وسألني: لمن توجه النداء؟؟

فقلت أنا سوري عتيق، من زمن كان الناس في حينا ينادون كلما حزبهم أمر: يا سامعين الصوت، والصوت صوت محمد وعلي…

مرات ومرات ومرات سمعت مثل هذا الصارخ، مرات في جوف الليل، ومرات عند انبلاج الفجر، ومرات في وسط النهار…

كان الناس لا يملكون نداء ناين ون ون ، ولا تسعة وتسعة.. فكل من حزبه أمر من الخوف أو من الفزع أو التهديد أو شب في بيته حريق، أو اعتدى عليه لص صعد على سطح داره وصاح على أهل صايحه، كما قلت لكم: يا سامعين الصوت، ليبادر إلى نجدته كل من سمع صوت استغاثته من كرام الناس..

يقول العربي:

كنا إذا ما أتانا صارخ فزع

كان الصراخ له قرع الظنابيب..

والظنابيب: جمع ظنبوب، والظنبوب: ما نسميه في هذا العصر، قصبة الساق. وتقول العرب قرع لهذا الأمر ظنبوبه، بمعنى شمر واحتفل واهتم.

وحين أنادي على سامعين الصوت، وأنا أرى المؤامرة اللئيمة الخسيسة يحبكها لافروف وشركاه على بلدي، يعجبني أن يصل صارخي إلى كل سوري يهمه بقاء سورية، وتهمه وحدتها، وتهمه نهضتها، ويهمه مستقبل أجيالها…

ولكنني على يقين أن أصحاب أذن الجمل، لا يهمهم من أمر الجمل إلا أذنه، ولا يهمهم أن تبكّت أذن الجمل أو تُصلم..

ليبقى صريخي أو صراخي متوجها أصلا إلى السوريين الذين قرر لافروف بتصريحه القبيح أن يستعبدهم ويستذلهم وأن يديثهم بالصغار، وأن يستزلهم إلى التي لا تحمد..

وهؤلاء السوريون هم الأولى بالنداء والأولى بالإجابة..

وإنني لأراهم، وأكتبها والقلب يبكي، هم أكثر السوريين تشتتا وتنابذا وتدافعا وتراشقا، وهم لا تنقصهم فيما هم فيه معرفة،وقد علموا وإنما ينقصهم ذلك الذي تسميه العرب: الحِلم، والعلم، والبصيرة، وإغباب الرأي، وكظم الغيظ، وأن يمسكوا أنفسهم على المكروه، وأن يديروا ظهورهم للصغائر، وأن يتشاغلوا بمعالي الأمور، وأن يدعوا عنهم سفاسفها.." إن الله يحب معالي الأمور، ويكره سفاسفها" وفي رواية "سفسافها" فمن أي سفاسف أحذّر وتحذرون..

وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ضالة الغنم، فقال: لك أو لأخيك أو للذئب!!

عمرَنا أجمع نقول: يخسأ الذيب...

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 1093