الإعلامي المهيب الركن… والجولاني المقتول سابقاً!
لماذا كل هذا الغضب على أحمد الشرع، من جانب قناة «سكاي نيوز عربية»، وهو حسب سجلات القناة لقي حتفه في عملية عسكرية في مارس/آذار الماضي؟!
فمدير القناة المذكورة أعلن أنه لن يسمح بعودة محمد مرسي في سوريا، وقد زالت الخطوط التي تفصل بين مسؤول في قناة فضائية وبين الرئيس الهارب بشار الأسد، فلا نعرف باسم من يتحدث الرجل، ويتمدد، والأصل أن ينكمش بالبرودة، فيعلن سماحه أو عدم سماحه، بأمر خارج عن اختصاصه الوظيفي، وكأنه ترامب، أو أنتوني بلينكن على أقل تقدير!
بحثت عن اسم القائل، فاكتشفت أنه ليس رئيس قسم شرطة حلب، والضباط في عالمنا العربي يتملكهم الإحساس أحياناً بأنهم نابليون بونابرت، وإذا سنحت الفرصة أمامهم فإنهم يدلون بتصريحات، تتجاوز حدودهم الجغرافية، ونظراً لتورم الذات، فقد يشعر أحدهم أنه السيد رئيس الجمهورية، وكذلك فعل مدير قناة «سكاي نيوز عربية»!
تمدد الفتى في البرد القارس، فأدهش البشرية بتصريحه الجبار هذا، فهم لن يسمحوا بعودة محمد مرسي إلى سوريا، وعندما بحثت عن فخامته (بصوت ضيف الجزيرة السابق محمود عطية)، علمت أنه صحافي لبناني، وليس سورياً، وبالتالي يمكنه من خلال جنسيته أن يوجه مثل هذه التحذيرات لرئيس حكومة بلاده نجيب ميقاتي، فهل يستطيع؟!
ثم انهالت علي المعلومات من جانب «غوغل»، فزعيم «سكاي نيوز»، عمل في تلفزيون «المستقبل»، وهو محطة محلية فمن الطبيعي ألا يكون من عمل بها معروفاً خارج حدود لبنان، لكنه عمل في «العربية»، قبل أن ينتقل إلى «سكاي نيوز»، ويقدم برنامجاً فيها يحمل اسمه «الليلة مع نديم» تماماً مثل برنامج «مع قصواء»، ومع ذلك فلم نعرفه إلا بهذا التحذير الإمبراطوري!
وكنت أعتقد أن «نديم» مسؤول عن السبق التاريخي، في ليلة المحاولة الفاشلة للانقلاب التركي، حيث كانت قناتا «العربية»، و»سكاي نيوز عربية» تقفان على خط النار، كجزء من العملية، وبدا للمشاهد أن التنسيق على أعلى مستوى تم مبكراً، ليتم نشر بيانات عسكرية منسوبة للانقلابيين دون أن يصدروها، وكانت الفضيحة الكبرى عندما أذاعت «سكاي نيوز عربية» هروب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان واستقراره في ألمانيا، وبعد قليل كان الرئيس التركي على الهواء مباشرة، يقود بنفسه النفير العام ضد الانقلابيين، ولم تعتذر إدارة «سكاي نيوز عربية» عن هذه الجريمة، أو تفضح مصادرها، ومن تلاعب بها، وأفقدها الثقة والاعتبار، فيبدو أنه لا مصادر هناك، فالعربية، والمذكورة، بجانب الحدث، كنتا ماكينات لإنتاج الأكاذيب في هذه الليلة!
بيد أنه بالبحث والتنقيب تبين أن تعيين زعيم الكوكب، مديراً للمذكورة، كان في يناير/كانون الثاني الماضي، وفي مارس/آذار نشر أن الجولاني لقي حتفه، والخبر منسوب إلى «مصادرنا»، ومقتله كان في معارك في ريف اللاذقية، وبدلاً من أن ينشغل بمهنته، اندفع في اتجاه آخر وأعلن أنهم لن يسمحوا بعودة محمد مرسي إلى سوريا، فبلسان من يتحدث؟ بلسانه باعتباره عنترة بن شداد، أم بلسان أصحاب القناة؟!
فإن كانت الأخيرة فكيف يندمج موظف في دولة ما مع الحالة، حتى يظن أنه عبد الخالق عبد الله، أو المهيب الركن الفريق ضاحي خلفان.. أين اختفى الأخير؟!
وهل من المسموح أن يتجاوز اعلامي اختصاصه الوظيفي، ليتحدث كجنرال نيابة عن دولة ما، فيكون القرار أنه يسمح أو لا يسمح، ويندفع إلى حيث الاعتقاد أنه صاحب حق تقرير المصير في سوريا؟!
لم ينتبه الإعلامي الركن، أن إعلانه الذي يحاكي فيه صولة الأسد، (الأسد ذاته وليس بشار الأسد)، ليس هو محمد مرسي، الرجل الطيب الذي أمكن لخصوم الربيع العربي أن يطيحوا به، فهل لا يعرف زعيم «سكاي نيوز عربية» فعلا طبيعة الشخص الذي قتل سابقاً في معارك بريف اللاذقية؟!
الشرع المقتول في ريف اللاذقية من قبل، والذي من الواضح أنه عاد للحياة بعد مقتله، إذا سلمنا بصحة خبر «سكاي نيوز عربية»، ليس هو محمد مرسي، وليس من الإخوان، وأفكاره الدينية مختلفة، والثورة السورية ليست هي ثورات؛ مصر، واليمن، وتونس، وسيخسر كثيرا من يصور له شيطانه أن الشرع سهل الهضم، لذيذ الطعم!
إنه يبدو كدرويش في طريقة صوفية، لكن هذا هو الغلاف الخارجي، فالرجل الذي قاد المواجهة مع نظام الأسد، ووحد الفصائل خلفه طوعاً وكرهاً، سلماً وحرباً، ثم أسقط الأسد، ونظامه، وجيشه، وأجهزته الأمنية، وسجونه، ليس هو من يمكن للقطة أن تأكل طعامه!
إن مدير قناة تلفزيونية فشلت في أن تكون «الجزيرة»، لا ينشغل بالنهوض بقناته، ولكنه ذهب يحاكي الجنرالات، فهدد بأنهم لن يسمحوا بمحمد مرسي في سوريا!
عزيزي المهيب الركن، من في سوريا ليس محمد مرسي!
وسوم: العدد 1110