صندوق المخابرات الأسود
بمناسبة تصفية علي مملوك أحد شهود الصندوق الأسود ، اعيد عليكم هذه المقالة التي كتبتها عام 2016 بعنوان صندوق المخابرات الأسود.
أعزائي القرّاء ..
التحليلات السياسية الأخيرة أجمعت على أن الجزار الأسد لم يعد المشكلة في سوريا فلم يبق من الأسد سوى هيكله العظمي ملفوفا ببدلة أنيقة مع ربطة عنق فقط، إنما المشكلة بذلك الصندوق الأسود المودع لدى عدد محدود جداً من المقربين ، والذي يجمع أسرارًا تتعلق بالمنطقة وليس بسوريا وعلاقتها بإسرائيل فقط .
لقد تم إيداع هذا الصندوق عند المحرم الأول لثقة المخابرات الامريكية والاسرائيلية بالمحافظة عليه وكتم أسراره. فأوكلت له اخطر مهمة وهي تخزين كل الأسرار والفضائح والموءامرات والعمالة والتجسس والاغتيالات الذي كان يحتل فيها مرتبة القوادة .
إذن ،فالصندوق الأسود الاسدي-الدولي يعتبر (صندوق كنز ) تتجمع فيه كل قمامات العالم والتي كان للأسد فيها دوراً رئيسياً.
محتويات هذا الصندوق لم تودع في امريكا وان كانت تعرف محتواه كلمة كلمة ، بل هي من صنعت محتواه جميعها تقريباً ، ولكن لماذا ؟
لأن وجوده في امريكا يخضع لقوانينها والتي تحتم على المسؤولين الأمريكان بفتحه بعد خمس وعشرين عام لكل وثيقة إنتهت سريتها فتم تخزينها عند عميلهم الأسد المحصن .
واليوم الخشية بدت على وجوه المتآمرين بعد أن تأكد للجميع أن الاسد انتهى دوره ولكن ماهو مصير صندوقهم الأسود ؟
فالوثائق في هذا الصندوق لا توفر الحكام العرب واجتماعاتهم مع المسؤولين الصهاينة واجتماعاتهم مع العاهرات من كل دول العالم مثبته بالفديوهات وكذلك العجم وموءامرات المخابرات الغربية والسوفيتية سابقا والروسية لاحقا والمودعة في هذا الصندوق فالكل إذن مجمع على عدم فتح هذا الصندوق حتى لايطال رائحته النتنة الجميع
ولكن كيف ؟
كان هناك رجال مخابرات أسدية محدودي العدد يعرفون تماما محتوياته ،ومعالجة هوءلاء سهلة فعملية اغتيالهم بعد استهلاكهم تنهي دورهم .
وفعلا تم تصفية الكثير منهم داخل سوريا وفي لبنان بل وفي بلاد العالم .ولكن بقيت الخشية من تسرب الوثائق خارج الصندوق.
فمن هو المسيطر اليوم على هذا الصندوق ؟
المسيطر الآن على الصندوق الأسود هو بشار الأسد وأخوه ماهر واللواء علي مملوك .
فعندما نسمع من بوتين و أوباما تعبير : المحافظة على موءسسات الدولة،فانهم يستعملون هذا التعبير الملطف والناعم للصندوق الاسود.
هذا فيما يتعلق بالصندوق الأسود للموءامرات الخارجية ، ولكن ماذا عن الصندوق الأسود للموءامرات الداخلية؟
أعزائي القرّاء..
خلال سنوات قليلة من تسلم الأسد واحد للسلطة نجح بإنشاء نظام شمولي مخابراتي مغلق أشبه بسيف مسلط على رقاب السوريين يقوم على العنف والجريمة وقتل الأبرياء والتلذذ بعذابات الأطفال والشيوخ والنساء،
ولإكمال مشروعه في إقامة الدولة البوليسية كان لا بد أن يستند على أشخاص لا يقلِّون عنه إجراماً لتدجين الشعب على إيديولوجيات شمولية تقوم على شعارات وهمية كالمقاومة والممانعة وغيرها من الشعارات الزائفة، بهدف تبرير التسلط وآليات القمع، وإبقاء الشعب في حالة فقر وعوز دائمين حتى يكدح وينشغل بطلب العيش عن طلب المشاركة في الحياة السياسية، وهدم كافة القيم المجتمعية، وادخال البلاد في حالة طوارئ لعشرات السنوات، إلى جانب التدخل في نظام التربية والتعليم ووسائل الاتصال المرئية والمقروءة والمسموعة والسيطرة عليها ومراقبتها وتوجيهها ايديولوجياً، من خلال التعبئة السياسية والنفسية والتأثير في الثقافة والسلوك وكذلك في الحياة السياسية، وتفتيت الدولة السورية وإفراغها من محتواها وتحويلها إلى ثكنة عسكرية تهيمن على المجتمع ومقدرات الدولة وكافة مفاصل الحياة عن طريق أجهزة قمعية يتم إسناد مهام إدارتها لجلاوزة معروفين بالإجرام ولا يمتلكون الرحمة ولديهم استعداد لعمل كل شيء مقابل الاحتفاظ بمكاسبهم أمثال " رفعت الأسد " و"علي دوبا" و" محمد الخولي" و" رستم غزالة" و" علي حيدر" و"غازي كنعان " و"هشام بختيار" و" محمد ناصيف" و"بهجت سليمان " و" جامع جامع " و"علي مملوك".
وكما أسلفت فان أغلب هوءلاء تم تصفيتهم بعد أن انتهت الأدوار المرسومة لهم، ويمكن تشبيه دورهم كدور أنثى العنكبوت( المسماة بالأرملة السوداء . كتبت عنها مقالة تحكي قصتها مع زوجها ) فبعد التلاقح مع الذكر تقتله مباشرة وتأكله تماماً كما حصل مع معظم أصحاب الأسرار المخابراتية وبقي الرجل رقم ٣ في النظام اللواء " علي مملوك " الذي عمل في بلاط الأسدين الأول والثاني منذ العشرينيات من عمره وحتى الآن وهو يملك مع بشار و ماهر مفتاح الماستر لصندوق المخابرات الأسود.
فعلي مملوك هو الصندوق الأسود بذاته ويحتفظ بكافة أسرار مخابرات النظام السوري داخلياً وخارجياً وقارياً على مدار عشرات السنوات الماضية وحتى الآن، وحالياً يمسك بزمام أحد أهم أركان النظام القمعية وهو مكتب الأمن الوطني الذي يشرف على جميع العمليات العسكرية التي تستهدف الشعب السوري، ولم يأت من فراغ تعيينه بهذا المنصب خلفاً لـ اللواء " هشام بختيار" الذي تم تصفيته في ما عُرف بــ" تفجير خلية الأزمة " عام 2012، بل هو نتيجة طبيعية لولائه المطلق لعائلة الأسد واعتماد اسرائيل وأمريكا عليه ، فقد ساهم " مملوك" بشكل كبير في تحويل الدولة السورية إلى عصابة بوليسية سرية تطارد كل من يحاول أن يطالب بحقوقه أو يفكر بانتقاد ما تؤول إليه الأمور، فكان وراء اعتقال الآلاف من السوريين وزجهم في سجني صيدنايا وتدمر بعد إصدار أحكام عليهم من خلال محكمة أمن الدولة بدمشق بموجب محاكمات صورية تفتقر إلى أدنى ضمانات التقاضي أو المحاكمة العادلة، إلى جانب إصدار أحكام الموت بحق الكثير من معتقلي الرأي وتنفيذها بدم بارد، إضافة إلى العديد من الاجراءات القمعية الصارمة التي مارسها ضد الشعب السوري ليساهم من خلالها في التحكم بالحياة الاقتصادية والتجارية والاجتماعية والسياسية بما يتناسب مع مصالح عائلة الأسد، وتغييب القانون وانتهاك حقوق الإنسان وحرية التعبير والاعتقاد، وافساد القضاء والإعلام وكافة مرافق الدولة من خلال نشر الفساد الإداري والمالي والأخلاقي.
مازالت اسرائيل وأمريكا وروسيا تضع خطا احمر على الاقتراب من على مملوك فاسرار موءامراتهم عنده والصندوق الاسود في حوزته
وكل اللعبة اليوم على هذا الصندوق المخابراتي ومن سيرثه .
*****
أعزائي القراء..
هذا ما كتبته قبل سبع سنوات ، واليوم يتحقق ما خلصت اليه حيث بدأت ( الأرملة السوداء ) بأكل زوجها الممثل بعلي مملوك ، وذلك بناءاً على أوامر عليا وصلت الجزار من اسياده ،
واهلاً وسهلاً بالحارس الجديد للصندوق الأسود المدعو حسام لوقا.
وسوم: العدد 1067