لو علمنا الناس تاريخنا الدبلوماسي!!
وتعتبر سيرة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجمل ومن أوثق ما في تاريخنا الدبلوماسي..
وحين يصر المثاليون على نسيان الأبعاد الواقعية في السيرة النبوية الشريفة، وفي غيرها من سير الخلفاء وملوك الإسلام، ويظلون يدندنون على الصور المثالية الزاهية، في أطرها المطلقة أو الطليقة؛ يحدث هذا الذي نعيش على مستوى التصور الاعتقادي، وعلى مستوى الواقع الإيماني!! فتكون جماهير الأمة تحت تأثير الصدمات العملية، بأبعادها، كمن خرّ من السماء، أو هوت به الريح في مكان سحيق؟؟
هل يخذل المسلم مسلما؟؟ هل يتخلى المسلم عن أخيه في ساعة عسرته؟؟ هل يأتي وضع يجد المسلم، وهو المنتمي إلى أمة وإلى مجتمع؛ أنه مضطر أن يواجه أعاصير الدفاع أو الصراع، وحيدا ويضطرب في حراكه بين الجماء الغفير ممن يسميهم إخوته في الدين!!
يجلس المعلم المثالي على منبره ويحدث الناس عن قول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ولا يخذله..
ويزيد "المسلم للمسلم كالبنيان" وإنما المسلمون في تعاطفهم كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالحمى والسهر؟؟..
فأين الحمى والسهر في أمة الإسلام، وفي المجتمع المسلم مما جرى ويجري على المسلمين، في الشام "سورية وغزة"
ويحلق المسلم عاليا عاليا وهو يتلقى، ويتعلم ومن ثم يتصور ومن ثم يبني ويُعلي…
(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)
ثم في لحظة يجد المؤمن والمسلم نفسه أمام كل هذا الذي ركن إليه واعتمد عليه، كمن هوت به الريح في….
ولو عدنا إلى التاريخ الدبلوماسي في السيرة النبوية الشريفة..
وأعدنا قراءة واقعة أبي جندل، رضي الله عن أبي جندل، بعد توقيع الرسول صلى الله عليه وسلم على وثيقة صلح الحديبية مع قريش وممثلها سهيل بن عمرو..
ويأتي أبو جندل رضي الله عنه، يرسف في أغلاله، وقد هرب من سجن المشركين، سجن والده "سهيل بن عمرو" الذي وقع الاتفاقية مع رسول الله عن المشركين.
وفيها أن رسول الله يرد على المشركين من جاءه منهم مسلما..
كان الموقف صعبا على سيدنا رسول الله، ومزيدا في محنة المسلمين الذين كان عدد غير قليل منهم غير مرتاحين للاتفاقية أصلا ؛ وكان عمر رضي الله عنه يقفز بين الصحابة متسائلا: فعلام نعطي الدنية في ديننا؟؟
ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم أمضى الاتفاقية، وأعاد أبا جندل للمشركين، أعاده لأبيه المشرك يرسف في أغلاله، على أعين المسلمين، ودماء المسلمين في شرايينهم تغلي، وأبو جندل ينادي فيهم: اللهَ اللهَ يا عباد الله أأرد على المشركين يفتونني في ديني!!
لا أكتب هذا لأسوغ لخاذل خذلانه..
أكتبه دفاعا عن حقائق الإسلام مؤطرة في رؤية واقعية لحقائق هذا الدين..
وأكتبه لأدعو إلى إحياء سيرة سيدنا أبي جندل رضي الله عنه، الذي قال عنه سيدنا رسول الله صلى الله وسلم عليه، بعد أن اختار طريقه منفردا، معتمدا على الله، ثم على قائم سيفه: ويلمه مسعرّ حرب لو وجد له مساعدا..
أيها السوريون المخذولون من أمة تعدادها مليار ونصف المليار…
توقفوا عن تتبع أخبارهم (يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُم بَادُونَ فِي الْأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنبَائِكُمْ) فذلك خبر الذين قد علمتم..
وليكن كل واحد منكم أبا جندل…
ومهما واجهتم به من خذلان.. لا يضركم من خذلكم بإذن الله حتى تكونوا على أمركم ظاهرين..
علموا الناس حقائق هذا الدين العظيم، وعلموهم أن المطالب لا تنال بالتمني..
أنت عيني وليس من حق عيني..
غض أجفانها على الأقذاء
وسوم: العدد 1088