في تطور العلاقات التركية – الأسدية

دائما أقرر وأكرر أن للشعوب، خياراتها، وللدول والأنظمة ضروراتها.

ليس عليّ أن أكسب عداوة أحد يجد نفسه مضطرا للتعامل مع ضرورته.

في تعابيرنا العامية ما نسميه، "بيت الضرورة" و "إزاحة الضرورة" أيضا.

ومع الإقرار بكل ذلك بجب أن نتوقف نحن المعارضين السوريين، عن تسمية أي علاقة بين أي دولة أو حكومة أو منظمة وبين بشار الأسد، أنها علاقة بين طرفين أحدهما "سوري"

ويجب أن نصر ونصر ومهما كانت وجهة نظر الآخرين، أن هذه العلاقة بين طرفين، الأولى هي الجهة الممثلة للذين يولونها من شعب أو حكومة أو دولة، والثانية هي "الزمرة الأسدية" المغتصبة للأمر في سورية، المتخوضة في دماء السوريين، المدمرة لوطنهم، التي أجلبت عليهم كل أشرار العالم بمن فيهم الروس والميليشيات الطائفية المتعددة الجنسيات، ثم بكل من رأى أن من مصلحته أن ينوي "الاغتراف"

في فهمنا لموقف الدولة التركية، مع حسن الظن وسبق التقدير، يجدر بنا أن نتذكر عنواننا البلدي: ذهبت السكرة وجاءت الفكرة.

وربما بدا لأحبابنا الأتراك أن جحر الأسد مثل جحر ابن علي أو القدافي أو مبارك، مما تقول العرب فيه "جحر ضب خرب"

ربما عزب عن عقل الساسة الترك، ومنهم وفيهم ٢٠١١ مثل أحمد داود أوغلو ورجب طيب أردوغان، أن بشار بن حافظ الأسد عريق في عالم العمالة والخيانة حتى ليقال فيه إنه في هذا السوق "متمكن أمكن"

ليس عجيبا أن تنساق جماهير الشعب السوري المكلومة المألومة وراء ما ظننته أملا في خلاص؛ ولكن الذي كان ثمنه كارثيا أن يقع فريق هو موضع الأمل والرجاء في خطأ التقدير نفسه.

في آخر عام ٢٠١٥ وبعد تورط الجيش التركي باسقاط طائرة السوخوي الروسية على الحدود السورية التركية، وانكشاف موقف دول الناتو من الموقف التركي في سورية، راحت السكرة وجاءت الفكرة، كما قلنا.

تلك هي اللحظة المفصلية لعملية الاستدارة التركية، من الملف السوري إذا شئتَ أو من الملف الأسدي كما أصر أن أقول…

وسبق ذلك بنحو عام دخول الأمريكي على الخط، بملف بعض الإرهابيين تحت عنوان حرب الإرهاب، الملف الذي يعلم إخواننا أصحاب القرار في تركية، أنهم كان لهم يد في إلجاء الأمريكيين إليه.

نعم نحن في عالمنا نقول: إذا كنت لا تريد زواج بنتك فأغلِ مهرها!! ولكن إذا كنت تريد زواجها فترفق. يبدو أن السياسة التركية التي كانت موضع رغبة الأمريكيين في الشمال السوري، لم تنجح، بالموازنة بين مرحلة الموقف تحت الحرج والموقف الحرج، فغالت زيادة حبتين، فالتقط اللحظة شيطان متعدد الرؤوس صهيوني أسدي روسي و…

فكان الذي كان..

بوصفي سوريا عتيقا أعتقد أن التفكير التركي في طبة الحرير وسط شجرة الشوك ما زال أبعد

يقولون عندنا إن الصفيحة لا تطلب من الصفندح؛ إلا كما يطلب الجوز من …

ومع ذلك نترك للإخوة الترك البحث عن مصالحهم بكل الاحترام..ولسنا في موضع بذل النصح، بل نحن من طلابه..

منذ آخر ٢٠١٥ وما تبعها من آستانات وسوتشيات وخفض التصريح جرت المياه في وديان بل في قنوات أخرى..

في ملف اللاجئين السوريين، وكنت متابعا لدراسات تركية وطنية عملية، أشرفت عليها مراكز دراسات تركية شبه مستقلة، ذات توجهات إسلامية وقومية ويسارية.. كلها وبخلفياتها المتعددة أجمعت على انه لا مصلحة للدولة التركية، ولا للمجتمع التركي، باستقبال هذه "السكبة" الديمغرافية، من دولة من دول الجوار. فهذه "السكبة" أو الإضافة سيكون لها تداعياتها المستقبلية، حسب تقارير هذه الدراسات، التي ستحمّل المجتمع التركي في قادم الإيمان ما هو بالغنى عنه.

بدأت التقارير تتوافد إلى القيادة السياسية منذ ٢٠١٨ ٢٠١٩ ودخلت مدارات القرارات السياسية منذ ذلك التاريخ…

كل ما نتابعه اليوم هو مخرجات لمدخلات..ليس أكثر..

ومن واجبنا أن نعي..

الذي أريد أن أضيفه هنا أن ملفات العلاقات المستقبلية التركية- الأسدية ؛ هي ملفات شائكة ومعقدة وذات خصوصية تركية أسدية بالدرجة الأولى

قضايانا نحن اللاجئين السوريين وسكان الشمال السوري، ليس ملفا من ملفاتها، بل هو ورقة من أوراقها، وأرجو أن لا يطلب مني التفريق بين الورقة والملف.

وكذا أحب أن أذكر الشقيق التركي أن صاحبهم سجين جزيرة امرالي في بحيرة مرمرة كان يدير عملياته من قلب العاصمة دمشق، يوم كانت امريكا تعتبر كيانه إرهابيا ولا تتحالف معه كما هي اليوم !!

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 1088