حضارة المسلمين وليست حضارة الإسلام
وهو عنوان التأكيد عليه مهم في هذه الأيام الفضليات..
ومع احترامي لكل من طرح أو اقترح أو رفع العنوان الثاني "حضارة الإسلام" فإن طرح هذا العنوان تكتنفه الكثير من الموانع والملتبسات..
ربما نستطيع أن نقول "حضارة الإسلام" حتى يوم استشهاد سيدنا علي رضي الله عنه.
ثم تحولت المعطيات المتعددة الوجوه من عصر بني أمية إلى عصر بني العباس، إلى حضارة يفرزها مجتمع نصيب أهله من الإسلام، حكاما ومحكومين، ما ذكره الله تعالى عن وارثي الكتاب: فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله.
ولكن المخرج الحضاري الكلي الذي يتجلى على مستوى الفكر والثقافة والابداع والانجاز والسلوك والالتزام؛ لم يكن إسلاميا خالصا دائما أبدا، بل كان هناك الكثير مما يخرج عن شعب الايمان وشرائع الإسلام.
وإليكم هذه الرسالة وعندي من مثيلاتها الكثير.
تذكرون الخليفة المثمن المعتصم بن هارون الرشيد، والذي نظل نتمدح باسمه: رب وامعتصماه، ونضرب المثل بنخوته وشجاعته وهمته…
لن أتحدث عن أنه الذي أمر بتعذيب الإمام أحمد رحمه الله تعالى، على مسألة فكرية اعتقادية دقيقة، وهو الخليفة الأمي؛ الذي لا يقرأ ولا يكتب، ولن أتساءل إذا كانت حضارة الإسلام تحتمل أن ينسب إليها تعذيب أهل الرأي على آرائهم؛ بل سأضيف لكم ما تعرفونه للذكرى..
أن المعتصم رحمه الله تعالى قبل خروجه لفتح عمورية، رجع إلى فريقه أو مرجع حكمه من المنجمين، يستشيرهم في الخروج؛ فقالوا له: لن تُفتح عمورية حتى ينضج التين والعنب، وكان القوم في أول الشتاء!! وتذكر قول ابي تمام:
ستون ألفا كأساد الشرى نضجت
جلودهم قبل نضج التين والعنب..
يعني أن المعتصم خالف قول المنجمين المهرة المعتمدين وخرج
وقول أبي تمام:
والعلم في شــــــهب الأرمــــــاح لامعـــــة
بين الخمسين لا في السبعة الشهب!!
في رد آخر على المنجمين.
فهل يمكن ان أقرر مثلا أنه في حضارة الإسلام، وفي دولة الإسلام، يستعين خليفة الإسلام، بصنع قراره بفرقة من المنجمين!!
ستقول لي إن المعتصم لم يأخذ برأيهم!! ولكنه استشارهم، واعتبرت سابقة أنه لم يأخذ بقرارهم. حتى نوه بها الشعراء!! فالأصل أن رؤيتهم كانت معتمدة.
أمر أخير أكثر من كان يمارس التنجيم في دولة بني العباس كهنة الصابئة من عبدة النجوم ثم اليهود..وكان من الصابئة في دولة بني العباس مقامات رفيعة لهؤلاء.
هذا مثل من عشرات الأمثلة من الممارسات والأنشطة النظرية والعملية التي كانت سائدة والتي تفرض علينا أن نتقي الله في حسبانها على الإسلام وحضارته وشريعته المطهرة.
وسوم: العدد 1075