نتنياهو في الكونغرس الأمريكي... وبشار الأسد في حضرة بوتين

استمعت، استمعت وليس استمتعت، إلى كلمة نتنياهو في الكونغرس الأمريكي يوم أمس الأربعاء، استمعت إلى كلمة نتنياهو أكثر من مرة…

استمعت إلى موجات التصفيق، التصفيق مشتق من الصفاقة، تفقدت الغائبين من أعضاء الكونغرس، تلمست بعض معاقد شجاعتهم، تجولت خارج الكونغرس وأصغيت لأصوات المحتجين يطالبون باعتقال مجرم الحرب، القاتل المبير.. الذي قتل أربعين ألف إنسان في تسعة أشهر وجلهم من النساء والأطفال…

استمعت إلى خطاب الجريمة أمس الأربعاء، أمر ما أعادني إلى دمشق، ومجلس مصفقيها، المطجن، وفذلكات بشار الأسد يصب الخمر على الجراح…

منطق نتنياهو في تصويره نفسه محاربا للهمجية والتوحش والإرهاب، منحازا للحضارة والإنسانية ببعدها الأمريكي- حضارة الهيمنة والنفوذ والبلطجة كما يصفها نعوم تشومسكي- يذكر كل كلمة منه بفذلكات بشار الأسد وحلفائه الروس والأمريكيين وأتباع الولي الفقيه وفوق كل هؤلاء عجل بني صهيون..

ولم أكد أفرك عيني لأميز بين صورة نتنياهو وصورة بشار الأسد.. حتى اختلت لدي الصورة فقط عندما تذكرت أن جرائم بشار الأسد التي نفذت على مساحة من الأرض ١٨٤ ألف كم مربع هي أكبر بخمس مائة وإحدى عشر مرة من جريمة سيده ومولاه…

الأسلوب نفسه والمنطق نفسه، والأدوات نفسها والضحايا أنفسهم والفرق العددي الذي ذكرنا..

ولم يكد يصبح صباحنا اليوم حتى فوجئنا بالخبر الرديف بشار الأسد مستدعي مرة إضافية إلى موسكو ويقول له بوتين

الوضع في المنطقة يزداد تعقيدا… وأريد أن أتأكد إذا كنت تعي!!

ربما المخبرون الروس يرفعون لبوتين أن بشار الأسد يعتقد أنه انتصر وأن القضية "خلصت"

بوتين في مقدمة الاستدعاء لا ينسى أن يذكر بشار الأسد بالملفات الاقتصادية، فيغص الثاني على طريقة: جاءك الموت يا تارك الصلاة…

دائما يلّح عليّ هذا الوارد..

والواردات تذكرني بحديث سيدي رسول الله: وأعوذ بك من طارق الليل والنهار، إلا طارقا يطرق بخير يا رحمن..

ومن طارق الخير الذي يلح عليّ فيذكرني أن واجبنا أن نصنع الأخبار لا أن نتتبعها..

يقول لي الطارق الرحماني يطرقني بخير في الإبكار والعشي، تذكر أن واجبكم أن تصنعوا الأخبار، وأن تسيّرو الأحداث، وأن تلقوا بكلمة الحق على باطل نتنياهو وبشار الأسد وهو واحد… فإذا هو زاهق..

فإن لم تفعلوا ذلك فأن تظلوا عليه تدندنون..

يا مفرج الكرب عن صاحب الحوت..

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 1088