من تناقضات الديمقراطيات الغربية أن نتائج انتخاباتها غير متناغمة مع إرادة شعوبها
من تناقضات الديمقراطيات الغربية أن نتائج انتخاباتها غير متناغمة مع إرادة شعوبها المنددة بسياسات أنظمتها الداعمة للكيان الصهيوني العنصري المارق
إذا ما سلمنا بوجود تطابق بين مفهوم الديمقراطية الذي يختصر تعريفها بأنه حكم الشعب نفسه بنفسه ، وبين تنزيلها إجرائيا في بلاد الغرب، سواء في دول شمال القارة الأمريكية أو في دول أوروبا الغربية ، وكلها تعتبر نفسها وصية على الديمقراطية في هذا العالم ، كما أنها تنتصب قاضية للبث في شأن من لا يطبقها من الأنظمة ، نجد تناقضا صارخا بين المفهوم وبين الأجرأة ، وهو تناقض كان معروفا من قبل ، لكنه انجلى بشكل واضح بسبب جرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبها الكيان الصهيوني العنصري في قطاع غزة ، وكان ضحيتها مدنيون عزل معظمهم أطفال ونساء وعجزة . ولقد حركت هذه الجرائم الضمير العالمي ، فخرجت شعوب الدول الغربية في مظاهرات ومسيرات تحتج على أنظمتها المؤيدة لهذا الكيان المارق المتغطرس، والمستخف بكل القوانين والأعراف ، والقيم الإنسانية ، والمحاكم الدولية ، وكل ما ينسب إلى الديمقراطية من مناقب تتغنى بها تلك الأنظمة المتبجحة بالوصاية عليها ، والتي دخلت إجرائيا الحرب إلى جانبه تسليحا ،وقتالا ، واستخبارا، وتجسسا ، وتعطيلا عبر الفيتو لقرارات مجلس الأمن الدولي الداعية إلى الوقف الفوري لجرائم الإبادة الجماعية التي لم تقف لحد الساعة ، وقد مضى عليها تسعة أشهر بالتمام والكمال .
ولقد كان من المنتظر أن تنعكس تداعيات المظاهرات والمسيرات المليونية الصاخبة الغاضبة التي نظمتها شعوب الدول الغربية ، وهي التي لم تسلم من شتى أنواع القمع المحرم ديمقراطيا من قبل أنظمتها ، ويكون على رأس تلك التداعيات وقوع انتكاسة للأحزاب الحاكمة في تلك الدول بسبب فضائح دعم وتأييد الكيان الصهيوني المحتل لأرض فلسطين بقرارمن الاحتلال البريطاني كما حدث بذلك التاريخ، وشهد عليه شهادة ليس بوسع أي كان أن يطعن فيها ،إلا أن ما وقع كان عكس المتوقع أو المنظر، حيث فازت الأحزاب اليمينية المتطرفة في انتخابات البرلمان الأوروبي ، وهي في لحد الساعة في طريقه للفوز في برلمانات دول أوروبية أخرى ، كما حدث في فرنسا ، علما بأن هذه الأحزاب ذات توجهات عنصرية صارخة ، وهي تصرح بالتأييد المطلق للكيان الصهيوني الذي لا تختلف عنصريته عن عنصريتها أو لعله هو ما يوجد في طليعتها . ومقابل ما نتج عن الانتخابات البرلمانية في أوروبا الغربية ، نجد التنافس في الانتخابات الرئاسية ، والتي يكون التنافس فيها دائما بين حزبين رئيسيين، هما بمثابة وجهين لورقة مالية واحدة عندما يتعلق الأمر بالموقف الداعم للكيان الصهيوني العنصري ، والمضيع لحق الشعب الفلسطيني المحتلة أرضه . وها قد أفرزت الانتخابات في بريطانيا عن خلف لرئيس الوزراء الهندي المنصرف ، والذي بذل كل ما في وسعه لتقديم الدعم اللامحدود واللامشروط للصهاينة ، و هذا الخلف لن يختلف عنه في مواصلة سياسة دعم الصهاينة ، وقد أذاعت وسائل الإعلام ، ووسائل التواصل أن زوجته صهيونية، توجد عائلتها في أرض فلسطين المحتلة . فهل ينتظر من مثل هذا أن يستجيب للشارع البريطاني ويوقف دعمه للصهاينة ومشاركة بلاده العسكرية والاستخباراتية في جرائم الإبادة الجماعية التي تبيد الشعب الفلسطيني ؟؟؟ ولن يكون رئيس الوزراء البريطاني الجديد سوى رمضاء أو نار بالنسبة للشعب الفلسطيني .
أما المسرحية الهزلية للانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، وفيها هي الأخرى حزبان بمثابة وجهين لعملة واحدة عندما يتعلق الأمر بدعم الصهيونية ، قد عكستها المقابلة المتلفزة التي جرت بين الرئيس الحالي ، والرئيس السابق الراغب في العودة إلى السلطة ، وقد اختلفا في أمور شتى ،لكنهما عندما تعلق الأمر بدعم وتأييد الكيان الصهيوني، تنافسا في ذلك تنافسا شديدا ، وأظهر كل واحد منهما أقصى ما عنده من درجة التفاني في خدمة الصهاينة ، لأن اللوبي إنما يسمح بالولوج إلى البيت الأبيض لمن يتفانى أكثر ، ويتصهين أكثر .
ولن تعكس عمليا أو إجرائيا الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في الولايات المتحدة شيئا مما يسمى نظريا ديمقراطية، وقد سير الشعب الأمريكي المسيرات والتظاهرات الحاشدة احتجاجا على دعم إدارته للكيان الصهيوني وهو يرتكب أبشع وأفظع جرائم الإبادة الجماعية بل على مشاركته فيها عمليا .وقد تم التنكيل بالمتظاهرين في بلد تتبجح إدارته بالديمقراطية ، وتهدد بتأديب من لا يحترمها.
ونختم بالقول ، والقول ما قل ودل، أنه لو تطابق حقا مفهوم الديمقراطية في بلاد غرب مع تنزيلها عمليا أو إجرائيا ، لما وصل إلى منصب صنع القرار إلا من يخضع حقا لإرادة شعوب تلك البلاد ، وإرادتها قد شاهدها العالم بأسره وهي المطالبة بوقف دعم الكيان الصهيوني ، بل وقف مشاركته عسكريا فيما يرتكبه من جرائم إبادة جماعية في غزة ، مع الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في استقلال وحرية وطنه .
ولن يكون العالم أبدا بخير ما دامت العنصرية المستبدة متفشية فيه ، ولقد استبدل هذا العالم العنصرية النازية والفاشية البائدة بالعنصرية الصهيونية ، وبعنصريات غربية صليبية متصهينة تؤدها ، وهو ما ستؤدي بالبشرية إلى ما لا تحمد عقباه في زمن خطورة أسلحة الدمار الشامل . ولله عز وجل الأمر من قبل ومن بعد.
وسوم: العدد 1086