صاندي تايمز: حماس لم تهزم بعد وهي ملتزمة بمواصلة الحرب التي اختارتها في 7 أكتوبر

لندن- “القدس العربي”: قالت الباحثة بيفرلي ميلتون- إدواردز إن حماس بعيدة عن الهزيمة، رغم الضرر الذي أصابها وغياب التوازن مع القوات الإسرائيلية.

وفي مقال نشرته “صاندي تايمز” أشارت فيه ميلتون- إدواردز، المؤلفة المشاركة في كتاب عن حماس سيصدر قريبا والزميلة غير المقيمة في مجلس الشرق الأوسط للشؤون العالمية في الدوحة، إلى إعلان القوات الإسرائيلية يوم السبت عن حرف وحدات من قواتها لمواجهة مقاتلي حماس في شمال غزة، وقالت إنه آخر دليل على عدم هزيمة الحركة.

وقد أثبتت حماس بأنها عدو هائل منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر عندما اخترقت مجموعة صغيرة نسبيا ومدربة بشكل جيد الحدود الإسرائيلية المحصنة مع غزة. ومع أن أعداد القوات الإسرائيلية كانت أكبر ومتفوقة من ناحية التدريب، إلا أن حماس استطاعت السيطرة على محطات المراقبة والقواعد العسكرية وحتى المقرات الإقليمية.

وبعد سبعة أشهر من الحرب، فشلت إسرائيل في تدمير حماس، كقوة عسكرية وسياسية. ولم تقض إسرائيل على قادة الحركة الذين خططوا لهجمات 7 تشرين الثاني/ أكتوبر، وحتى لو فعلت فهناك العديد من الإشارات بأن جيلا جديدا من القيادات المتشددة ستحل محلها.

وتعلق الكاتبة أن الكثيرين شكوا في الأسابيع والأشهر الأولى للحرب بقدرة الجناح العسكري، كتائب عز الدين القسام، على النجاة أمام قوة إسرائيلية ضاربة، الأمر الذي تم إثباته في كثير من النواحي.

وأمام الهجوم الإسرائيلي، آلاف من المقاتلين الملتزمين في حماس ممن يعتقدون أن الموت في ساحة المعركة يضمن لهم أمجاد الشهادة، ومكانا في الجنة وتحررا من كونك شعبا محاصرا ومحتلا.

وفي كل يوم تبث قناة عز الدين القسام على منصة تلغرام فيضا من التقارير واللقطات تظهر معارك في الوقت الحي وكمائن وهجمات ضد القوات الإسرائيلية. وفي كل مرة تحقق فيها الحركة انتصارات صغيرة في ميدان غزة، فإن صداه يتردد ملايين وملايين المرات حول العالم في هاشتاغات حماس ونقرات المشاركة للفيديوهات المعدة بشكل جيد وتتنتجها كتائب القسام.

وتقول الكاتبة إن إسرائيل محقة في إدعاء أنها جزت جزءا من فروة رأس حماس في المعركة، وضربت عددا من القيادات التي خرجت بموجب تبادل في الماضي. ولم يكن هذا بدون ثمن باهظ وأضرار جانبيه، وكان المثال الأبرز هي الغارة الجوية في 31 تشرين الأول/أكتوبر 2023 على مخيم جباليا والتي قتل فيها إبراهيم البياري، أحد قادة حماس الكبار، ولكنها خلفت آلاف القتلى والجرحى حسب وزارة الصحة الفلسطينية. ورغم أن الوزارة تديرها حماس، إلا أن مصادر أمنية إسرائيلية أخبرت الكاتبة أن أرقام الوزارة عادة ما لا تعكس الرقم الحقيقي للضحايا والذي قد يكون أعلى.

وتعتقد الكاتبة أن سبب نجاة كتائب القسام نابعة من استراتيجية جر القوات الإسرائيلية إلى أرضها التي تعرف القتال عليها جيدا وتمتلك فيها تميزا، فمن الأزقة والمداخل المخفية وبين البساتين والتلال الرملية، استطاع مقاتلو القسام شن هجمات ناجحة ضد أهداف إسرائيلية. وحتى السلاح الإسرائيلي المتفوق مثل دبابة مارك أي في ميركافا أتلفها ودمرها مقاتلو القسام باستخدام صواريخ مضادة للدبابات “شواظ” و “الياسين 105”.

وتقول الكاتبة إن القتال من الداخل يشرف عليه أهم قيادات حماس. وبالتأكيد فإن إسرائيل أعلنت أن أهم هدف لها هو قتل زعيم حماس في غزة. وقال مسؤول عسكري إسرائيل “هو رجل ميت حي” و “هذا الهجوم الشنيع رتبه يحيى السنوار”. ودعا وزير الدفاع الإسرائيلي، يواف غالانت أهل غزة تسليم السنوار “سنغتاله [لكن] إن وصلتم إليه أولا فستقصرون هذه الحرب”. ويمثل السنوار جزءا من قيادة ثلاثية في غزة والتي تشمل زعيم كتائب القسام، محمد الضيف ومروان عيسى الذي زعمت إسرائيل أنها اغتالته.

وتقول الكاتبة إن السنوار (61 عاما) عدو هائل، و “في كل المناسبات التي قابلته فيها كان ذكيا وبعيون فولاذية طوال اللقاء”.

ولد ونشأ في خان يونس وأصبح مقربا من مؤسس الحركة، الشيخ أحمد ياسين. لقد شحذ السنوار أسنانه وتجربته كمنفذ لأوامر حماس. واعتقل عام 1988 بعد أقل من عام على الإنتفاضة الأولى وصدرت ضده أربعة أحكام بالمؤبد بتهم التخطيط لاختطاف وقتل جنديين إسرائيليين وقتل أربعة “عملاء” فلسطينيين.

واستغل فترة سجنه لتعلم اللغة العبرية ودراسة السياسة والمجتمع الإسرائيليين، وقال “يمكنك القول إنني خبير بتاريخ اليهود أكثر منهم”. وأفرج عن السنوار عام 2011 في صفقة تبادل الجندي الأسير جلعاد شاليط. وخرج بعد أن أفنى شبابه في السجن، حيث ترقى في سلك القيادة ليصبح زعيم حماس في غزة.

وكان مصمما للإنتقام من إسرائيل وحصارها 2.3 مليون فلسطيني في غزة وزيادة الإستيطان في الضفة الغربية وخرق الوضع القائم في المسجد الأقصى بالقدس.

وكانت هناك إشارات عن طموحات السنوار، حيث فحصت كتائب القسام قوتها في حرب 2012 و 2018 و 2021 وبداية 2023. وشاركت قوات القسام في مناورات عسكرية مشتركة مع بقية الفصائل حيث اشتملت على هجمات وهمية على الحدود وعمليات خاصة تحت سمع ونظر القوات الإسرائيلية.

وفي عام 2018، كتب السنوار رسالة باللغة العبرية إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عرض فيها هدنة دائمة مقابل فك الحصار عن غزة، ولم يكلف نتنياهو نفسه حتى بالنظر إليها. وتحدث السنوار في الأشهر التي سبقت هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر أن حركته تحضر لشيء كبير ضد العدو. وقال “سنأتي إليكم إن شاء الله بفيضان هادر” و “سنأتي إليكم بصواريخ لا نهاية لها، وسنأتي إليكم بفيضان لا حد له من الجنود”، وفعلوا.

وفي الأسبوع الماضي وسعت إسرائيل الحرب إلى رفح، رغم اعتراض إدارة بايدن ونقد دولي بشأن زيادة عدد القتلى المدنيين. وفي رفح التي وصفتها يونيسيف بـ “مدينة الأطفال” فقد عمال الإغاثة واللاجئين والسكان الأمل.

والمثير للدهشة، تقول الكاتبة، أن الدعم لحماس في غزة لم يتراجع نسبيا، وتعتقد غالبية الغزيين الذي تم استطلاعهم أن حماس ستنتصر في الحرب.

وهناك عدة عوامل لشرح هذا، أولا، يعرف الغزيون أن الدمار الذي حل بهم هو من عمل إسرائيل لا حماس. ثانيا، ومقارنة مع الشكاوى السابقة عن حماس، فقد كان مقاتلو الحركة ظاهرين وهم يدافعون عن غزة. وقوات القسام، وبعيدا عن مزاعم إسرائيل، ليست متربصة في الأنفاق وخائفة من القتال. وأخيرا، ففي كل مرة تستهدف فيها إسرائيل أفرادا من قيادات حماس، بمن فيهم الأطفال والأحفاد وتدمر بيوتهم، فإنها تزيد من حس التضامن والحزن العام. إلا أن نتنياهو تعهد، مع قطع الحلفاء الغربيين الدعم العسكري لإسرائيل، بمواصلة القتال، وهدفه هو “النصر الكامل” ضد حماس والقضاء على السنوار والقيادات البارزة في الحركة. إلا أن حركة حماس، أثبتت في الماضي على الولادة من جديد وتجنيد الجيل القادم من المقاتلين المستعدين لمواجهة إسرائيل. ومثلما أخبر الشيخ ياسين الكاتبة مرة “وراء كل شهيد ألف مستعدون للمعركة”.

وتقول الكاتبة إن صورة إسرائيل بأنها القوة التي لا تقهر تضررت بشكل كبير خلال الحرب. وسقط قادتها العسكريون والأمنيون “على سيوفهم” أي استقالوا. وبات مصير المسؤولين العسكريين والسياسيين الإسرائيليين معلقا في الريح وتلاحقهم اتهامات ارتكاب جرائم الحرب وبلاغات من المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، وسط نفاد صبر الإسرائيليين بالطريقة التي عالجوا فيها الحرب.

لن تستسلم حماس أو تذعن، وتزعم إسرائيل أنها قتلت نصف مقاتلي حماس، لكن كتائب القسام تثبت كل يوم أنها قادرة على مواصلة المقاومة الشرسة. وهناك خمس كتائب فاعلة تم تقسيمها إلى وحدات حرب عصابات متحركة ومسلحة بـ”أر بي جي” والمتفجرات والمسيرات وقادرة على المواجهة من أي مكان، فحماس ملتزمة بمواصلة الحرب التي اختارتها في 7 تشرين الأول/أكتوبر. ووسط الأنقاض والأنفاق العميقة في غزة، فنجاتها ضد كل الأضداد هو نصر في حد ذاته.

وسوم: العدد 1080