زيارة الأحفاد للأجداد
معمر حبار
يتذكر صاحب الأسطر، حين كان طفلا يلهو ويعبث، وهو في الثامنة من عمره، يرافق الأم الغالية إلى مقبرة سيدي العروسي، حيث الجد والجدة، رحمة الله عليهما جميعا. ومن محاسن تلك الطفولة، أنه استمر على ذلك الطريق زمنا.
وبعد أن التحق الوالد بربه، رحمة الله عليه. كان الطفل يومها شابا قويا، وواصل حمل أمه، لزيارة الزوج الوفي، والأب الصادق.
وبعد أن أنعم الله عليه بنعمة السّيارة، ظلّ إلى اليوم، يحمل الأخوة والأخوات لزيارة الأب، ودائما برفقة الأم الغالية. ولم يُعرف أنه رفض طلبا للزيارة، بل كان دوما سبّاقا لعرض خدماته.
ومنذ 06 سنوات، والأبناء يرافقونه بمعية الأم إلى الوالد، رحمة الله عليه. فمن تعلّم زيارة الأموات في صغره، ظلّ حريصا على الأحياء في كبره. وتعليم الطفل حسن الأدب مع من هو تحت التراب، يغرس فيه الأدب مع من هو فوق البسيطة.
البارحة زار أحد الأصدقاء، فقالت أم الصديق، إن العيد لزيارة الأحياء وليس للأموات. فكانت الإجابة، صدقت أيتها العزيزة، لكن ذلك لمن يزور الأهل والأحباب والأقارب، طيلة أيام السّنة، ومن لهم عليه فضل. أما من انقطع عن زيارة الأحياء، فلا يقال له مثل هذا الكلام. ولعلّ زيارة العظام البالية، تُحيي في المرء، فضل زيارة العظام الباقية.
منذ دقائق، وفي مكالمة هاتفية مع أحد المغتربين بفرنسا، قال والدمع يسبقه، إننا في الغربة، نغبطكم على زيارة المقابر، لما فيها من فوائد، أدركها حين ابتعد عن الديار، وافنقدها المقيم بين أهله، وذويه.
إن العيد مبني على الزيارة والهدايا والصدقة، والميت في هذه الخصال الفاضلة، كالحي تماما، ينتظر الزيارة والصدقة والهدية، من امرأة كانت أورجل، كبيرا كان أو صغيرا، قريبا كان أو بعيدا.