تصوروا...
- لو أن الطيار الأمريكي الذي أضرم النار في نفسه نصرة لغزة هتف "حرروا الرهائن" لجعل منه الغرب "المتحضر" شخصية القرن و لأقام له تمثالا في أمريكا وكثير من الدول، لكنه هتف "حرروا فلسطين" فتجاهله الجميع بمن فيهم الأنظمة والنخب العربية...لماذا؟ لأن هذه سابقة لا يريدون لها أن تتكرر، لا يرغبون أن يتحوّل الرأي العام الغربي من حليف للكيان الصهيوني ومدافع عنه إلى كاشف لجرائمه ومساند للفلسطينيين، لكن الإبادة الجماعية المتواصلة منذ خمسة أشهر فتحت كثيرا من الأعين العمي وأسمعت كثيرا من الآذان الصم وحرّكت الأحرار عبر العالم خاصة في الولايات المتحدة التي تتواصل فيها الفعاليات المنددة بالحرب بأشكال مختلفة وكثافة متزايدة حتى إن ولاية تكساس شهدت مسيرة تشبه مليونيات تركيا واليمن.
- لو أن فلسطين لها حدود مع البرازيل وكولومبيا وجنوب افريقيا هل تبقى محتلة منذ نحو 80 سنة؟ هل يتواصل احتلالها كل هذه المدة؟ هل تبقى غزة تحت القصف والتجويع والتشريد بلا إمدادات من أي نوع، بلا غذاء ولا دواء؟ ولنا أن نسأل: ما الذي جعل هذه الدول تتحرك بحزم لا تخشى رد فعل الكيان الصهيوني وأمريكا؟ إنه تمتعها بالشرعية الشعبية بحيث هي حكومات منتخبة لا تحتاج إلى سند خارجي ولا تخشى اتخاذ مواقف وطنية قوية واضحة.
- لو أن مصر يحكمها الرئيس محمد مرسي هل تبقى متفرجة على إبادة غزة؟ هل تغلق معبر رفح؟ هل تتجاهل صرخات الأطفال والنساء وآلام المرضى وحاجة المجاهدين إلى المدد؟ الآن نفهم لماذا كان من مقدمات هذه الحرب القذرة الإطاعة بالرئيس الشرعي الذي كان نظامه حجر عثرة أمام مسار ما يسمى التسوية، وها هي مصر الشقيقة لم تعد أم الدنيا ولا قبلة العرب ولا حاضنة الإسلام.
- هل يتصور عربي أو مسلم أن دول عربية ثرية تبعث هذه الأيام مساعدات كبيرة إلى ...أوكرانيا؟؟؟ في المقابل لم ترسل أي غذاء ولا دواء ولا معدات طبية ولا أي من أسباب المعيشة إلى أهل غزة رغم أنهم عرب مسلمون مظلومون مضطهدون محاصرون يعيشون إبادة لم يشهد التاريخ نظيرا لها.
- أن الأحداث بيّنت بجلاء المقصود بالتطبيع بين الأنظمة العربية والكيان الصهيوني، فهو ليس عملية سياسية فحسب بل بداية تحكم اليهود مباشرة في المسلمين وتوجيههم نحو الأسوأ: انتشار ثقافة الربا والزنا والشذوذ الجنسي وتفكيك الأسرة... لأنهم هم المتحكمون في وسائل التوجيه من الصحافة إلى وسائل التواصل الاجتماعي والسينما، فضلا عن المجال السياسي، فهم يفرضون عبر أمريكا وفرنسا تغيير المناهج التربوية والخطاب الديني وإفراغها من القرآن والسنة وذكر الأبطال وصفحات تاريخنا المجيد في دول المحيط إلى المحيط، بالإضافة إلى لوبي متصهين يتحرك داخليا عبر افتعال مشكلات الهوية وإثارة النعرات العرقية، والتحجج بحرية العقيدة والحرية الشخصية وما يسمى "القيم الإنسانية" لرفض أحكام الشريعة.
- أن أغلبية الأمة ترزح تحت الذل، لا تستطيع مطالبة حكامها (الذين اختارتهم هي بحرية كاملة !!!) بإغاثة شعب عربي مسلم يُباد على المباشر...وغزة وحدها في عزة وشموخ وإباء، من أين لها هذا؟ فكأن بلاد العرب كلها محتلة ما عدا فلسطين فهي وحدها الحرة الأبية.
- قارنوا بين حياة الجبناء وحياة الشجعان الأباة... عاشت سواعد المجاهدين وتبّت يدا من خذلهم.
وسوم: العدد 1072