الخامس عشر من أيار 2024 حديث النكبة والقمة و"عودة الذئب إلى العرتوق"
ولم يكن المشروع الصهيوني مشروع شريط ضيق من الأرض، يمنح لبعض الغرباء، بتقتيل وتهجير سكانها؛ بل كان نوعا من غرس خلايا سرطانية في جسم حي، وما زال المطلوب أن يؤمن لها العش الحاضن، ويمنع عنها كل ردات الفعل الحيوية المقدرة علميا وعمليا...
يجب أن يؤسس هذا الفهم، لكل الاستراتيجيات والتحليلات لما يجري في منطقتنا من محيط العرب إلى خليجهم، ومن طنجة في المغرب الأقصى إلى جاكارتا في الشرق الأدنى.. هذه حقيقة الحقائق، التي يجب أن نبدأ منها وننتهي في كل معلوم لنا إليها.
إن كل حي يعيش في فضاء هذه الخلايا يجب أن يتنفس من منخرها، وأن يكون خادما لوجودها، وأن يتماهى مع جميع مقتضياته ومتطلباته. هذه هي الحقيقة الأولى والأخيرة في الفهم والعلم والتقدير والتدبير، وكلُّ من لا ؛ فلا.. بل تنقلب لاؤه عليه ليعلق عليها كما القانون الأسدي في سورية رقم 49/ لعام 1980، القاصرون وحدهم هم الذين يظنونه قانونا أسديا محليا أو ظرفيا!! تابعوه تجدوه ينفذ في كل المحطات وبأساليب شتى. والجريمة دائما أنك تؤمن أنه إذا بزغ القمر حصل المد..
لقد كان من المقبول في الفضاء العربي خاصة، في سنين قبلُ، أن يقبل بعض الناس مشروع الإذعان هذا من تحتَ تحتَ..ويبدو أن هذه الرخصة الممنوحة قد تم سحبها. عنتريات الشعارات من مثل "ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة" أو "التوازن الاستراتيجي" أو "الصمود والتصدي" أو حتى "المقاومة والممانعة" لم تعد صالحة للاستهلاك، وكذا عنتريات قمة الخرطوم التاريخية التي جاءت كرد على أحداث النكسة التي حبلت بها فولدتها النكبة سنة 1967
شعارات: لا اعتراف لا تفاوض لا صلح..
لم يكن تاريخ النكبة، ولا كل هذا بعيدا؛ عن أذهان الذين حددوا موعد القمة العربية/ 2024، في السادس عشر من أيار. إن كل الذين حضروا قمة الخرطوم سنة 1967 قد ماتوا، وربما بقي منهم بعض "المساليخ" على عقيدة من يؤمن بالمساليخ، وقد كان سلطانهم بالأمس يزور القاهرة، ويصلي حيث دفنوا الشيخ "زنكي" معا..
لسنا ضد عقيدة الوقوف على مراقد العظماء والفضلاء والمصلحين والصالحين، ولكننا ضد استهبال العقول عن طريق القلوب. فلا في مصر ولا في دمشق ولا في حلب لسيدنا الحسين أو سيدتنا زينب من نقطة أو ضريح أو أثر!! وكل مسامير الشيطان هذه يجب قلعها من العقول والقلوب، وأول مسامير الشيطان هذه، مسمار الكيان الذي أفهمونا أنه لا يغلب ولا يقهر.
أول إنجاز لمد الأقصى علمنا أننا يمكن أن نصاول، كما صاولنا يوم غزانا لويس التاسع في المنصورة فانتصرنا..ولعل الوقوف على دار ابن لقمان في مصر أولى وأوفى..
ومن زعم أن الانتصارات التي حققتها هذه الأمة في بدر وحنين واليرموك والقادسية وحطين وعين جالوت وملاذكرد والزلاقة كانت بلا ألم، فقد أعظم على الله ثم على التاريخ و الناس الفرية..
في الذكرى الخامسة والسبعين لنكبة النكبات، وأم النكبات..
يجب أن نظل نرى في هذه النكبة العقدة الأولى لكل ما يمر بنا، في جميع أقطارنا، ولاسيما في إقليمنا الشامي الذي حوله المشروع الصهيوني إلى أشلاء...
ويجب أن نتوقف عن الانقياد لكل المزاعم والدعوات والسير في الدروب الزلقات..
وأن نفهم فهما عمليا واقعيا تاريخيا لكل التدرج في الخطوات الذي قادنا ويقودنا كل يوم أكثر نزولا على سلم الدركات..
وأن نفهم أسرار هذه النار المفتوحة على كل الذين قالوا ويقولون لمشروع الصادات لا..
وأن نضع انعقاد القمة العربية المصاحبة لمد الأقصى، في مثل هذا التاريخ بالذات في الإطار الحقيقي لدلالاته الرمزية والعملية، القومية والسياسية ..
لن نتوقف كثيرا عند حضور بشار الأسد لقمة البحرين أو الحربين، الحرب على الشعوب، والحرب على الذات؛ فإن الخرق العربي قد اتسع أكثر وتمادى..!! الحرب على الذات هو عملية تدمير الذاتية التي يمارسها من قومنا الذين لا يفقهون.
ولا أدري إذا كنا نستطيع أن نقول نأمل من القمة العربية أو نرجو حين يصاحبنا الخوف والتربص من يمين وشمال..
وما بين الأمة وشعوبها وبين هؤلاء المتنفذين باسمها أكبر من الإدانة والتنديد ..
وسنظل ندعو: اللهم ألهمنا الثبات على الأمر، والعزيمة على الرشد...
وقل لهم إن أزمعوا عــــــودة ... لأخذ ثــــــأر أو لفعــــــل قبيــــــح
دار ابن لقمان على حالها ... والقيد باق والطواشي صبيح
وسوم: العدد 1080