الاوركسترا
جوتيار تمر
ليس غريبا ان تجد في الصفحة السياسية مقالا بعنوان الاوركسترا ..لا تستغرب عزيزي القارئ فنحن في عصر.. الامرالذي لا تتخيله يكون هو الأقرب للحصول بل والأجدر ان يحصل..اظنك لو فكرت قليلا لوجدت باني لا اخرج عن جادة المنطق..نعم المنطق..الذي لم يعد له مكان في وقتنا هذا لان هناك أمرا قد أبعده عن الساحة وسحب البساط من تحت قدميه ألا وهو المال اقصد جمع المال.
الاوركسترا..من منا لا يعرف مكانته في الوسط الفني وبالأخص الغنائي..انه القائد..الذي ينظم صفوف جنده..انه الذي يوزع عليهم المهام حسب خطط موضوعة مسبقا...انه حامي عرين المسرح ومن يعيش عليه..انه الذي يبعث الأمان والبسمة على شفاه زملائه رعيته انه الحد الفاصل بين اللافوضى والفوضى نفسها.
اظنكم معي أدركتم ماهية الاوركسترا..لكن اعلم بأنكم بانتظار معرفة ما الذي جاء به الى صفحة الساسة والسياسة..وانتم معي تعلمون بانه قد ينتفض الساسة بوجهي ويتهموني باني أسئت إليهم بوصفهم بهذا المصطلح الفني البحت...لكن لا باس فعلى الإنسان ان يتحمل أعباء فكره...الاوركسترا في ضيافة السياسة والساسة لاني وجدت بانه يمكن ان نقارن مجازا بين ما يقوم به من عمل وأعمال الساسة بحيث تكون الصورة فنية وجميلة وواضحة لمن يريد ان يعتبر،، يفهم.
إذا ما فكرنا معا بعمل الاوركسترا نجده الإنسان الذي يمسك بزمام الأمور على المسرح حيث النظام الذي يخلقه والعمل الذي يقوم به يكون اساسا لتقييم العمل الفني الذي تم تقديمه على المسرح..ولعل الجميع يعلم بانه يقوم بتوزيع الهبات(النوتات) التي يقدمها اليه المطرب كل حسب اختصاصه واستحقاقه دون مفاضلة بين هذا او ذاك ولأي سبب كان..ولا احد ينكر ان تلك الهبات(النوتات) هي نتاج لسهر وتعب وعمل دؤب ومستمر للمطرب..لذا ما أعظم عمل الاوركسترا حين يقوم على ضبط هذه الهبات مع اختصاصيها ويقومون بالعمل معا من اجل وضع نهاية سعيدة لذلك العمل .
الان اصبحنا امام نموذج حي معقول للعمل الفني ..وهكذا اردنا ان نقول للساسة بان المطرب يمثل الشعب الذي عمل ليل نهار وضحى بفلذات كبده وحماكم انتم قبل غيركم وكل الذي بين ايديكم هو نتاج طبيعي لتضحيتهم وسيل دمائهم..فمتى تعتبرون وتعملون على وضع صاحب الكفاءة بدلا من صاحب القرابة..صاحب المقدرة والاختصاص مكان صاحب العشيرة واللاشهادة..ان الاوركسترا حريص على اخراج العمل باتم وجه لذا لايمكن ان يعطي لصاحب (القانون) مثلا وهي آلة شرقية بحتة.. ما يمكن ان يعطيه لصاحب(الجيتار) والتي هي آلة غربية.. لانه يدرك تماما بانه بذلك سيسبب الفوضى وحالة من عدم التوازن.. فهل يا ساسة يا قادة من يعتبر اذا بقي هناك اصلا من كان يريد مصلحة البلد..مصلحة الشعب...مصلحة القضية...وليس مصلحة الافراد والعشيرة.
لست هنا اريد فرض نموذج فني على واقع سياسي صعب ..لا لست افعل ذلك لكني اعلم كما اهل السياسة يعلمون بان السياسة ايضا فن والفن يحتاج دائما الى من يعرف اصوله ..لان الهواة مهما نجحوا يأتي يوم ويكونون امام واقع ليس لمدارك عقلهم قدرة على استيعابها فتكون الطامة الكبرى ..لا عليهم ..ابدا..لانهم محصنون...معصومون..(مع التذكير ببعض امثالهم في الاونة الاخيرة ومصيرهم المشؤوم)..انما على الشعب...صاحب التضحية.
فإلى متى نعيش واقع ليس له من العصرنة إلا كونه أمرا واقعا اقصد إنهم يعيشون فيه..وليس لديهم اية سبل لمواكبة القافلة.