تنامي وعي الشعوب الغربية بتهافت مقولة "معاداة السامية" التي يتاجر بها الكيان الصهيوني
تنامي وعي الشعوب الغربية بتهافت مقولة "معاداة السامية" التي يتاجر بها الكيان الصهيوني لتبرير ما يقترفه من جرائم إبادة جماعية وحشية في قطاع غزة
من المعلوم أن بورصة متاجرة الكيان الصهيوني بمقولة " معادة السامية " قد انهارت بعدما تابع العالم بأسره كل ما يرتكبه من مجازر وحشية وهمجية في قطاع غزة، والتي تجاوزت كل الحدود المعروفة في الذاكرة البشرية عن أشكال الإبادة الجماعية التي عرفها التاريخ البشري ، لأنها جمعت بين جرائم الحصار الخانق لمنع دخول الطعام والشراب والدواء عن الشعب الفلسطيني لما يزيد عن عام كامل ، وجرائم القصف الجوي الذي يتوقف لحظة عن طريق سلاح الجو الفتاك ، وعن طريق المسيرات القاتلة ، وجرائم القصف المدفعي والصاروخي ليل نهار ، وجرائم تدمير العمران فوق رؤوس الفلسطينيين بما في ذلك المستشفيات ، وأماكن اللجوء في المدارس ، وتحت الخيام وداخل المساجد ، وجرائم ردم وإتلاف آبار المياه ، وتلويثها ، وجرائم إتلاف مصادر الطاقة ، وجرائم التهجير القسري ، وجرائم تعذيب واغتصاب المعتقلين الفلسطينيين.... وغير ذلك مما خفي ، ومما لا يخطر على بال أحد من شائن السلوكات السادية التي افتضح أمرها ، وصار العالم كله يدينها بشدة ، وهو ما جعل فكرة متاجرة هذا الكيان العنصري بمقولة " معاداة السامية " تنهار كليا لدى شعوب العالم الغربي ، ولم تعد تسوق إلا على ألسنة أنظمتها الضالعة معه في جرائم الإبادة الجماعية الوحشية، من خلال المشاركة الفعلية فيها ،ومن خلال توفير مختلف الأسلحة الفتاكة له بكل سخاء ، وكل ذلك إنما هو ذريعة لدفع تهمة " معاداة السامية " التي تلاحقها تاريخيا ، علما بأن هذه المعاداة إنما نشأت وترعرعت في البلدان الغربية بشهادة التاريخ القديم والحديث الذي لا مجال لإنكارها أو طمسها ، وهي موثقة بالتصوير الحي . ولم تكن هذه المعاداة في يوم من الأيام في البلاد العربية أو الإسلامية التي كانت تأوي اليهود بشهادة التاريخ أيضا ، والذين كانوا يعيشون بين ظهرانيها في أمن وسلام ، وكان عيشهم أفضل بكثير من عيش كثير من رعاياها .
ولما أرادت البلدان الغربية طمس معالم " معاداة السامية " الناشئة عندها وهي مسؤولة عنها أخلاقيا وتاريخيا ، فكرت في كفارة عنها ، فلم تجد سوى الشعب الفلسطيني قربانا ، و لم تجد سوى أرض فلسطين لتوطين اليهود فيها بالقوة ، وتهجريهم إليها ، وهو ما وافق هوى الحركة الصهيونية التي أغرت كل يهود العالم بالنزوح إليها، وذلك من خلال استغلال عواطفهم الدينية حيث سوقت بينهم فكرة ما سمته وطنا قوميا لليهود انطلاقا من أساطير تلمودية تزعم أن ذلك هو تحقيق لإرادة الرب .
وآخر حلقة من حلقات انهيار متاجرة الكيان الصهيوني بمقولة " معاداة السامية " هو ما وقع من أحداث في مدينة آمستردام الهولندية التي شهد ملعبها مباراة في كرة القدم بين فريقها وفريق صهيوني حيث بادر أنصاره بأعمال شغب فاضحة في شوارعها قبل انطلاق المباراة ، وبعدها خصوصا وقد مني فريقهم بهزيمة . ولقد كان غرضهم من وراء هذا الشغب استهداف المنازل والمرافق التي كانت ترفع فوقها أعلام فلسطينية كرمز تضامن مع الشعب الفلسطيني الذي يتعرض لإبادة جماعية بأساليب وحشية ، وكتنديد شديد بالكيان الصهيوني .
ولما جاء رد الفعل على شغب المشجعين الصهاينة بالتصدي لهم من طرف المتعاطفين مع القضية الفلسطينية، سارعت السلطات الهولندية إلى التلويح بتهمة هؤلاء المتعاطفين " بمعاداة السامية " بينما وصفت من عاثوا فسادا في عاصمتها من الصهاينة بالضحايا، وذلك بإيعاز من الكيان الصهيوني التي يملي ما يشاء على الكيانات الغربية التي لا ترد له طلبا ، كما سارعت وسائل الإعلام المتصهينة إلى تسويق هذه الرواية المثيرة للسخرية ، خصوصا بعدما عرت زيفها وسائل إعلام أخرى ، و كذا وسائل التواصل الاجتماعي من خلال تصوير حقيقة ما حدث . و لقد ثبت بما لا شك فيه أن من جاءوا لتشجيع الفريق الصهيوني ، لم يأتوا لهذا الغرض، بل تم توظيفهم من طرف الموساد الصهيوني من أجل الإجهاز على تنامي رصيد التعاطف الكبير مع الشعب الفلسطيني من خلال تلك المسرحية الهزلية المكشوفة التي صور فيها المعتدون الصهاينة ضحايا عسى أن يحد ذلك من تزايد انهيار بورصة المتاجرة بمقولة " معاداة السامية " بعدما ساد وعي كبير لدى شعوب الدول الغربية خصوصا شبابها بتهافتها ، وافتضاح استغلالها لتبرير ما يحدث من مآسي للشعب الفلسطيني في قطاع غزة ، والتمويه عليه .
ولقد ارتفعت أصوات عديدة لشخصيات وقيادات حزبية وجمعوية في كل الدول الغربية للتنديد بالسلوك الهمجي للصهاينة الذين لم يأتوا لتشجيع فريقهم، بل جاءوا من أجل الإساءة إلى القضية الفلسطينية العادلة التي تتضامن معها شعوب البلاد الغربية ، وهو ما وضع أنظمتها المؤيدة للكيان الصهيوني في حالة شرود وهي تتبنى مواقف غير مواقف شعوبها المنددة بسياستها المنحاز له ، وعلى حساب مصالحها ، وبتمويل مما تدفعه من ضرائب باهظة . والجميل في موقف هذه الشعوب الواعية هو أن عنصر الشباب هو الذي يمثلها لحمتها ، الشيء الذي يعني أنه لم يعد هناك مجال للمتاجرة والارتزاق بمقولة " معاداة السامية "، وأنه لا محالة إلى زوال قريبا في عالم غد قريب بدأت معالمه تتشكل مباشرة بعد طوفان الأقصى الذي فضح كل ما كان مستورا من خسيس المواقف ، وساقط السلوكات ، وزيف الادعاءات المباهية بقيم ما يسمى بالعالم الحر الذي تبين للجميع مدى انحطاط قيمه إلى أسفل درك ، وهذا سيجعل وعي شعوبه بهذا الانحطاط سببا في نشدانها قيما إنسانية حقيقة بديلة عما هو سائد اليوم .
وسوم: العدد 1102