توالي فضائح الغرب بشطريه بسبب دعمه اللامحدود للكيان الصهيوني المتاجر بمقولة معاداة السامية

توالي فضائح الغرب بشطريه  بسبب دعمه اللامحدود للكيان الصهيوني المتاجر بمقولة معاداة السامية لتبرير جرائم  إبادته الجماعية للشعب الفلسطيني الأعزل

من فصول المسرحيات الهزلية للفضائح  الصارخة التي لحقت بالغرب بشطريه الأمريكي الشمالي والأوروبي، والتي عرت انحطاط قيمه اللإسانية منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة في أكتوبر الماضي  ، فصل يوم أمس حين أعلنت محكمة الجنايات الدولية بلاهاي عن  إعلان نيابتها العام عن قرار المطالب باعتقال رئيس وزراء الكيان الصهيوني، ووزير دفاعه باعتبارهما مجرمي حرب إبادة جماعية في قطاع غزة ، الشيء الذي أقام دنيا الغرب الداعم لهذا الكيان الإجرامي بلا حدود، ولم يقعدها . وقد عبرت الولايات المتحدة عبر ناطقها الرسمي أنها ترفض قرار هذه المحكمة ، كما رفضت من قبل قرار محكمة العدل الدولية ، واعتبرته انحرافا عن العدالة، لأنه  في نظرها من جهة أدان المجرمين الصهيونيين ، ومن جهة أخرى لأنه سواهما بثلاثة من قيادات حركة حماس  التي تعتبرها حركة إرهابية مسايرة للتصنيف الصهيوني  وإقرارا به .

ولم يقتصر هذا الموقف المنحاز كليا للكيان الصهيوني على الولايات المتحدة ،بل تابعتها في ذلك دول أوروبية تابعة لها  تبعية معهودة في سياستها المعيبة عيبا مشينا بالنسبة للقضية الفلسطينية ، وهي السبب في الظلم  الصارخ الذي لحق الشعب الفلسطيني قبل ما يزيد عن سبعة عقود حين سلمت بريطانيا التي كانت تحتل أرضه لعصابات إجرامية صهيونية كهدية على طبق من ذهب كتعويض  عما يسمى بالإبادة النازية لليهود ، وما يسمى بمعاداة السامية ، وهما بعبعان تاجرت، ولا زالت تتاجر بهما الصهيونية على حساب الشعب الفلسطيني الذي يرفض الغرب مقاومته للاحتلال المغتصب لأرضه ، ويعتبرها إرهابا إرضاء للكيان المحتل والغاصب لما لا حق له فيه ،لأن الاحتلال البريطاني  أعطى ما لا يملك لمن لا حق له فيه  بشهادة التاريخ والواقع. ومن السخف ألا يخجل الناطق الرسمي في البيت الأبيض من اجترار عبارة مجرمي حرب الإبادة الصهاينة  الذين أنكروا على الجنائية الدولية تسويتهم بقادة حركة حماس الثلاثة، ووصفهم بالجلادين ، بينما جعلوا أنفسهم ضحايا، وما أشبه حكايتهم  بحكاية ذئب شرس مع خروف وديع اتهمه بتعكير الماء الجاري من جهته نحو جهة الخروف، وذلك لتبرير افتراسه.

هكذا بهذه السخرية  الممجوجة ، وبهذا السخف تفوه الناطق الرسمي باسم الإدارة الأمريكية ، هو وآخرون ناطقون باسم إدارات أوروبية غربية  بوقاحة ، وبوجوه صفيقة ،ودون خجل  أمام شعوبهم التي تخرج يوميا  باللآلاف منددة بسياستهم المنحرفة والمنحازة إلى كيان إجرامي ارتكب منذ السابع من أكتوبر ، ولا زال يرتكب يوميا إلى حد الساعة جرائم في منتهى الفظاعة بالقصف، والتدمير ، والتجويع ، والحصار، والتصفية  الجسدية للمرضى والجرحى بالرصاص ، وردمهم في مقابر جماعية بالقرب من المستشفيات ، وجلهم أطفال، ونساء ،وعجزة،  ومرضى حرموا العلاج من أمراض مزمنة قاتلة .

 ولا زالت قوات مكافحة الشغب في الولايات المتحدة ،ودول أوروبا الغربية تتصدى بالعنف  الشديد، والاعتقال التعسفي ، والتنكيل بكل من يخرجون في مظاهرات وتجمعات حاشدة منددين بجرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها المجرمون الصهاينة، ومنددين  أيضا بمشاركة إداراتها الضالعة في الإبادة الجماعية ، وذلك بمشاركتها الفعلية بأسلحتها التي تتقاطر على الكيان الصهيوني يوميا، بل  وبعناصر من جيوشها التي انضمت إلى عصابات من المرتزقة الذين استقدموا من شتى بلدان العالم لمشاركة الصهاينة المحتلين في جرائمهم الوحشية والنازية .

ولقد نقلت وسائل الإعلام في ألمانيا صور العنف والاعتقال التعسفي الذي طال مواطنين ألمان منددين بسياسة دعم إدارتهم للصهاينة ، وهي تتذرع  في تعسفها بمنع ما تسميه  معاداة السامية ، ذلك البعبع الذي لا زالت لعنته تلاحقها  بسبب ماضيها النازي المقيت ، وقد اتخذت من مأساة الشعب الفلسطيني كفارة عن تلك اللعنة، وذلك إرضاء للصهاينة الذين يتاجرون بهذا البعبع الذي صار ممجوجا ، وباسمه يمارسون أفظع وأشنع مما كانت تمارسه النازية الألمانية من جرائم إبادة  ضد كل الشعوب التي كانت تحتل أراضيها، وليس ضد اليهود وحدهم . وإن الإدارة الألمانية لتهين مواطنيها من أجل إرضاء مجرمين يرتكبون جرائم إبادة جماعية في غزة ، وهم يتاجرون ببعبع معاداة السامية ليكتسبوا به شرعنة إجرامهم، وتبريره حتى أنهم صاروا يلوحون به في وجه المحاكم الدولية  عدلا ، وجنايات ، ويطالبون بتفكيكها ،لأنهم يعتبرون أنفسهم فوق كل القوانين ، وخارج طائلة العدالة دون غيرهم من البشر في هذا المعمور .

والمثير للسخرية  أيضا أن المحكمتين الدوليتين ـ يا حسرتاه ـ   قد قفزتا على مأساة الشعب الفلسطيني ، وتجاهلت الحقائق التاريخية ، وكان الأجدر بها أن تعود إليها عوض التعامل مع قضية هذا الشعب المظلوم ، وكأن بداية قضيته  بدأت في  السابع من أكتوبر الماضي . ولقد جاءت محكمة الجنايات كمحكمة العدل من قبل ببائقة حين سوّت بين الجلاد الصهيوني ، والضحية الفلسطيني ، وهي التسوية الجائرة  منطقا ، وقضاء وأخلاقا ، ومع ذلك لم يرض عنها الجلاد الصهيوني الذي يرى فيما قررته إهانة له ، لأنه في اعتقاده   يج تكون المعادلة معكوسة بحيث يكون هو الضحية الذي يدافع عن مواطنيه ، وتكون المقاومة الفلسطينية هي الجلاد مع أنها  هي الأخرى تدافع عن مواطنيها ، وقد سلبت أرضهم ، وهجروا عنها قسرا لأكثر من سبعة عقود ، ولا زال الملايين منهم يعيشون في الشتات خارج وطنهم ، وملايين آخرين يعيشون تحت الاحتلال والاضطهاد البغيض  ، وقد تحولت أرضهم إلى مستوطنات جلب إليها اليهود من مختلف الجنسيات  التي كانت تعيش في مختلف دول العالم  فأيصبحوا هم أصحاب الأرض ،بينما طرد منها أصحابها ، وصودرت منهم أملاكهم بقوة السلاح والعنف والإرهاب  على مرأى ، ومسمع كل العالم ، وبشهادات مصورة وموثقة في عصر التصوير .  

ماذا بقي اليوم  للعالم الغربي مما يفاخر به من عدالة وقوانين ، وقد أصبح يدين المحاكم التي هي من صنعه ،ويهددها بالزوال ،لأنها  أغضبت مجرمي حرب الإبادة الصهاينة ، وأهانتهم في نظره ، وهم شعب الله المختار كما يزعمون ، وهم العرق السامي الذي يجب أن يكون فوق كل الأعراق ، ولا يخضع لما تخضع له من قوانين  وعدالة ، وهو سيد هذا العالم بدون منازع ، وهو الذي يستعبد قادة العالم الغربي الذين يفاخر بعضهم بأنه من هذا العرق الصهيوني ، وويل لمن لم يعلن ولاءه ، وخدمته له ، كما يخدم العبيد سادتهم.

والمؤسف أن جل الأنظمة العربية والإسلامية التي تعتبرالقضية الفلسطينية، وهي قضية دينية ، وشرعية  مسؤول عنها المسلمون أمام الله عز وجل يوم القيامة  ، قبل أن تكون قضية سياسية . فلا زالت هذه الأنظمة تلتزم الصمت  القبيح ، ولا تحرك ساكنا ، والإبادة الجماعية في غزة ماضية ،ومستمرة بلا هوادة، بينما يتشبث بعضها  بمعاهدات سلام مع الكيان الصهيوني ، ولا سلام في الواقع  ، ودون مقابل  ملموس، و يتشبث بعضها الآخر بعلاقات التطبيع  معه ، في حين  يصرح طغاة القادة الغربيين  جهارا نهارا بتأييدهم اللامحدود واللامشروط للكيان الإجرامي ، بل ومشاركته في جرائم إبادته الجماعية  لمواطنين عزل محاصرين في أرضهم  ، ومهددين بالتهجير القسري عن طريق القصف الوحشي الشرس فوق رؤوسهم ، وتحت أسقف منازلهم ،  فضلا عن محاصرتهم ، وتجويعهم التجويع الممنهج  من خلال  إغلاق كل المعابر بحرا وبرا .

ومن السخرية والضحك على الذقون أن يتظاهر هؤلاء القادة الطغاة بأنهم يأسفون على إبادة الشعب الفلسطيني، بينما  يشاركون فيها فعليا ، ولا يخجلون من فضائحهم المدوية، وهم يكيلون الكيل الجائر ، ويسخرون كل ما بأيديهم من  إماكانيات تشجيعا للجلاد الصهيوني على الإمعان في ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية التي يستنكرها الرأي العالم العالمي يوميا  .

وأخيرا نقول لقضاة محاكمتي العدل والجنايات الدوليتين، كفى عبثا بقضية الشعب الفلسطيني ، التي يجب أن تعودوا إلى جذورها ـ  إن كان للعدالة من معنى عندكم ـ  لأن  بدايتها  كانت سنة 1948،  وحينئذ يمكنكم إصدار الأحكام وفق منطق العدل الذي تفاخرون به ، وتدعونه كي يعود الحق إلى من  فقدوا وطنهم إبان الاحتلال البريطاني البغيض الذي سلم أرضهم يومئذ للصهاينة مجانا على طبق من ذهب باعتبار قادته  أوائل المجرمين  قبل المجرمين الصهاينة  .

ولتكن لديكم أيها السادة القضاة  الشجاعة الكاملة  لإدانة الإدارات الحالية الغربية الأمريكية الشمالية، والأوروبية الغربية التي لا تعوزكم أدلة على وجوب إدانتها وجنودها يشاركون فعليا الجنود الصهاينة في الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني في غزة وبأفتك ما تمد  به الكيان الصهيوني من أسلحة قد  فاقت قوتها التدميرية ما ألقي على اليابان إبان الحرب العالمية الثانية التي لم تحاكموا مجرميها  لحد الساعة ، ولم  تحاكموا ما ارتكبته الإدارة الأمريكية وحليفاتها الأوروبيات في فيتنام ، وفي العراق ، وفي أفغانستان... وفي غيرها من بلاد المعمور. وها أنتم اليوم يا معشر القضاة تُحتَقرون من طرف الصهاينة، وتهانون والإدارات الغربية  تؤيدهم في ذلك ، وتردد عباراتهم ترديد الببغوات، فما أنتم فاعلون ؟ وأنتم تسمعون ، وتنظرون ، ولا حول لكم ، ولا قوة ، ولا عدالة ترجى منكم في هذا العالم الذي يحكمه قانون الغاب حيث يأكل  فيه القوي الضعيف الذي لا ناصر ولا منصف له إلا عدالة السماء التي ستتحقق لا محالة حين ينتهي هذا العالم ، ويحشر الناس في يوم لا ريب فيه بين يدي رب العالمين ، وهو يوم لا ظلم فيه ، وقد خاب يومئذ من حمل ظلما ، وأول من سيحاكم فيه القادة الجبابرة ، والقضاة الظالمون، ثم من يليهم من كل من اقترفوا معهم الظلم ، ولم يلقوا جزاءهم في العاجلة ، وساء لهم ذلك يوم القيامة حملا .

وسوم: العدد 1080