تداعيات حول تحقيق صحيفة هآرتس المنقول عن تحقيقات الشرطة الاسرائيلية
أمور كثيرة ذكرتني بالفرنسي تيري ميسان وكتابه "الخديعة الكبرى" أو "الخديعة الرهيبة"
أعرض في هذا المقام أفكارا ولا أتبناها..
مرّ كثير من الناس أمام تحقيق صحيفة هآرتس العبرية، المنقول عن تحقيقات الشرطة الإسرائيلية، لا مبالين!!
والتحقيق، إن صح، ولا يملك كاتب هذه السطور وسائل لتأييده أو نسفه، فهو ذو دلالة أخطر من أن تمر على عقولنا نحن أبناء المنطقة المعنيين بالحدث بإرادة منا أو بغير…
بالأمس كان المتحدث باسم المقاومة من بيروت، يتبنى التحقيق، ويعيد قراءة ما ورد فيه، ويلتمس له المزيد من الحجج والبراهين.
طائرة مروحية صهيونية هي التي قصفت وأحرقت المحتفلين في حفل مستوطنة "ريعيم" في غلاف غزة.
الناطق باسم المقاومة، فسر ما حدث أنه نتيجة الارتباك والفوضى عند المحتل صانع القرار!!
شخصيا أتذكر كتاب "الخديعة المرعبة" للفرنسي تيري ميسان، وأبحاثا أخرى غيره.. أعادت وضع الأمر في نصابه في أحداث ٢٠٠١.
وأتذكر السيناريو المتخيل لما جرى من جريمة في ذلك اليوم الرهيب.. الذي ما زال الأبرياء من العرب والمسلمين يدفعون جريرة جنايته..
تحقيق الشرطة، الذي استندت عليه هارتس.. يضعنا أمام جملة من الأسئلة من الصعبة، والتي ربما لا تعجبنا، ولا ترضي بعض غرورنا!!
الأول هل عشنا في السابع من تشرين الأول إخفاقا استخباريا إسرائيليا، وأمريكيا وعالميا حقا؟؟ وإلى أي مدى؟؟
ما جرى هل مرّ أو مُرر ليستثمر..؟؟!!
المهرجان الموسيقي "نوفا" المحضور من قبل أكثر من أربعة آلاف في مستوطنة ريعيم، والذي كان من المفروض أن ينتهي يوم الجمعة..
لماذا مُدد؟؟ ومن مدده؟؟ يفترض تحقيق الشرطة أن المهاجمين كانوا لا يعلمون به أصلا!!
وهل الهجوم على المهرجان الذي أودى بالعدد الأكبر من الضحايا، والذين قتلوا ردما وحرقا؛ كان المقصود منه تضخيم حجم الجناية لتضخيم حجم العقاب..!!
صور أجساد الضحايا المتفحمة، لا شك تستفز المشاعر الإنسانية وهؤلاء الضحايا كما يقول التقرير عبرانيون وأجانب وفريق من مهاجمي المقاومة..
وكان الاتكاء عليه أساسا في استجلاب الشك الدولي الموقع على بياض!!
قصف مهرجان نوفا كما يؤكد تقرير الشرطة، تم بطائرة أو طائرتين هيلكوبتر لا يملكهما غير الصهيوني المحتل!! فهل تحرك هذه الطائرات كان معدا سلفا ليقع من وقع في الفخ الذي أعد ليكون ذريعة للاستئصال والتدمير والتهجير..
في الجريمة المركبة كالتي شهدنا لها نماذج عديدة منذ ١٩٩٠ يقوم المجرم الكبير بارتكاب الجريمة ضد نفسه، أو يسهل ارتكابها على غريمه
مثلا تقول السفيرة الأمريكية للرئيس الراحل صدام حسين: إن الولايات المتحدة لن تهتم كثيرا إذا احتل العراقُ الكويتَ!! فإذا تورط كان ما تعلمون..
مثلا تريد الولايات المتحدة أن تنقلب على حلفائها في حربها على السوفييت؛ بعد أن انتهت مهمتهم، فيكون ما كتب عنه تيري ميسان في الكتاب الذي ذكرت..
تؤسس الولايات المتحدة "للموك" و"الموم" في سورية ، وقرارها ما زال حتى اللحظة التمسك بمجرم الحرب المريب!! ومنذ أن اخضر أحمرها، هناك سوريون كثيرون لا يريدون أن يفهموا، وحال الذين لا يريدون أن يفهموا أصعب كثيرا من حال الذين لا يفهمون!!
ولأبسّط الأمر أكثر في حارتنا القديمة كان المجرم المريب، إذا أراد أن يقتل ضحيته، وينجو من جريرة قتله، يبدأ بنفسه؛ فيطعن نفسه طعناتِ معلم، تكون بليغة، ولكنها عارضة..
ثم يقف أمام السادة القضاة أو المحلفين فيؤكد أن كل ما فعله كان دفاعا عن النفس.
دفاعا عن النفس وتشهد له الجراح، كما تشهد الجثث المتفحمة اليوم، لنتنياهو وكذا المدعيات أنهن تعرضن للاغتصاب.
فيؤكد جميع المحلفين حقه في الدفاع عن نفسه أمام أعين العالمين…
ليس المهم أن يعجبني التفسير أو لا يعجبني، وليس المهم أن ينعش خيالاتي المقموعة أو يرديها..
المهم هي سردية لا يزال يعززها الدليل بعد الدليل..
اللهم ونسألك الثبات على الأمر والعزيمة على الرشد.
وسوم: العدد 1059