هذا زمن مقايضة الخوف من طوفان الهيكل بالتنكر للإيمان ولطوفان الأقصى

هذا زمن مقايضة الخوف من طوفان الهيكل بالتنكر للإيمان ولطوفان الأقصى فمتى سنتحرر من عقدة  هذا الخوف أفرادا وشعوبا وأنظمة  إسلامية وعربية ؟؟؟

من العبارات الدالة على الأنانية والأثرة في أقبح صورها قولهم : " أنا والطوفان من بعدي " . ومعلوم أن الطوفان  يترتب عنه المحق والزوال ، لهذا  يخشاه بني الإنسان أفرادا وجماعات . وأشهر طوفان في تاريخ البشرية ، هو طوفان زمن نبي الله نوح عليه السلام الذي أغرق قومه المكذبين له ، والجاحدين بدعوته ،بعد طول معاناة معهم ، وطول دعوة لهم لصرف ذلك الطوفان عنهم .

وإذا كان طوفان  زمن نوح  علبه السلام طوفانا  حقيقيا ، فإن اطلاق لفظ طوفان مجازا يشمل كل ما يهدد الناس بالزوال . وآخر ما ورد مجازا لهذا اللفظ " طوفان الأقصى " الذي قصدت به المقاومة إزالة  الاحتلال الصهيوني  من أرض الإسراء والمعراج المقدسة  بزوال  خطر طوفان الهيكل المهدد للمسجد الأقصى وقد بدأ قرع طبوله مع استحواذ الطائفة الصهيونية اليمينية العنصرية المتطرفة على زمام الأمور في  أرض فلسطين المحتلة ، وقد بدأت تلوح بتوسيع طوفانها كي يغرق عموم المنطقة العربية.

  و عموم العالم اليوم حين يتحدث  عن طوفان الأقصى الغاضب ،يعتبره بداية غير مسبوقة باستفزاز طوفان الهيكل ، وهي نظرة قاصرة  تغض الطرف  إما جهلا أوعمدا ،وعن سبق إصرار عن فعل طوفان الهيكل  المستفز ، والذي جاء   طوفان الأقصى  كرد فعل عليه .   

ولقد جاء طوفان الأقصى كإنذار مبكر للشعوب الإسلامية عربية وأعجمية كي تعد للطوفان الصهيوني  الذي يهدد وجودها ما يصده عنها لتحييده  قبل أن يحدث فيها دماره ـ لا قدر الله ـ . والطوفان الهيكلي الصهيوني  له عدة أشكال ، فهو طوفان سياسي ، واقتصادي ، واجتماعي ، وثقافي ، وحضاري . وقد تنطلق هذه الأشكال منه  متزامنة في بيئات عربية وإسلامية يعتبرها الصهاينة ممهدة  ووطيئة للاكتساح بسهولة ويسر ، وقد مهد لهما تحضير لذلك  استمر لعقود متتالية في غياب اليقظة ، وبتآمر مع طوابير خامسة  متغلغلة ، وذات نفوذ  و وهي مقنّعة، بينما لا زالت بيئات أخرى يجري فيها التحضير السابق للاكتساح  على قدم وساق ، وخطوة بعد أخرى حسب  ما يطرأ  من ظروف مناسبة  لها دور وتأثير في تسريع وتيرة  ذلك الاكتساح .

والملاحظ في  عموم البيئات الإسلامية عربية وأعجمية،  هو سيادة فكرة مقايضة النجاة من طوفان الهيكل بالتنكر للإيمان، ولطوفان الأقصى  . وكلمة إيمان تتطلب منا وقفة ، ذلك أن الإيمان كمصطلح قرآني،  هو عبارة عن شعب لها أعلى ولها أدنى كما جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أما أعلاه فكلمة التوحيد ، وأما أدناه فإماطة الأذى عن الطريق ، وما بين الأعلى والأدنى من هذه الشعب مراتب لها تراتبية حسب أهميتها.

وتختلف أنواع مقايضة النجاة من طوفان الهيكل بالإيمان بكل شعبه من بيئة إلى أخرى في العالم الإسلامي ،ذلك أن بعض الكيانات الإسلامية والعربية  قد ارتفع فيها مؤشر هذه المقايضة حتى طالت أعلى شعب الإيمان ، علما بأن طبيعة  هذا الإيمان  أنه حتما  يبدأ انهياره  يمقايضة أدنى شعبة فيه، ثم التي قبلها ، وهكذا إلى أن يصل الأمر إلى أعلى شعبه فيه . ويوجد اليوم في الكيانات الإسلامية عربية وأعجمية من قايض بالنجاة من طوفان الهيكل بكل شعب الإيمان من أدناها إلى أعلاها  ، والتي لم يبق منها إلا مسميات بلا دلالات .

 ولقد كشف طوفان الأقصى عن هذه المقايضة حين صار الشعب الفلسطيني عرضة للإبادة الجماعية ، وللحصار الخانق ، ومنع من رغيف خبز ، ومن جرعة ماء ، ومن جرعة دواء ، ولم تتحرك الكايانات الإسلامية عربية وأعجمية  لإثبات إيمانها  حتى من خلال أدنى شعبه  التي هي إماطة أذى الحصار الخانق  بله ترتقي إلى  أعلى شعبه ، وإلى سنامها الذي هو الجهاد كما جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال لمعاذ بن جبل في غزوة تبوك : " إن شئت أنبأتك  برأس الأمر وعموده ، وذروة سنامه " ، فقال معاذ : أجل يا رسول الله ، فقال له : " أما رأس الأمر فالإسلام ، وأما عموده فالصلاة ، وأما ذروة سنامه فالجهاد ".

ولقد استبد اليوم الخوف بكياناتنا الإسلامية عربية وأعجمية  أنظمة وشعوبا  من طوفان الهيكل الذي تهب رياحه من شمال بحر الروم ، ومن خلف بحر الظلمات ، وهي تراكم سحبه كي  يلقي ببعاعه  في أرض الإسلام ما استعجم منها وما تعرّب . أما خوف الأنظمة ، فهو خوف من زوال كراسيها ، وهو ما جعلها تقايض بالبقاء فيها أو عليها بتقديم أهل غزة قرابين بشرية، تأكلها نار الحرب  الصهيونية المستعرة فوق أضيق بقعة في المعمور، وبأكبر كثافة سكانية فيه . وأما خوف الشعوب، فهو خوف طائفة منها من بطش الأنظمة  بها وهي الحريصة على البقاء فوق كراسيها ،و يقلقها حراكها  وتظاهرها المقلق بدوره للكيان الصهيوني المهدد لها بزوال كراسبها ، وبخلعها  ، بينما أهمت طائفة أخرى أنفسهم ، واستبد بهم الخوف من ضياع حياة دعة وهمية يلابسها  خزي وعار، وقد استبد بهم الخوف من فقدان ما  فيه من انصراف عما يتهددهم من أخطار طوفان الهيكل الكاسح ، فأعجزهم ذلك  حتى عن  مجرد إماطة أذى قذارة  المنتوجات الصهيونية الغازية لأسواقهم  عن بطونهم وعن بيوتهم ، وهم يتهافتون عليها تهافت الفراش على النار بجشع مخز ، سيلحقهم عاره حتى يرحلوا عن هذه الحياة ، وأوزاره  تطوقهم  يوم العرض على الخالق سبحانه وتعالى . ولقد كان بإمكانهم لو شاءوا أن يرقوا بأنفسهم  بدرجة أدنى  شعبة الإيمان  الذي هو مقاطعة الاقتصاد الصهيوني إلى أعلى سنام ذروته الذي هو الجهاد  ،الذي يرد  أو يدفع عنهم ما يخيفهم  ، وما يحذرونه من طوفان الهيكل ، ولكنهم رضوا بأن يكونوا مع الخوالف،  وطبع على قلوبهم، فهم لا يفقهون .

ومن فرط خوف بعضهم أن صاحوا  من رعب : كلنا مع طوفان الهيكل " وقد أدنوا  بوقاحة طوفان الأقصى الذي  إنما أراد إنقاذهم من ذل وهوان رضوه لأنفسهم ، ومن يهن يسهل الهوان عليه .

فمتى ستتخلص  شعوبنا الإسلامية عربها وعجمها  من عقدة  خوفها من طوفان الهيكل المزمنة ، والتي يكون الخلاص منها بدءا من أدنى شعب الإيمان إلى أعلاها ، وقد مهد ،ووطد لها السبل إلى ذلك طوفان الأقصى المبارك ؟؟؟

وسوم: العدد 1071