الفيتو الأمريكي والأوروبي يجعل من مجلس الأمن مجلس حرب يركبه الكيان الصهيوني لارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية في حق الشعب الفلسطيني
ها هو العالم اليوم وبعد ما يزيد عن سبعة عقود مرت استنبات كيان صهيوني عنصري دموي سرطاني في أرض فلسطين العربية عقب الاحتلال البريطاني الغاشم لها ، وقد تحول هذا الكيان المستنبت ،والفاقد للشرعية بشهادة التاريخ إلى كيان مارق فوق كل القوانين والأعراف الدولية ، وقد وطد له الفيتو الأمريكي والأوروبي مجلس الأمن الدولي ،فاتخذه مركبا ذلولا يركبه لارتكاب جرام حرب فظيعة ، وإبادة جماعية غير مسبوقة في حق الشعب الفلسطيني صاحب الأرض التي اغتصب منه قهرا .
وبكل صفاقة وجه، يصر رئيس الإدارة الأمريكية أن الحرب في قطاع غزة لا يجب أن تتوقف بعد كل المجازر الرهيبة التي يرتكبها العدوان الصهيوني يوميا منذ ما يزيد عن أربعين يوما بلا هوادة ضد الشعب الفلسطيني في المستشفات ، والملاجىْ ، والمدارس ، والمساجد ، والأحياء السكنية ، وكل المرافق ... بواسطة الطيران الحربي الأمريكي والأوروبي المركوب منه ، والمسير ، فضلا عن الصوريخ المدمرة ، والمدافع المدوية ، والمنطلقة من البر والبحر .
و بكل بصفاقة وجه أيضا، يفخر مجرم الحرب نتنياهو بدعم رئيس الإدارة الأمريكية ، وهي تمثل بالنسبة إليه الشرعية الدولية . فعن أية شرعية يتحدث هذا المجرم ؟ فهل صار العالم اليوم ضيعة رئيس الإدارة الأمريكية يتصرف فيه وفق هواه ؟ ويجعله تحت تصرف مجرم عنصري دموي ؟
وهل بقي معنى لعبارة " مجلس الأمن الدولي " ؟ وهل يصح وصفه بالدولي ، وهو في الواقع أمريكي وأوروبي صرف ؟ وبأي قانون من قوانين هذا المجلس الفاقد للمصداقية والشرعية، جاز للإدارة الأمريكية وتوابعها الأوروبيات دخول الحرب علانية إلى جانب الكيان الصهيوني مع التلويح بالتهديد والوعيد عن طريق إرسال ناقلات الطائرات الحربية ، والغواصات ضد كل من يحاول دخولها من العرب أو المسلمين إلى جانب المقاومة الفلسطينية المدافعة عن أرضها وشعبها ، وهو حق شرعي بشهادة التاريخ الذي لا يمكن أن يتنكر له أحد مهما كان ؟
إن هذا التهديد من قبل الإدارة الأمريكية، هو في حقيقة الأمر إعلان صريح بالحرب على العالم العربي والإسلامي، وذلك لتعطيل أي تحرك أو تدخل يصدر عنه من شأنه أن يجنب الشعب الفلسطيني الإبادة الجماعية المخطط لها مسبقا وعن سبق إصرار. وبكل استعلاء أيضا يقرر رئيس الإدارة الأمريكية كيف يجب أن يكون الوضع في قطاع غزة ، وفي عموم فلسطين بعد الإبادة الجماعية ؟ وهو وضع قرره مجرم الحرب الصهيوني نتنياهو الذي أراد شعبا فلسطينيا دون مقاومة ، يكون مسخرا وخادما لكيانه العنصري الغاصب كي يوفر له الرفاهية كما تنص على ذلك الأساطير التلمودية المثيرة للاشمئزاز وللسخرية في التي تجعل من الصهيانة جنسا فوق كل الأجناس البشرية، لا يسأل عما يفعل ، ويمارس طقوسه الدينية الخرافية عن طريق إزهاق أرواح الأبرياء ،وسفك دمائهم فوق أرضهم التي اغتصبها منهم بالقوة ، وبدعم ومساعدة محتل بريطاني ،وفي المقابل يهدد كل من ينتقد عنصريته وعدوانيته ودمويته بتهمة جاهزة وملفقة هي " معاداة السامية " التي أصبحت طابو ، وكأن ضحاياه الفلسطينيين ليسوا من الساميين أو أن ساميتهم لا ترقى إلى سامية الكيان العنصري،وهي فوق كل الأعراق والأجناس البشرية حسب أساطيره ،وخرافاته السخيفة ،والمثيرة للسخرية .
ولا بد من توجيه أسئلة إلى دول تشترك مع دول الفيتو الغربية بزعامة الإدارة الأمريكي ، ونقصد بالضبط روسيا والصين ، فنقول: ما موقفكما من هذا الذي يحدث في قطاع غزة وفي عموم فلسطين ؟ هل مصالحكما متوقفة على سكوتكما الشيطاني عن جرائم حرب ، وإبادة الشعب الفلسطيني ؟ وما هو ثمن سكوتكما ؟ وما قيمة انتقادكما لما يجري في غزة إذا لم يكن مترجما إلى فعل كما تترجم دول الفيتو الغربية دعمها للكيان الصهيوني بالعتاد والسلاح والمال ؟ وما قيمة الفيتو الذي بيدكما ؟ وهل فكرتم يوما في كونه مجرد فيتو صوري، لا يرقى إلى الفيتو الغربي ، ,ذلك يوم تقرر عدده ، وهو الأكبر، الشيء الذي يجعل كفته هي الراجحة دائما ؟
ولا بد من توجيه أسئلة أيضا إلى الكيانات العربية والإسلامية ، فنقول لها : أليس من واجبكم صيانة المقدسات في فلسطين ، وهي وقف إسلامي، ولا يتأتى ذلك إلا بتحرير فلسطين ؟ أليس لديكم ما يعوض افتقاركم إلى القوة النووية ، علما أن فيكم من يملكها ؟ أليست مقدراتكم وثرواتكم الهائلة وسيلة فعالة للرد على التهديد الغربي بما يقابله من خلال حرمانه منها لردعه عن مساندة كيان عنصري دموي مارق يهدد أمن العالم بأسره، وهو مجرد كيان سرطاني مسنتبت من طرف الغرب الصليبي في أرض تقدسونها، وواجب دينيا عليكم صيانتها وحمايتها، كما صانها وحماه من قبل أسلافكم الأماجد ؟ وهل يتوقف وجودكم ، وتتوقف مصالحكم على هذا الصمت المخزي الذي يكاد يوحي بأنكم جميعكم أو بعضكم قد تخندق بالفعل مع الغرب الصليبي في دعم الكيان العنصري الدموي الصهيوني ، وأنه يقره على كل ما يريد فعله بأرض اغتصبها بشهادة التاريخ ؟ وما قيمة التنديد بجرائمه الصادر عنكم دون أفعال ملموسة، وهو لا يرقى إلى أفعال ملموسة بعد اجتماعكم في مؤتمر قمة مشهود، في حين الكيانات الغربية تندد بالمقاومة الفلسطينية ، وتصفها بالإرهاب ، و في نفس الوقت تتبع التنديد بالمال والسلاح لفائدة الجلاد على حساب الضحية ؟ لماذا عجزتم عن مجرد إدخال الماء، والطعام ،والدواء إلى شعب نكبه الكيان العنصري شر نكبة ، ورضيتم أن يتحكم في القليل من معوناتكم حيث ظلت شاحناتكم المحملة بالمساعدات لا تراوح مكانها، منتظرة الإذن من العدو لتتحرك إلى داخل القطاع ؟ أليس في هذا إذلال لكم جميعا، وفيكم من يملآ الدنيا جعجعة دون طحن ، وفيكم من يقتصر على رشق الكيان الصهيوني بصواريخ ومسيرات كلامية فارغة العدو يسخر منه ؟ ألا يجدر بكم أن تلقنوا جنودكم بسالة وشجاعة أبطال المقاومة الذين كشفوا عن جبن وضعف جيش الكيان الصهيوني ؟
ولا بد في الأخير من توجيه أسئلة إلى الشعوب العربية والإسلامية ،فنقول : هل ما قمتم به لحد الساعة من مظاهرات ووقفات تضامنا مع الشعب الفلسطيني يعتبر أقصى ما قدمتهم له من عون أم أن المنتظر منكم هو أكبر من ذلك ؟ أليست الشعوب الغربية قد فاقت مظاهراتها في بعض الأحيان مظاهراتكم ، وقد شكلت ضغطا قويا على إداراتها المتواطئة مع الكيان المعتدي ؟ هل تساءلتم عن مدى تأثير مظاهراتكم في أنظمتكم وعن جدواها ؟ وهل فكرتهم في أساليب أخرى من شأنها أن تكون مجدية ؟ أليست فيكم شعوب منشغلة عن مأساة غزة والضفة بسهرات ، ومتابعة مقابلات كرة القدم ، وغير ذلك من أساليب اللهو ؟ أليس فيكم من يلوم ويعاتب المقاومة ، ويزعم أنها هي السبب في المجازر التي يرتكبها العدو الصهيوني الذي عجز عن الوقوف أمام أبطال المقاومة ، وأخذ يثأر لمقتل جيشه الكارتوني باستعمال القصف الجوي على المستشفيات ، والمدارس ، والأسواق ، والمساجد ، والمساكن كي يعطي انطباعا لشعبه المصدوم بأنه هو الأقوى ، وأنه يحقق انتصارا على المقاومة ، وأنه على وشك استئصالها ليعيد بناء المستوطنات في قطاع غزة ؟ ألا يجدر بكم أن تتعلموا من أهل غزة الصمود والثبات ، والبطولة المنقطعة النظير، وتتعلموا من أبطال المقاومة الإقدام والشجاعة والبطولة التي دوخت العالم ؟
هذه أسئلة تطرح على الضمائر التي لم تتحرك بسبب جرام الحرب ، والإبادة الجماعية ، وعلى كل فرد أو جماعة أو شعب أن يجيب عنها مع ضميره ، ويجد المبرر الذي يعفيه من مساءلة الله عز وجل له يوم الفزع الكبر .
وسوم: العدد 1059