السوريون وعناوين المنصات.. ولا تنابزوا بالألقاب.. منصة موسكو تتمدد أو تُمدد؟؟

يلفتني التناقض أو التنابز في مشهد "المعارضة" السورية..

إذا تذكرت نظرية النقيض عند هيغل ثم ماركس، أو نظرية "الآخر" عند الفرنسييَن "سارتر وكامي" أجد تلك النظريات كأنما وضعت مقتبسة من واقعنا السوري، الذي تحول غزله إلى أنكاث..

في رواية الغريب تسأل والدة ميرسول "بطل الرواية" ولدَها: ألا تحب أمَّك يا عزيزي؟؟ فيجيبها: أنا لا أحب أحدا!! لا أزال أحفظ هذه العبارة منذ ستين سنة!! سارتر الذي رأى حسب فلسفته أن الآخر مهما كان، يشكل قيدا لحريته الفردية؛ أطلق عبارته: جهنم هي الآخرون. بالمعنى الفلسفي: مادامت حريتي تنتهي عند حدود الآخرين، فلولا الآخرون ستكون حريتي بلا حدود..

كل الأحاديث عن ضرورات الاجتماع البشري الإنسانية والاقتصادية والسياسية والأمنية تصبح لاغية، عندما "تحضرُ الأنفسُ الشحَّ" أو حسب التعبير القرآني (وَأُحْضِرَتِ الْأَنفُسُ الشُّحَّ) .

أتذكر مرة، في عملية فسخ علاقة خطبة، وأساسها أن يرد على كل طرف ما بذل، أتذكره يوم قال لها: وتذكرين يوم خرجت معك يوم كذا، فاشتريت لك قبعا من البوظة بليرتين..

أردت أن أقول وكلي أسف تلك حال كثير من السوريين اليوم.

كثير منهم يتصورون الآخر، مهما كان شأنه، صغر أو كبر، عثرة في طريق مجده، ومصباحا يغطي على سراجه وشمعته!!

منذ تشكيل الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، على أنقاض المجلس الوطني.. بدا أن هذا القانون قد غدا سائدا..

في إطار هذا الائتلاف وعلى ضفاف اضمحلال ما سمي بالمنبر الديمقراطي، وأنا أظل أقول ليته ما انحل!! بدأنا نسمع عناوين لمنصات مثل منصة القاهرة، ومنصة موسكو، ومنصة الرياض حتى..

أقف هذه الوقفة لأتساءل عن حقيقة هذه العناوين؟؟ وماذا كان يراد بها؟؟وهل هي عناوين مدح بلغة الذم، أو عناوين ذم بلغة المدح؟؟ او هو نوع من التنابز بالألقاب؟؟

هده العلاقات الرائجة القائمة على الفصام والتشاكس، والمؤسسة على الاتهام المسبق، في عالم السوريين على خلفياتها او خلفياتهم، هل هي من مقتضيات العمل السياسي، أو من طبيعة نزغ الإنسان، أقول هذا لأن بعض من يمارسون هذا الدور لا يؤمنون بالشيطان..

وأنا أقول حتى الذباب الالكتروىني للظالم المستبد أعجز من أن يولد هذه الحالة في فضاءات الحالة السورية كما نعيش!! ونظرية التوليد في الأفكار والمعاني من النظريات التي كانت سائدة في عالم المتكلمين والأدباء..

وأعود بعد كل هذا إلى الحديث عن حراك سياسي جديد، في مبادرات مبرمجة تتحرك بها "منصة موسكو"..

نوهت منذ أسبوعين تقريبا عن خطوة برامجية بين منصة موسكو ومنصة القاهرة.. وكتبت عنها يومها ما كتبت، وضاع في الغمار، وأنا أكتب لأنني معنيٌّ برصد الحالة السورية بوصفي سوريا فقط..

أعتذر إن كان يفهم من العناوين التي اكتب تحتها، نوعٌ من النبز.. هاهنا سوريون مثلي، أختلف معهم، ويختلفون معي، في أمور كثيرة، ولكن هذا لا يحرّج عليهم أن يكون لهم في شؤون وطنهم رأي…هو وطنهم وهو وطني، ووطن كل سوري والظالم من يشاحح في هذا.

وأضيف

تابعت اليوم نشاطا آخر لما تسمونه أو يسمونه "منصة موسكو" الممثلة بالأستاذ قدري جميل..

فقد تابعت خبرا أن منصة موسكو قد توسعت في نقاشات مع مجموعات سورية أخرى..ناقش فيها

 المجتمعون الوضع السياسي الراهن، وآفاق العمل المشترك بين المجتمعين، للدفع باتجاه الحل السياسي الشامل في سورية، وأقروا وثيقة بعنوان «منصة موسكو... موضوعات برنامجية»

الذي لحظته في كل هذا أن هناك ما يمكن أن أعنونه "الامتداد في زمن التقلص"

وربما من الطموح أن نجد جميع التوجهات السورية الجادة تخرج من فضاء التقلص أو التفتت أو الانفراط أو النبذ إلى فضاء الجذب، والتوسع والتماسك..

ثانيا والمأمول من منصة موسكو وشركائها جميعا أن تتذكر أنها منصة سورية، وأن عنوان منصة موسكو مجرد عنوان…

شخصيا لا آمل قليلا ولا كثيرا من موسكو…

فموسكو هي التي ذبحتنا. ولافروف هو الذي قال: من الخطر أن يحكم أهل السنة سورية…

ولكنني أتفهم أن كثيرا من الفرق الرياضية تربح المباريات وهي تلعب على أرض الآخرين، فهذا مفهوم ومجرب وممكن.. ولكنه يعتمد على براعة اللاعبين..

أحلم في غد يأتلف السوريون المتنابذون فيه في مثل انتظام العناقيد..

والعناقيد تدلى كثريات الذهب...

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 1104