في الإبداع الأدبي.. أربعون خاطرة تنموية للمبدعين

صهيب محمد خير يوسف

في الإبداع الأدبي..

أربعون خاطرة تنموية للمبدعين

صهيب محمد خير يوسف

[email protected]

الإبداع تخيُّر جمالي، أو تحسسٌ لما خفي من الجمال.

الإبداع رافد التميز، والطموح رافد الإبداع.. فلا تميز بدون إبداع، ولا يستمر الإبداع بلا "طموح".

ابحث عن الإبداع فيما تكتب.. هو أولاً.

الإبداع التام: أن تصل إلى "السر" فيما تبدعه. هل فكرت يوماً أن تصل إلى سر اللغة التي تكتب بها؟!

التغيير الإبداعي يبدأ من السهل الممكن إلى الصعب المراد.. ليس كمن اعتاد السهول ولم يتوغل في الأحراش حيث الاكتشاف الكثيف، ولم يصعد القمم حيث الهواء النقي النظيف.

على المبدع الذي قضى سنواتٍ يحلِّق في دائرة المتاح والممكن الذي ارتاح إليه، أن ينمي في نفسه الاستطاعة والرغبة والإرادة والجسارة للتحليق خارج هذه الدائرة، وليقتحم ما ظنه غير ممكن فيجعله ممكناً!

اقرأ أجمل الكتب.. لتكتب أجمل أدب. وليلازمك هذا السؤال المستمر: "كيف فعل ذلك؟!" ثم أجب عنه وحاوره متعمقاً وأضف إليه. بتلك القراءة الجمالية وهذا السؤال اللحوح ستصل إلى الإبداع.

من سموِّ أخلاق المبدع: أن يقوم بنشر خفايا تجربته، وتعليم غيره، واحتواء المبتدئين وفتح آفاق الإبداع أمامهم.

ما أعظم الأديب الذي تفتح مجموعاته آفاق الوعي والتحول الإبداعي أمام الأدباء التالين من خلال "ألغامٍ إبداعية" يتركها ضمن نصوصه بانتظار من يكتشفها ويفجرها.. فيما يعتبر عنده إبداعاً، وعند غيره ضرورةً واتِّباعاً. هذا النوع من الأدباء هو مرحلة مستقبلية لاحقة تعيش في مرحلة آنيَّة.

المبدع المتجدد يعرف كيف يبث أرواحاً جديدة في نصوصه، وهو لا يكرر إبداعات الآخرين، بل يلمُّ بها ثم يتماهى معها.

قد يغفُل بعض الأدباء عن تراكم إبداعاتهم الصغيرة لتكون مشروع عمرٍ كبير، وقد يغفلون أيضاً عن أهمية هذه التراكمات في بناء النهضة على المدى البعيد.

تسعى بعض الجهات الثقافية لاستقطاب الأدباء، ولكنها لا تهتم بتدريبهم على الإبداع الحقيقي، وكذلك لا تبحث عن المبدعين؛ خصوصاً في المجالات التي تقل فيها الكتابة.

من المؤسف أن الأدباء يرحلون بدون أن يدوِّنوا وينشروا خلاصة تجاربهم الإبداعية ليُفيد منها غيرهم كمادة حضارية، وربما يكتب بعضهم عن تجربته في مقدمات بعض الكتب. وسيكون من حسن الحظ أن يتناولها أحد القراء أو النقاد، ولكن غالباً ما يطويها النسيان والإهمال. وهنا تكمن أهمية الحرص على إجراء وقراءة الحوارات مع المبدعين فهي - على الرغم من قِصرها - تعتبر الخلاصة التي يتحدث فيها الأديب نفسه عن تجربته وليس أحدٌ آخر... فهل ستفكر - أيها الأديب - بتدوين تفاصيل تجربتك ونشرها؟

احذر من أساليب المحبِطين - قاتلي الإبداع، واحذر أيضاً من الخوف من الإبداع نفسه، ومن دخول العوالم الفنية الجديدة!

كم هو اختراعٌ رائع: أن يفك المبدع شفرة الإبداع في أعماقه!

وأول الإبداع: أن تكتب المألوف بشكل غير مألوف، وآخره: أن تكتب غيرَ المألوف بشكل مألوف.

يختصر عليك طريقَ الإبداع أن تبحث عنه فور امتلاكك لأدوات الكتابة... اجذب الإبداع يجدْ طريقه إليك.

سوف تتأخر كمبدع إذا لم تكن لديك خطة إبداعية، سنوية ومرحلية، وإذا لم تبدأ الكتابة الجديدة من حيث انتهى الآخرون.

الخطوة الحقيقية للأديب هي خطوة الإبداع، أما ما يسبقها فخطًى تجريبية ومحاولات على الطريق ما دامت لم تقدم الجديد والمختلف.

وأنت تبدع، قيِّد مراحل تجربتك الإبداعية وخفاياها أولاً بأول، ليستفيد منها آخرون، وليظهر المزيد من المبدعين.

تتبَّع أيضاً مراحل تطور المبدعين من خلال ما قدَّموه بدقة.

"المبدع القائد".. هو مع إبداعه معلِّم أيضاً: يبدع نماذج راقية يتعلم منها المبدعون، ويتابع بشغف تجارب جيله والأجيال التي تلته، ويحيط بها ويحمل ذاكرتها. وهو كذلك يشكِّل الفِرق الإبداعية ويعتني بها، ويبحث عن المبدعين وينشر بينهم طاقةً إيجابية ومشاعر قوية، ويقترح عليهم الجديد، ويحركهم ويوجههم نحو الأهداف الفاضلة المرادة من الأجناس الأدبية، ويفتح الآفاق لزيادة نسبة الإبداع الحقيقي. وهو مبادِرٌ ناصح، وملتزمٌ مرِن، متغيرٌ متنوع، دقيقٌ ذكي، ومرِحٌ طلق. وهو أيضاً وافر المعرفة، متواضعٌ إذا أخطأ، حازم الرأي، موضوعي وليس عشوائيًّا في إطلاق الأحكام، ذو حس نقدي عالٍ، صاحب همٍّ وأهداف ورؤى.

يقول المبدع القائد: دونكم إبداعي، ولكم أن تنطلقوا معي أو مع غيري؛ على أن يكون ذلك مؤقتاً، وأن تكون لكم الحرية بعدها.

أيها المبدع، أنت حُر!

المبدع منفتح على المدارس الأدبية لا ينغلق على مدرسة واحدة يرى الأدب من زاويتها فقط.

في عملية الإبداع تركيز وملاحظة، وتسليطٌ لضوء الفكر على أنماط الضعف الأدبية؛ لتقويتها.

المبدع لا نمطي أدبيًّا، فهو مغامر كثير التجريب، لا يتشبع من لون إبداعي واحد، وهو مشرق الروح، وحاضر المزاج فيما يكتب.

ما دامت لدي ملَكة الإبداع، سأستمر في التدرب والتعلم، حيث لم يتوقف الإبداع يوماً.

المبدع مؤْثر، مؤثِّر، كريم مع نفسه، وكريم بما عنده لغيره، شعاره: أقدم جميع خبراتي لرواد الأدب وقاصدي الإبداع.

تأمل الفرق: كاتب يصور الجبل من الأرض، وكاتب يصور الأرض من قمة الجبل، وكاتب يصور الجبل والأرض من السماء!.. المبدع يمرِّن خياله باستمرار.

قد يجتهد أديبٌ ويواجه التحديات لكي يفتح آفاقاً جديدة لمن يتلوه، ولكي يأتي بعده من يكمل مشواره في الاكتشاف الأدبي، ولكن يحدث أن بعض التالين يقومون بإغلاق هذه الآفاق، وينزوون في قوالب لا تخدم هذا الأدب، بل تزيده بعداً عن الإبداع.. فصار من الضروري ظهور مبدعين يضيؤون الطريق ويفتحون الآفاق من جديد.. لولا الإبداع لما ظهر هذا الطيف الملون الجميل من المدارس الأدبية!

الكلمة قابلة للتدريب والتطويع، والمعجم الخاص قابل للتغيير.. فأبدِع بأبعاد الكلمة!

لا تستوحش طريق الإبداع واعمل حيث كنت، فالمبدع يحفِّز نفسه ذاتيًّا، ويشتغل حيثما كان.. وأينما رحل.

أقنع نفسك بضرورة الإبداع والاختلاف عن الآخرين في أسلوبك.

أمرٌ طبيعي: أن ترتفع نسبة الإبداع في نصوص وتقلَّ في أخرى.

الإبداع وعيٌ وتحليل، ومقارنة وتركيب، ومتعة نفسية، وشعور بالفكرة.

إذا لم ترضِ نفسك بكتاباتك ستنهزم داخلياً، وإذا أرضيت غيرك فقط بما تكتب ستنتصر ظاهريًّا/وهْماً. والمبدع يوازن بين رغبة الجهور وبين رغبته الإبداعية.

لا حدَّ للإبداع الأدبي بين "أنا" و "نحن"، بين الإبداع الشخصي والإبداع العام للآخرين.

يسلك المبدع طرق التفكير المختلفة، ويختار أنسبها للسياق، وينظر إلى ما يشتغل عليه من زوايا مختلفة.

ثق بما تبدع، فهو جزء من ثقتك بنفسك.

ـــــــــ

* صهيب محمد خير يوسف: مهتم بتنمية الإبداع الأدبي وتطوير أدب وثقافة الأطفال.