غزة: إجازة من القتل لـ 42 يوما؟
عند الساعة 11 وربع من يوم أمس الأحد، أذاع أحد مراسلي قناة «الجزيرة» في قطاع غزة خبر إعلان إسرائيل وقف آلة القتل التي تواصلت منذ 468 يوما، بما في ذلك استشهاد 26 فلسطينيا بهجمات طالت أنحاء مختلفة من القطاع منذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ «بناء على الموعد الذي حدده الوسطاء، أي الساعة 6:30 بتوقيت غرينيتش».
بدأ السكان المنكوبون الذين يحيطون بالمراسل بترديد التكبيرات التي عادة ما تنشد في عيدي الأضحى والفطر: «الله أكبر ولله الحمد» ثم ساعدوا المراسل بخلع سترة وخوذة الحماية ورفعوه على الأكتاف!
أظهرت الصور التي التقطها مراسلو وسائل الإعلام الكثيرين يركعون ويقبلون أرضهم الطاهرة المضمخة بدماء الشهداء، نساء يزغردن، أطفالا يضحكون، رجال إسعاف يرفعون شارة النصر، شبانا يرقصون، احتفالات عفوية في كل مكان، وأخذ بعضهم بالتوجّه نحو قبور أحبائهم.
اجتاحت هذه المشاعر الغامرة جميع الفلسطينيين في القطاع لأن الجميع، ببساطة، كانوا مستهدفين، وقد راكموا خبرة فظيعة لا ترى نهاية لتلك المقتلة المستمرة، والتي بدا أن لا أحد من دول العالم، سواء منها المتواطئة (أجنبية وعربية) أو الرافضة والمستنكرة، قادرا على إيقافها.
سيّدة استشهد ابنها في الغارات ظهرت في تقرير لإحدى الفضائيات وهي تهنئ «شعب غزة المحاصرة والمناضلة» وتضيف: «إن شاء الله يجري تنفيذها بالكامل» فيما قال آخر: «كنا نخشى أن يأتي علينا الدور ونموت في هذه الحرب».
فيما تعمل حركة «حماس» خلال هذه الأيام الاثنين وأربعين على إطلاق 33 أسيرا، فإن على القوات الإسرائيلية الانسحاب من المناطق المأهولة بالسكان، والسماح للنازحين في جنوب غزة بالعودة الى الشمال، والقيام بإطلاق أسرى فلسطينيين. في أثناء ذلك سيتم التفاوض على تفاصيل المرحلة الثانية التي سيستمر فيها تبادل لإطلاق سراح أسرى آخرين، وانسحاب كل القوات الإسرائيلية المتبقية في غزة.
حسب الرئيس الأمريكي جو بايدن (الذي سيغادر منصبه اليوم) «عندها سيصبح وقف إطلاق النار دائما» وينتقل الطرفان لبحث المرحلة الثالثة التي تتضمن إنهاء الحرب وإعادة إعمار القطاع، وعليه فإن ما سيحسم الأمور، في اتجاه خروج الفلسطينيين من حالة «الإجازة من القتل» إلى المرحلة الثالثة التي يفترض أن توقف الحرب، هو موقف إدارة دونالد ترامب.
تتوافق في هذا المجال تصريحات مايك والتس، مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، مع تصريحات جدعون ساعر وزير الخارجية الإسرائيلية، في القول إن «حماس لن تحكم غزة أبدا» وهو ما يمكن اعتباره تمهيدا لعودة الحرب. يُضاف إلى ذلك ما ذكره بتسلئيل سموتريتش، وزير المالية الإسرائيلي، أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو تعهد له بعدم وقف الحرب.
ما نأمله طبعا، أن تكون تلك التصريحات رفعا لسقف المفاوضات أكثر من «قصف كلاميّ» يمهّد لعودة آلة الإجرام والإرهاب الإسرائيلية لمتابعة المقتلة الفلسطينية، وأن يكون هناك أفق آخر تساهم فيه الأمم المتحدة، والدول والمؤسسات والقوى المتضررة من هذه الحرب في ترجيح خيار إنهائها.
وسوم: العدد 1112