صناعة التميز
لك في هذا العالم حيز يحتويك ، يحتوي افراحك وأحزانك، يحتوي آمالك ، تسكن عالما لا مكان فيه للضعفاء ، عالم يحتضن الأقوياء ، وحضن كل واحد منا ما اجتهد ، حظ كل واحد منا سعيه وجدّه ، وسوى ذلك هباء ، فالوزن له عيارات خاصة ، مؤشره معيار الجودة واتقان الأداء ، فحاول أن تكون مميزا دائما .
لعل من أخص الصفات التي تجمّل الشخصية ، وتضفي لها صفة التميز ، الثقة بالنفس ، نفس لا تهزها المظاهر الكاذبة ، ولا تغريها النياشين والرتب ، كونها تملك نفس متزنة ، تعرف حجمها ، فلا تستعير صفات خارجية لتكمل نقصها .
وما يزيد النفس قوة وثقة ، أنها تأخذ بأسباب قوتها ، فتكون القوة الأولى ، أنها تستمد قوتها من معين التربية الأول ، فيكون الله مصدر قوتها ، ومصدر عزتها ، ومنه سبحانه تستمد الثقة التي لا يخيب معها الرجاء.
وتتعزز هذه الثقة بكفاءة الأداء ، وبحسن التحكم في إدارة وظائفها ، فتبدل النفس الوسع الذي تطيقه وتتحمله ، فلا تلجأ للمغامرة التي يلجأ إليها ضعاف النفوس ، فالشخص الواثق من نفسه ، يقدم على المهمات وهو يملك مفاتيح ألغازها.
وما يجعل الأشخاص أكثر تميزا ، امتلاك شخصية قيادية ، تمتلك القدرة على فهم كينونة الحياة ، تملك القدرة على احتواء الآخر بقوة الحجّة ، والمقدرة على التحاور ، لها القدرة على حسن التصرف ، لها المقدرة على كسب الخصوم بالإقناع ، دون الفرض القصري الذي يسلكه المتعصبون ، الذين لا سلطان لهم سوى ليّ الذراع ، وكسر الأضلاع ، فصناع التميز يعرفون حدودهم وحدود أين تنتهي حريتهم.
وما يجعل الناجحون أكثر تميزا ، مقدرتهم على التعلم باستكمال النقص المعرفي ، فهم في تكوين مستمر ، لا تقيدهم مقاعد الدراسة أو الفصول الدراسية ، كما لا تقيدهم نيل أعلى الشهادات العلمية المضي لنيل شغف العلم والمعرفة ، فهم دائما عينهم ترصد أخبار العلم ، ترصد جديد المعرفة ، وهذا السر يغفل عنه الكثير من الأكاديميين والأساتذة ، حيث تنتهي محطة البحث والتعلم عندهم عند نيلل الشهادة وهذا خطأ كبير.
و في أخر مقالي من الخطأ عبور الكرام على نجاحات المتميزين في شتى دروب النجاحات ، فما تقدم عالم وتأخر عالم ، إلا بسوء التقدير ومحاولة القفز على الحقائق ، وحقيقة الكون لا تحابي أحدا ، ولا تجامل أحدا ، فلا نلوم غيرنا فنحن من يصنع الخيبات ، ونحن من يصنع الهزائم.
وسوم: العدد 1068