اغتيال زعيم حركة حماس ووهم الصهاينة المستخفين والمستهترين بكل القوانين والأعراف الدولية والقيم الأخلاقية

يراهن الكيان الصهيوني منذ  ثمانية عقود على وهم تثبيت احتلاله في أرض فلسطين التي فوتها له الاحتلال البريطاني في ظرف ضعف الدول العربية ،  وهو ظرف استغلته  الدول الغربية بزعامة الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية للاعتراف بكيان صهيوني مختلق فوق أرض فلسطين وقد أضفوا عليه صفة  دولة قوامها شرائح يهود  مهجرة من مختلف أرجاء العالم  ، وهو اعتراف فاقد للشرعية وللمصداقية .

و لد كان إعلان دولة الكيان الصهيوني بمثابة السير نحو تحقيق وهم صهيوني لا  يقف عند حد احتلال فلسطين بأبعادها الجغرافية المعروفة ، بل تعدى ذلك إلى وهم دولة  بأبعاد جغرافية أوسع تتجاوز حدود فلسطين ، وتمتد من نيل مصر إلى فرات العراق، وهذا وهم من أوهام التلمود الذي هو مرجعية الصهاينة أوبتعبير الفيلسوف الفرنسي رجاء جارودي هو الأساطير المؤسسة لما يسمى دولة إسرائيل ،علما بأن طبيعة كل الأساطير مهما كانت هو كونها محض أوهامها .

وطيلة مدة احتلال الكيان الصهيوني لأرض فلسطين، لم يفارقه الوهم التلمودي ، وظل يحلم باستئصال الشعب الفلسطيني من وطنه طيلة عقود خلت ، وهذا الشعب لا يزداد إلا إصرارا على تشبثه بوطنه مهما عظمت وغلت التضحيات.  

ودون الخوض في محطات الصراع الفلسطيني الصهيوني العديدة  ، نركز على آخر محطة في قطاع غزة ، وما يدور فيه من أحداث مأساوية  منذ ما يزيد عن سبعة أشهر دون أن  يحين أوان نهايتها  كما يرتقب ذلك من مفاوضات  جارية ، وهي غير مباشرة بين الجناح السياسي لحركة المقاومة حماس إلى جانب فصائل أخرى ،وبين المخابرات الصهيونية، وبوساطة قطرية ومصرية ، وبحضور الوصي الأمريكي على الكيان الصهيوني الذي  يتظاهر بلعب دور الحكم بين الطرفين  ، في حين هو خصم يقف في صف الصهاينة ، وهو متورط في جرائم إبادة الشعب الفلسطيني الجماعية بجنده وسلاحه ، وهو أمرغير خاف على أحد ويصرح به  في أكثر من مناسبة كبار الساسة الأمريكان  .

ومن أوهام الصهاينة أنهم يظنون  عن طريق  إبادة الشعب الفلسطيني تقتيلا، وتجويعا، وتهجيرا قسريا ، وعن طريق تصفية قادة مقاومته، سيقضون على فكرة استقلال دولة فلسطين التي تعني بالنسبة إليهم تبخر حلم إقامة الدولة الصهيونية  المؤسسة على أوهام التلمود سواء داخل حدود دولة فلسطين أو خارج حدودها . وبالرغم من كون أصوات صهيونية تردد عبارة :  إن المقاومة الفلسطينية  فكرة لا سبيل إلى القضاء عليها ، فإن شرذمة المجرمين الصهاينة الذين يرتكبون جرائم الإبادة الجماعية لا زالوا متشبثين بأوهامهم ، و هم يوهمون بها شرائح يهودية  غرر بها ، وقد جلبت إلى أرض فلسطين من شتى أصقاع العالم من أجل ضمان بقاء واستمرار كيان غريب  مستنبت في أرض مغتصبة بالقوة ، وهي ليست أرضه ، ولا حق له فيها بشهادة التاريخ الذي لا يلابسه شيء من أوهام التلمود العرقي والعنصري المنزع .

 وها هم اليوم الصهاينة يغتالون المسؤول السياسي الأول في حركة المقاومة الفلسطينية حماس ، وقد استهتروا بكل القوانين والأعراف الدولية ، وبكل القيم الأخلاقية إذ اخترقوا سيادة دولة وجد على أرضها القائد الفلسطيني ، وهو في حمايتها كما توفر الحماية قانونيا في كل أقطار العالم للقادة والمسؤولين الكبار  وفي وهمهم أنهم بذلك سيقضون على المقاومة الفلسطينية التي استعصت عليهم ما يزيد عن ثمانية أشهر بالرغم من عدد جيشهم الذين انضمت إليه جيوش دول غربية على رأسها الولايات المتحدة والتي تنده بأفتك أنواع الأسلحة المحرمة دوليا ، فضلا عن فلول المرتزقة المقاتلين معهم ، وهو وهم  طالما تتكرر كلما اغتالوا قياديين من هذه الحركة أو من غيرها بمن في ذلك مؤسسها الشهيد أحمد ياسين . والصهاينة على يقين تام بأن المقاومة الفلسطينية كلما اغتيل قائد من قادتها حل محل آخر يخلفه ويكون على نفس نهجه ومساره، لا يلين في  ثباته على ذلك ، ولا  يقبل المساومة فيه .

 وإذا كان الشهيد إسماعيل هنية قد قدم روحه فداء لوطنه الذي يشرف بأقدس المقدسات الإسلامية  وهو المسجد الأقصى المبارك ، فإنه قد تربي على ذلك منذ نشأته الأولى ونعومة أظفاره  ، ولم يغب عن ذهنه يوما وهو يرجو الله عز وجل الشهادة في سبيله ، وفي سبيل وطنه و من أجل مسجده الأقصى المبارك أنه سيتحقق رجاءه في يوم من الأيام ، وكان تحققه هذا اليوم كما قضى بذلك الله تعالى  . والعدو الصهيوني يعلم علم اليقين أن كل مقاوم فلسطيني من جميع الفصال هو مشروع شهيد ، وكل المقاومين يرجون من خالقهم أن يكرمهم بالشهادة في سبيله ، وهم بذلك على نهج السلف الصالح  الذي مضى في زمن النبوة المشرفة ، و في زمن الخلافة الراشدة ، ثم  في الأزمنة المهتدية بهما .

وإذا كان  اليهود أحرص الناس على حياة كما وصفتهم رسالة القرآن العالمية ، فإن المسلمين في كل زمان  ومنهم أهل فلسطين أشد حرصا منهم على الشهادة  في سبيل الله، لأن الجهاد في سبيله هو سنام الأمر عندهم ، وهو أسمى غاية يرجونها ويتمنونها  على الله عز وجل .

وإن أهل فلسطين وهم ممن شملتهم بشارة من رسول الله صلى الله عليه وسلم  التي بشر بها أهل الشام ، وهي الثبات على الحق  لا يضيرهم من خالفهم ، سيظلون أهلا لذلك حتى تقوم الساعة ، ولن تصرفهم عنها التضحيات الغالية  بالمهج الغالية التي يعتبرونها شرفا يتوجون به في الدنيا والآخرة .

لقد استشهد هنية وسيخلفه قائد  آخر لا يقل عنه عزما ، وسيرعى عهده وعهد كل الشهداء قادة ومجاهدون وبكل إصرار على مواصلة مشوار الجهاد المقدس حتى يكسر القيد الذي ينوء به المسجد الأقصى ، وهو وعد ناجز  لا محالة من الله تعالى  في رسالة القرآن ،والذي فيه تسفيه لأساطير التلمود ، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون . وستظل عبارة نصر أو استشهاد مسفهة لأوهام الصهاينة ومنغصة عليهم حياتهم حتى تأتي ساعة نهايتهم ولعلها قاب قوسين أو أدنى من الحلول بإذن الله تعالى . المجد والخلود للشهداء الأبرار، والخزي والذل والهوان لأعدائهم. 

وسوم: العدد 1089