هل أنا صاحب قضية...!!؟؟
سؤال أطرحه على نفسي في صورة كل واحد يبلغه السؤال، دائما أحب أن أضع نفسي مكان المخاطب.
الأستذة على الناس مركب زلق.
وعندما أكون صاحب قضية سأشتغل دائما على قضيتي. ربما سأتوقف عن التمثل بحكاية ضرب زيد عمرا. كما سأتوقف عن ملاحقة العاطسين لأشمتهم، أو الشاربين لأهنئهم…
قضيتي فضيتي. قضيتي المركزية هي كيف أتولى جميع أمري، أوصانا الجدود بعد تجارب:
ما حك جلدَك مثلُ ظفرك
فتــــــولّ أنت جميـــــع أمــــــرك
وحين أتمكن من بسط ولايتي على جميع أمري، ومع إدراكي لحقيقة حاجتي للناصر والداعم والمؤيد؛ أظل أفكر حين أضع رحلي على عدس على طريقة من قال..
إذا وضعت رحلي على عدس
على الذي بين الحمار والفرس
لا أبالي من عدا ومن جلس!!
نحن - السوريين أقصد- لم نبالِ حين انضمت إيران ولفيفها إلى بشار الأسد. ولم نبالِ حين زجت دول الاتحاد الروسي بكل ثقلها رسميا في حربنا. ولم نبالِ حين شكلت الولايات المتحدة تحالفا دوليا من ستين دولة للتصدي لنا؛ وأدركنا يومها أن الموقف الاستراتيجي للولايات المتحدة هو دعم النظام الطائفي؛ حتى يبقى، وايجاد كيان عنصري آخر مزروع على أرضنا، ربما يراد منه مستقبلا أن يُحكم طرفي الكماشة العنصرية الطائفية حول أعناقنا، أو أن يحاصرنا هؤلاء بين حجري
فتعرككم عرك الرحى بثفالها…
ثم لم نبالِ حين خذلنا رهط المتهاوشين، الذين علمتم…
فعاد قاتلنا إلى كراسي الجامعة العربية، والقمة العربية…
أنا لا أهوّن من المصائب.. بل أتذكر أيضا أنه في مسرحية يوليوس قيصر لشكسبير: يقول القيصر المغدور حين تلقى الطعنة من أخلص أصدقائه بروتس: حتى أنت يا بروتس!! وتذهب الكلمة في تاريخ السياسة والأدب مثلا…
حتى أنت يا بروتس!! يجب أن نكون واعين لها ولأبعادها ولارتداداتها، وأن نتوقف عن مثل نوح الأرامل، وأن نعود على أنفسنا بالعزيمة، لا باللوم والتقريع: هذا على ما نقضي فنقضي، وذلك على ما قضينا فننسى.
كان لنا سندا فانهدّ كالطفل يدفن أباه ويعود من المقبرة فيقال له أنت منذ اليوم أنت!! أنت منذ اليوم تكون أو لا تكون، ونحن منذ ثرنا على حافظ الاسد ومن بعده وريثه بشار: قررنا أن نكون.
ومن مقتضيات أن نكون، أن نظل مستعدين لتلقي الطعنات حتى من بروتس، هكذا هو العالم، هكذا هي الدنيا الدنيّة..
يا خاطب الدنيــــــا الدنيّة إنهــــا
أصــــــل الردى وقرارة الأكــــدار
دار إذا ما أضحكت في يومها
أبكــــــت غدا تبــــــا لها مــــــن دار..
هكذا هو عالم السياسة.
قضى قيصر بطعنة صديقه بروتس؛ وكان قيصر واحدا..
ولكن قضية رفعها مليون شهيد على كواهلهم، وسقوها بدمائهم، وما زال يشحنها مع الصباح والمساء مئات الآلاف من المعتقلات والمعتقلين في زنازينهم بروح الصبر والمصابرة؛ لن تقضي..
منذ أن أخرجت من وطني، مكرها عام ١٩٧٩ عقدت العزم على أنني لم أهاجر لأعيش، وإنما هاجرت لأستأنف حمل الراية دفاعا عن حق كل سورية وسوري في العيش الحر الكريم…
لم يرني أحد يوما عاكفا لا بئر نفط ولا على برميل نفط.
وكل مكان ينبت العز طيب.
وإني لأسمع صوت الدماء
قويا ينادي الكفاح الكفاح
قوموا نذب عن الحمى
ونرد عنها المستبدا
أنادي على زهير مع كل صباح:
باشر قضيتك..
ارفع رايتك
احرص على ما ينفعك
دع عنك القيل والقال..
(وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ)
وسوم: العدد 1087