوى بنار الطاغية ، أجد ان دموع أمي كلها لعنات على هؤلاء الطغاة ، وقلبها المحطم منذ عشرات السنين لابد ان ينطق الما وقهرا ودعاء مع كل ساعة كن نهارها او ليلة في سجودها وتبتلها .

واما انت يا أبي فقد غبت عن الدنيا ,وقلبك مملوء بالشوق والحنين , والحب يغالبه الأنين, والانتظار الذي سبقته العثرات والسنين ، وآهات كانت تنتظر اللقاء او في جنان الخالدين .

مات وفي انفاسه الاخيرة ذكرنا ، مات والدعاء لم يكن ليكف وهو ينتظر عودتنا ، دموعه مشت معه الى مستقر رحمة الله ، فقد حفرت لها اثار وأخاديد رسمت طهارة فارسنا ،

هذا اخي فضيلة الشيخ ضحية كمئات الالاف من ضحايا الطغاة ، وامهاتنا واباؤنا قد ضجت السماء بدعائهم ، ومحاريب صلاتهم التي ما جفت وهي تسبح دموعا ودما مسفوحا،

شيخنا اليس لنا حق ان نتبتل الى الله جهرة من القول وسرا في محاريب السجود ، اليس من الواجب شرعا ان ينبري علماؤنا فيقولوا قولة حق عند سلطان جائر ظالم حقود ، اليس من الواجب شرعا ان نجدد العهد بالدعاء الى الله وان نجتمع عشرات ووحدانا في داخل الوطن وخلف اسوار الحدود ، لننتصر لدمائهم المسفوكة بيد طغاة العصر ابناء هولاكو والنمرود ،

 شيخي الحبيب وانا اتشرف بتقبيل يدك الطاهرة حبا وعرفانا ، ان اقول لك كما كان مصابنا في الامس هو مصابنا اليوم واحد::::::: أتدرى لماذا ؟؟؟؟؟

سؤال لن يستغرق منا وقتا للإجابة ؟؟؟؟

لأننا ببساطة سكتنا ، وأخذنا بنصائح مشايخنا وحكمائنا المخذولين المتخاذلين ، ورضينا بالذل والهوان ، فتكالب الدعية والطاغية على امتنا , وهل نفعنا الندب والعويل والصبر على البلاء والتصبير ،

 شيخي الحبيب انا اكتب كلماتي ودموعي تسابقني , وآهات قلبي تطير الى عالم العدل الرباني ، نعم والله ان دموعي تنهمر كما كانت دموع ابائنا وامهاتنا من قبل ، اعادت الى ذاكرتي ثلاث وثلاثين سنة من القهر والغياب والبعاد ، لن ارى بعد اليوم من مانع شرعي بإيجاب الدعاء على الطغاة وذكر جرائمهم بالسر والعلن وبكل وسائل النقل في كل زمن ،

شيخي الحبيب : كيف لي ان اعرف ان حمزة الخطيب قد استشهد طفولة وغدرا ؟؟؟؟

وكيف لي ان اعرف ان بناتنا وحرائرنا اغتصب امام اخوتها وابيها فجورا وجهرا ؟؟؟؟

كيف لي ان اعرف مئات الالاف من الشهداء الذين ملأت صفحات النت اخبارهم وكيف مضوا الى الجنات صبحا ومساء وعصرا ؟؟؟؟

كيف لي أن أعرف ان حيي قد تهدم ، ومدرستي اصبحت ركاما ، وأهالينا دثرت اشلاؤهم تحت بيوتهم ، واصبحت احلامه في خيمة تحتضن صغارهم وأيامهم البائسة واحلامهم الضائعة .

كل هذ القدر من الاخبار واضعافها لم تكن لتصلنا الا لما رفعنا اصواتنا جهارا نهارا فوصل الصوت الى الدنيا واهتزت لصداه قلوب الانسانية ،

شيخي انا من حمل الاشلاء بين يدي قطعا ممزقة ، في اكثر من مكان في ارض وطني ، مازال جسمي يتحسس الالم والانهيار من هول الفاجعة ،

نعم شيخي حملت بقايا انسان وانهارت كل اركاني ، وخارت قواي سقطت شبه مغشي علي ، نعم لم استطع الصبر والمقاومة ، رغم اني كنت احسب نفسي فارس الميدان

هؤلاء كلهم اخوتنا واهلونا ، اشقاؤنا في الدم والمواطنة والاسلام والسلام ،

شيخنا لقد اخترت التوقيت الخطأ في نصيحتك , بعد ثلاث سنين ، قتل وقهر وإذلال وإستحياء للأرض والعرض

لقد استخدم عدونا وسائله كلها في خدمة كرسيه واذلال شعبه وبسط سيطرته ،

واستخدمكم اولا بصمتكم حينا وبتأييدكم احايين كثيرة ، وما تكلمتم

 جاء بكل الرافضة المجوسيين الى ارضنا واعلنوها دفاعا عن الشيعة في ارض الملحمة وما اهتزت اركانكم

الاف مدججة بالسلاح تعتدي على اهالينا من جنود المجوس وتعيث في الارض فسادا وافسادا ولا زلت صامتا ، ولا تحب ان ينزه مجلسكم الكريم ،

اعلن العالم كله وقوفه الى جانب الطاغية وشيعته ، ولو كلفهم ذلك دمار سورية كلها انسا ونسلا ، ومازلت تنزه مجلسك عن ذكر الطغاة والمجرمين عالم الشريف الانسان انتفض اطهار الارض وعاهرات الهوى بكت ورقت لحالنا وانت حيث انت صامت داخل كهفك ، منعزل في جوانب قلبك المتعفن الجبان

آآآآآآآآآآآآه ياشيخي كم ابتعدت عن الطريق ، وكم تخلى عنك الحبيب والصديق ، وكم اهتزت لك نظرات مريدك وهم ينادوك في أزمات وضيق ، وضعت اصابعك في آذانك وأبيت الى أن تكون وحدك في طرف العدو والزنديق ،

تبت يداك أهكذا تكون مشيختك ، إنها صنف العبيد ، انها صنف من تخلى قلبه عن الله والمحراب ورفاق الحب والطريق .

سأعود أبحث في دفاتر الزمن الغابر عن رجالاتنا الأسود ، من الصحابة إلى الطفل الذي قهر النمرود ، الى ابن تيمية والعز بن عبدالسلام بائع الملوك ، الى شيخنا الحديدي مروان ، أسد هصور وهو في القيود ، الى الشيخ ابي النصر البيانوني وقد امتدت اصبع التوحيد عاليا لتزلزل عرش الطغاة ، الى الشيخ موفق سيرجية ومحمد خير زيتوني والشيخ محمد الحجار والشيخ عبدالله علوان والشيخ طاهر خير الله ووووو كلهم صدعوا بكلمة الحق , وكنا نحسبهم متعجلين او ربما متهورين

ولكننا وجدنا طريقهم الحق الذي قالوه، وسجنوا وقتلوا واخرجوا من ديارهم لأجله ، وما لانوا وما استكانوا مثلك وأمثالك

سيدي الشيخ اعتذر بعد اليوم ان اناديك شيخي ، واعتذر ان اقبل اياديك كما كنت أفعل , فقد كنت مغيب الفكر والعقل بين يديك ، وماعادت عباراتك (اطفئ سراج عقلك واتبعني ) تنفعني ، ولا عادت مجالسك البعيدة عن واقع الامة وهمومها تغريني ، سألتمس شيخا حمل السلاح وقال بقوة الايمان هي لله هي لله وأكون رفيقه وجليسه ، سأتخذ ممن استشهد من طلبة العلم الصغار منارة اعتز ان اقف بجوار قبرها استلهم منهم الهمة والعزيمة والدعوة الحقيقية ،

قال السلف قديما ياعلماء ياملح البلد من يصلح الملح اذا الملح فسد

في الختام سأرفع اليدين الى السماء باكيا متبتلا ، أن يعرفك الله الطريق لتسلكه ، والحقيقة لتعرفها ، والا فهذا اخر عهدنا، ولست بآسف على فراق من اسود قلبه ، وغلبت عليه دنياه فباعها بآخرته.