غلطان ولازم تعتذر
نافز علوان
زوجتي العزيزة محجبة عن قناعة. لا تحدثنا في الموضوع ولا أمرتها به ولا ما يحزنون، هكذا هداية من الله وقناعة بأن هذا هو الأمر الطبيعي للمرأة المسلمة. تزوجنا وأنا في المراحل النهائية في مدرسة الحقوق وكانت تخرج حاسرة على قولة أهل الرياض، حتى تصادف في أحد الأيام أن تقابلت مع إحدى نساء اللأٓمش، واللأٓمش هم مجتمع يتبع مذهب مسيحي محافظ في المسيحية ينحدرون من شق يسمى بالمندونايت، المهم، هؤلاء اللأٓمش يبتعدون عن الحضارة بقدر ما يستطيعون يستخدمون العربات التي تجرها الخيول في تنقلاتهم يعمل في الزراعة غالبيتهم ويستخدمون المعدات الزراعية البدائية كالثور والمحراث وما إلى ذلك. بيوتهم تخلو من الأدوات العصرية إلا فيما ندر. رجالهم ملتحون ، ملتزمون بزي شبه موحد و نساؤهم يحرصن على تغطية رؤوسهن ويرتدين ثياباً تكسوهن من قمة الرقبة وحتى ما يغطي أقدامهن وكأنهن يعملن بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم قال : "من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة، فقالت أم سلمة فكيف يصنع النساء بذيولهن؟ قال يرخين شبرا، فقالت إذا تنكشف أقدامهن قال فيرخينه ذراعا لا يزدن عليه"وهؤلاء النسوة من اللأٓمش يعملن بهذا الحديث من حيث لا يدرين، سبحان الله.
تقول لي زوجتي أخذت أراقب تصرفات صديقتي هذه، وحرصها على دك ما قد يبان من شعرها أو ما قد يتسلل خارج غطاء رأسها بحرص والتزام شديدين. ثم تطورت متابعاتي وملاحظاتي إلى أن صديقتي هذه لا تنظر إلى الرجال، تغض نظرها عن الرجال كما يغض الرجل المسلم لدينا نظره عن النساء. قلت في حال نفسي سبحان الله .. هذه المرأة تلتزم بتعاليم هي من صميم ديني الإسلامي وأنا ابنة هذا الدين ووليدته أخرج ورأسي مكشوفة؟ لا ألبس القصير حقاً ولكنني لا أرتدي ما يسترني بالكامل كما يفرضه علي ديني وهذه المرأة الغربية تقوم بارتداء ما يحجب جميع جسدها بهذا الشكل الذي تكاد تحسبه لامرأة مسلمة محافظة! قررت ومن فوري ارتداء الحجاب وقلت في حال نفسي إني والله بهذا الأمر لأولى.
أما بالنسبة لي فقد كنت أحسب أن زوجتي فعلت ذلك احتراماً لمشاعري والتي على الرغم من أنني لم أطالبها يوماً بتغطية رأسها ورغم أنها امرأة مصلية لا ينقطع لها فرض والحمد لله إلا أنني وجدتها، في عموم تصرفاتها المحافظة، امرأة لها كل الحق أن تصل إلى قناعة الحجاب هذه بنفسها ومن قرارة ذاتها وأيضاً لعلمي أن حجاب المرأة فيه اختلاف صريح ولم ينزل به أمر صريح سوى ضرب الخمار على الجيوب والمعروف أن الجيب هو عنق المرأة حتى وإن كان هناك من يقول أن غطاء عنق المرأة لابد وأن يمر برأس ووجه المرأة إلا أن الخلاف حول هذا الأمر واسعة مجالاته والاجتهادات فيه نشيطة بين مؤيد و معارض.
أحببت أن أنقل هذا الأمر إلى القراء الأعزاء لكي يعلموا أن المرأة المسلمة لا زالت بخير، أينما كانت وفي أي بلد كانت، وأن فرض الأمور عليها بالقوة لا تؤتي بالنتائج الحقيقية المرجوة والتي كان القصد من ورائها صيانة المرأة وتمام المحافظة عليها في الدين الإسلامي الحنيف الذي دعانا إلى الرفق بهن والحض على معاملتهن الحسنة وكذلك لأنني وجدت فيما يتبعه بعض الدعاة والمصلحين تنفيرا للمرأة مما قد يكون هو في حقيقة الأمر من صميم قناعاتها إلا أن هذا الأسلوب جاف على إتباع تعاليم الدين الحقة والذي يخلو من أي لطف وأي مساحة للعقل أن يعمل رأيه في هذا الشأن، قد يدفع نساء المسلمين أن يخالفوا المنهج لمجرد الرد على صلافة الدعاة إلى هذا المنهج وتجاهل الدعاة للآية الكريمة التي تقول في قوله تعالى: " ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ".يقول الإمام ابن كثير يقول تعالى آمرًا رسوله محمدًا أن يدعو الخلق إلى الله بِالْحِكْمَةِ قال ابن جرير وهو ما أنزله عليه من الكتاب والسنة وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ أي بما فيه من الزواجر والوقائع بالناس ذكرهم بها، ليحذروا بأس الله تعالى وقوله " وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ " أي من احتاج منهم إلى مناظرة وجدال فليكن بالوجه الحسن برفق ولين وحسن خطاب، كما قال " وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِاَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ" العنكبوت ٤٦ فأمره تعالى بلين الجانب مع أهل الكتاب فما بالك بالمسلمين والمسلمات؟ كما أمر موسى و هارون، ، حين بعثهما إلى فرعون فقال : " فَقُولا لَهُ قَوْلا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى" طه ٤٤
قلت لزوجتي ممازحا :و الله حسبت أنك ارتديت الحجاب خوفا مني .. قالت لي : غلطان و لازم تعتذر .. قوم اغسل الصحون.