أيّام العيد

جميل السلحوت

[email protected]

يحتفل العالمان العربي والاسلامي هذه الأيام بعيد الأضحى المبارك، ويؤدي أكثر من خمسة ملايين مسلم مناسك الحج في الديار الحجازية، فنسأل الله الثواب لحجاج بيت الله الحرام، وأن يعودوا الى ديارهم وبيوتهم كما ولدتهم أمهاتهم بعد أن غسلوا ذنوبهم السابقة، ونقول للجميع كما هي العادة"كل عام وأنتم بخير." مع أن الخير بعيد عنّا وعنهم.

أمّا الصامدون المرابطون المجاهدون المصلون الصائمون المعتكفون، القابضون على جمر تراب وطنهم في فلسطين، وأفغانستان فنقول لهم: نسأل الله أن يعود عليكم العيد القادم وقد تخلصتم من نير احتلال أهلك البشر والشجر والحجر، ونخصّ شعبنا الفلسطيني بأن يتمكن من حقه في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة بعاصمتها القدس الشريف، بعد كنس الاحتلال ومخلفاته كافة. ونسأل الله السلامة لسوريا ومصر وشعبيهما من التكفيريين الزاعمين بأنّهم يمتلكون"مفاتيح الجنّة"، ويمعنون في قتل شعوبهم وتدمير بلدانهم، ويؤمنون بأنّ الله قد سخّر الغرب الامبريالي لخدمة الاسلام والمسلمين. 

أمّا الأنعام من جمال وبقر وغنم في فلسطين المحتلة، سوريا، مصر،العراق وغيرها فستكون السلامة من نصيب أغلبيتها، لأن الغالبية العظمى من أبناء الشعب لا يملكون ثمن الأضحية، أما مالكو ثمنها فهم في غالبيتهم ليسوا ذوي كدح أو صلاة أو صوم أو حج، وهم لا ينحرون الأضاحي طلبا للغفران، بل طلبا لمائدة يجللها أطايب الطعام، كما هو ديدنهم في بقية أيام السنة، ولا يسألون عن أسر الشهداء والأسرى والمحتاجين.

والأسر الفقيرة، وأسر الشهداء والأسرى نسوا طعم اللحوم الطازجة منذ زمن، ولا يطمعون إلا بالمعلبات القليلة التي تزودهم بها وكالة غوث اللاجئين وبعض مؤسسات الاغاثة الدولية، أو بذبح دجاجة في أحسن الأحوال، حتى أن أطفالهم باتوا يحسبون أن الأنعام باتت للزينة والفرجة، وهذا لصالحهم طبعا، حيث أثبتت الدراسات العلمية أن النباتيين أسلم صحيا من آكلي اللحوم.

أما أخواننا في العروبة والدين، فيبدو أنهم ما عادوا يعتبروننا اخوانا حتى في الانسانية، لأن الانسان لا يقبل بأن يشبع وجاره جائع، بل إن بعضهم يموّل عمليات القتل والتدمير الأعمى في سوريا والعراق ومصر وغيرها لتكون أضحياتهم من البشر، فهل سيغفر لهم الله؟ مع أن أحد الظرفاء قال: بأن ثواب أضاحيهم من الأنعام سيكون من نصيبنا لأننا صبرنا على ما ابتلانا الله به، ولأنهم لم يشاركوا ولو بأضعف الايمان في تفريج كربتنا، فنحن في رباط الى يوم الدين، ولا نطمع إلا بمرضاة الله الذي نسأله أن يحفظ لنا قدسنا وأقصانا من عبث العابثين وطمع الطامعين، إلى أن يقضي يوما كان موعودا، أمّا أضحياتهم من البشر فهي لعنة ستطاردهم الى يوم الدّين.