يمكن لنهر الثورة أن يلفظ النفايات..
عقاب يحيى
في كل الثورات.. والأحداث الكبيرة.. تظهر دوماً على السطح الرغويات، والأوزان الخفيفة، وكثيرها مجوّف يفوش كحبات الحمص الفارغة.. وقد يمسك بالزمام بعض الوقت.. وقد يعتلي صهوة الواجهات، والقرار.. وقد يمسك لجام الأوهام لحرف الثورة الوجهة التي تتناسب وتكوينه ومصالحه..وحين تضطر الثورة للمراجعة، ومواجهة الصخور والعوالق التي تعترضها.. سيتعربش كثير من هؤلاء بالنفايات.. أو يطيرون مع هبّات الريح الخفيفة، ناهيك عن مصيرهم عند الموج القوي..
ـ لن نتناول نتاج الاستبداد وعقود التغييب والتهميش والتركيع والتطويف والتزييف فينا.. فقد أكثرنا من وضع المبررات، والشرح المظهري الذي يصبّ في اللحمسة، وعدم مواجهة الظواهر الخطيرة التي غزت الثورة.. وأمسك بعضها بتلابيبها..فجميع الثورات تواجه الخليط من البشر بنوازعهم ومصالحهم.. ومعظم الثورات تنشأ فيها فئات جديدة تتسلق، تنتهز وتستفيد.. كمصاصي الدماء.. أو كالعلق.. وأنواعا مختلفة من تجار الحروب، واللصوص.. والانتهازيين، وعبدة الخنوع والمال والنفاق.. وكثير من ظواهر باتت فاقعة في اللوحة المظهرية للثورة السورية غلى درجة أنها تدعو كثير المنضوين فيها والمناصرين لها.. إلى اليأس..
ـ خارج القشرة البارزة، وإن صارت سميكة ومدججة بالسلاح وعشرات اسماء الكتائب الممولة من هذه الجهة أو تلك، والتابعة لها.. وفلتان الأمن، وفوضى السلاح والمسلكيات.. واعتلاء كثيرين من النصابين والمرتزقة والمجرمين والعاديين مواقع بارزة في اللوحة التصديرية للثورة..
ـ وبعيداً عن صورة المعارضات بتعارضها.. وهشاشتها... وخطوط التأثير، والتبعية، والتنابذ، والتشويش، والمَظهرية فيها.. ودور الأنا المتورمة حتى السرطنة، والحزبويات الصغيرة المنتفخة قسراً.. وظواهر شاذة تنتشر.. ومال سياسي يشتري المواقف والذمم والمواقع..
ـ خارج، وخلف ذلك هناك شعب مؤمن بالحرية والثورة. شعب ضحى بالكثير لينتصر.. هدفه، وأمله التغيير ليعيش إنساناً مثل بقية البشر له حقوقه التي يكفلها الدستور، وتصونها القوانين، في نظام لا يخاف فيه بسطاراً ولا عنجهياً ولا فئوياً حاقدا.. ولا أجهزة أمن تشتلع المواطنية.. لبثّ الخواء، والخوف..
شعب قدّ ويقدم الغالي.. وهم آلاف مؤلفة من الجنود المغمورين، والمجهولين.. الذين يشكلون مفاعلات الثورة وسرّ استمرارها، واداة انتصارها.
ـ حين نعلم أن من دخل المعتقلات بمئات الألوف : نساء ورجالاً.. وأن الشهداء بمئات الألوف الذي ينتشرون على امتداد ميادين وساحات البلد.. وأن التصميم على الاستمرار خياراً لا بديل عنه.. ندرك أن جميع الظواهر الحالية ستزول.. وإن بصعوبة، وبجهد وتنظيم.. وأن الثورة المستندة إلى شعبها ستمتلك وسائل التطهير والتطهر..وهنا على الأطراف المعارضة، والنخب، ومعتلي صهوات القيادة.. والمتنصبين في المواقع المسؤولة.. أن يكونوا أوفياء للثورة والدماء بالقيام بوقفة جدية مع ضمائرهم وأنفسهم بدءاً، ومع مجريات الثورة وواقعها الحالي.. ومساعدة الثورة في تقصير عمر هذه الظواهر والانتهاء منها بأقل الخسائر، وأقصر الطرق والوقت..
ـ من هنا أيضا.. فالدعوة لمؤتمر وطني جامع يناقش فيما يناقش أوضاع الثورة، والتحديات، والمخارج المتاحة، ووسائل الوصول للأهداف التي ثار شعبنا لأجلها، وقدّم كل هذه التضحيات.. ضرورة ، ومسؤولية ملقاة بالدرجة الأولى على عاتق الجهات المسؤولة في الإئتلاف، وفي كافة مواقع المعارضة..