ليتنا نتعظ

إبراهيم خليل إبراهيم

إبراهيم خليل إبراهيم

[email protected]

بعد تسلم الرئيس السادات حكم مصر خلفا للرئيس جمال عبد الناصر واصل الكفاح والعمل لتحرير سيناء الحبيبة التي اغتصبتها إسرائيل عام 1967 وفي 6 أكتوبر 1973 الموافق 10 رمضان 1393 هـ كان قرار الرئيس السادات بعبور قناة السويس واقتحام خط بارليف الحصين وتدمير المستحيلات التي وضعتها إسرائيل أمام القوات المصرية لمنعها من تحرير سيناء الحبيبة،كل القيادات عملت لصالح مصر وتوحدت الأمة على قلب رجل واحد وكان الاعتماد على الله والعلم والعمل فكانت النتائج مبهرة وكان النصر العظيم الذي مازال يدرس في الأكاديميات العسكرية العالمية حتى يومنا هذا .

من خلال مقابلاتي ولقاءاتي مع نخبة من الأبطال وأسر الشهداء الذين شاركوا في معارك أكتوبر وكتبت عنهم وسجلت بطولاتهم للتاريخ رصدت معجزات حدثت في شهر رمضان 1393 هـ  الموافق لشهر أكتوبر 1973م على أرض الواقع فقبل المعارك بقليل طلب الرئيس السادات من فضيلة الشيخ عبد الحليم محمود صلاة استخارة لعزمه على القيام بعمل عظيم دون أن يخبر الشيخ بذلك وبعد يوم ذهب الشيخ عبد الحليم محمود إلى الرئيس السادات وقال له:(خذ قرارك على بركة الله فقد رأيت رسول الله صل الله عليه وسلم يعبر بجيش فوق الماء) .

أيضا أثناء عبور البطل محمد العباسي الذي رفع أول علم مصري على أول نقطة تم تحريرها (القنطرة شرق) شعر بقوة تدفع قوارب العبور المطاطية وعندما شاهد مع رفاقه عودة الطيران المصري في ارتفاع منخفض بعد قيامه بتنفيذ الضربة الجوية بنجاح نظر البطل العباسي إلى السماء فوجد (الله أكبر) مكتوبة بخطوط السحب فكانت صيحة العبور وقد كتبت عن البطل في كتابي (ملامح مصرية) وأيضا كتابي (من سجلات الشرف) كما أجريت العديد من حوارات صحفية مع البطل محمد العباسي.

أيضا أثناء معارك أكتوبر 1973 م رمضان 1393 هـ وفي جبهة القتال تمكن البطل القناص سمير عبد الرحمن طه مع رفاقه في أسر أحد الطيارين الإسرائيليين وعندما سأله البطل:لماذا لم تضرب وسيناء زاخرة بالجنود؟فقال الطيار الإسرائيلي : كيف أضرب وسيناء مكتظة بالذين يرتدون الملابس البيضاء؟! وقد سجلت بطولات البطل القناص سمير عبد الرحمن في كتابي (يوميات مقاتل) كما كتبت عنه أيضا في كتابي (أبطال النصر) .

 أذكر أيضا البطل الطيار ساجي لاشين فبعد تخرجه وقبل معارك أكتوبر  طلبت منه إحدى الدول العمل مع الطيارين المرتزقة نظير مبلغ مالى كبير جدا بمقياس زماننا هذا وقرأ العقد أكثر من مرة ثم ذهب للنوم وفى منامه شاهدت طفلة ذات بشرة سمراء مع هاتف يقول:لم قتلت هذه الطفلة؟،وفى الصباح أعطى العقد لوالده بهدف الاطلاع عليه ثم أخبره بما شاهده فى منامه ثم طلب رأيه،فقال والده:عندما تجد الإجابة على الله تعالى خذ قرارك ثم قال:عندما يستشهد ابني دفاعا عن الوطن فسوف أفتخر به لأنه أستشهد فى سبيل الوطن وعندما يقتل كطيار مرتزقة فسوف أنكس رأسى لأنه مات لأجل المال،وهنا قرر رفض العقد شكلا وموضوعا،وخلال معارك أكتوبر 1973 أصيبت طائرته وعندما حاول القفز منها وجد أن الكبينة قد ضربت وتوجد قطعة حديد قد تغير مسارها ومن ثم تمنع الهبوط وهنا ردد الشهادة وقرأ كل مايحفظه من القرآن الكريم وأنتظر الشهادة،وياللعجب .. ظهرت طائرة إسرائيلية وقامت بالضرب على طائرته برغم إنها مصابة ولكن كانت هذه الضربة طوق النجاة فنتيجة الضربة عادت قطعة الحديد لمسارها الصحيح وبالتالى تمكن البطل الطيار ساجي لاشين من الهبوط وكانت النجاة والبقاء على قيد الحياة،ونظرا لإصابته تم نقله إلى المستشفى للعلاج وفى  23 أكتوبر 1973 طلب العودة لأرض المعركة ولكن قائده رفض عودته وقرر البقاء فى المستشفى لاستكمال العلاج ،بعد انتهاء المعارك تم تكريمه وترقيته حتى وصل لرتبة اللواء طيار وتم اختياره للعمل برئاسة الجمهورية بدرجة كبير الياور وقائد القوات العسكرية بالرئاسة وزار الكثير من الدول العربية والأجنبية .

في السابع من شهر أكتوبر عام 1973 الموافق 11 رمضان 1393 هـ وفي أرض المعركة ظهر طائر الرخام الأبيض وكان يطير فوق البطل العريف مجند محمود أحمد عبادي ورفاقه ويعبر تحته الطيران المصري مما بث في روح أبطال مصر حالة من الارتياح والعزيمة والإصرار على استكمال المعارك لتحرير سيناء الحبيبة من المحتل الإسرائيلي،وأيضا نذكر أن البطل السيد داود خلال معارك أكتوبر كاد أن يفقد حياته من شدة العطش وعندما تقابل مع أحد أبطال مصر وجده يعاني من إصابة في جزء حساس وكان يعاني أيضا من العطش فأخذه البطل السيد داود إلى مغارة في حضن أحد جبال سيناء ثم حفر بيده الرمال فإذا بالماء يخرج فشرب مع زميله وغسل الجزء المصاب وواصل الكفاح مع زميله الذي سار معه ولم تمنعه الإصابة من مواصلة القتال،وقد كتبت بطولات البطل السيد داود في كتابي (بطل من بلادي) وقبل رحيله عن الحياة الدنيا في شهر ديسمبر الماضي كانت أخر كلماته معي عبر الهاتف:(أنا تعبان ياأستاذ إبراهيم وأرجو دعواتك).

هذه بعض نفحات شهر رمضان الكريم وليتنا نتعظ .