أمة سورة البقرة .. لاتحسن رعي البقر
معمر حبار
قال أحد الخطباء في مسجد الأبيار بالعاصمة الجزائرية ، سنة 1988 - 1989، ، أثناء الدراسة الجامعية، أن .. أمة سورة الحديد، لاتُحسن صناعة الحديد.
وبعد مرور ربع قرن من الزمن على إلقاء الخطبة، يتابع المرء، الحصة الرائعة القيمة، بعنوان: "خواطر 9"، للأستاذ السعودي، أحمد الشقيري، المتميز في طريقة الإلقاء، واختيار المواضيع. فتحدث عن البقر، ورعاة البقر في سويسرا والولايات المتحدة الأمريكية، وعيّنات من بعض الدول العربية، وعندها لايسع المتتبع، إلا أن يقول .. أمة سورة البقرة .. لاتحسن رعي البقر.
يقول صاحب الحصة .. أن الدول العظمى، تعاملت مع الحيوانات التي تملكها، منها البقر، على أنها ثروة وطنية، تجلب وتدفع. وذكر أن سويسرا، وهي الدولة الصغيرة جدا من ناحية المساحة، المقدرة بـ 41285 كيلومتر مربع، متقدمة ومتطورة وثرية، وتُصنفُ ضمن الـ 15 دولة مصدرة في العالم. والسبب في ذلك، حسن تسييرها لثروة البقر، التي جعلتها رائدة في إنتاج وتصديرالحليب، واللبن، والجبن، والشكولاطة، وتصدير اللحم. وقال إن دخل الفرد السويسري المرتفع، ناتج عن انتاج، وتصدير هذه الثروة الوطنية.
بقرة اليهود .. وبقرة العرب
إن مصيبة اليهود في بقرة .. وإذا استمرت التبعية الغذائية، في مجال اللحوم، ومشتقات الحليب، لمحبي البقر، وعبدة البقر، بهذا الشكل الفضيع، فإن أمة سورة البقرة، سيصيبها ماأصاب الذين من قبلها .. من لعن وطرد.
إن الله تعالى، فرض الزكاة في البقر، والزكاة تفرض على كل أمر طيب حسن. والأمة التي تستورد اللحم من شاتميها، ومن عبدة البقر، حرمت نفسها ركنا من أركان الاسلام .. وهي فضل الزكاة بالبقر.
إن الله تعالى، وصف البقر بالأنعام. ومن ظل يستورد لحوم البقر، ومشتقات الحليب، فإنه ناكر للنعمة، لايعرف قدرها، وليس أهلا لأن يتمتع بها. فلايغرنّه كثرة الاستيراد، وليعمل على أداء حق النعمة، من تربية البقر، والاستثمار فيها، والمحافظة عليها، والاكثار منها.
المتأمل في القرآن الكريم، يلاحظ أن سورة البقرة، هي أطول سورة في القرآن الكريم، وأول سورة في الترتيب بعد الفاتحة، بعدد آيات 286 آية، وتكاد لوحدها، تصل إلى 06 أحزاب. والسؤال المطروح .. لماذا هذا الترتيب؟، ولماذا هذا الكم من الآيات؟.
البقرة مصدر قوة
الدول العربية والاسلامية مجتمعة، لم تستطع مقاطعة المنتوجات الدنماركية، وعلى رأسها مشتقات الألبان، أثناء الحملة المسعورة على سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه أجمعين، لأنها لم تستطع الاستغناء عن الحليب الدنماركي ومشتقاته، فوجدت نفسها عاجزة أن تواجه هذه الدولة، التي لايمكن رأيتها بالعين المجردة على الخريطة، والتي تقدر مساحتها، بـ: 43098 كيلومتر مربع ، وتحتل المرتبة 134 من ناحة المساحة. فأمسى الركع والرضع، والحوامل، والنساء والرجال، تبع لمن شتم النبي صلى الله عليه وسلم، وأهان القرآن. وألغيت على الفور المقاطعة الاقتصادية، واستبدلت ببيان تنديد، سرعان ماأزال أثره كأس الحليب المستورد، وذاب في ثنايا الشكولاطة الدنماركية، ومحت أثره الأجبان المستوردة، التي كانت أشد مقاومة ودفاعا عن صانعيها ومنتجيها، من العرب والمسلمين الذين لم يحسنوا الانتاج، فأساؤوا الدفاع، وخسروا المعركة أمام .. البقر المنتج الحلوب.
إن الأرجنتين دولة قوية، لأنها دولة مصدرة للحوم، وكذا البرازيل. واستراليا دولة عظمى، لأنها مصدرة للحوم. والهند التي يُعبد فيها البقر، تصدر اللحوم للدول العربية والاسلامية، التي جعل الله لها البقر آية يُتقرب بها إلى رب العالمين .. فأمسى العربي يتقرب إلى ربه، في عيد الأضحى، والمناسك، والمناسبات الوطنية والدينية، وشهر رمضان، بما يجود عليه الهندي من .. "آلهة !".
البقرة .. مال ودواء
رعاة الغنم والبقرفي الجزائر، يُطلقون اسم المَالْ على الأغنام والبقر، ويسمون الراعي والمسير بـ المَوَّالْ، لأنها فعلا تدر الأموال على صاحبها والمحسن إليها. وعلى المجتمعات أن تتعامل مع هذه الثروة الغنية المتجددة على أنها مال .. والمال يوضع في أيدي أمينة، تحسن تسييره، واستثماره، وتحافظ عليه، وتتعامل معه على أنه ثروة وطنية، هي ملك الأجيال القادمة.
مذ 06 سنوات، قال لي أستاذ في المتوسطة، إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "لحم البقر داء"، ثم راح يتفنن في ذكر "الأدلة العلمية !"، على أن لحم البقر فعلا داء. فقلت: إن الداء الذي لادواء له، أن لاتستطيع الامتناع عن أكل لحم البقر الذي أساء إليك صاحبه، وأن تكون تابعا في دينك ودنياك، لبقرة هذا الذي شتم سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذاك الذي اتخذ من البقر آلهة تعبد .. وتكون بالتالي الحامل، والركع الرضع، والكبار والصغار، والرجال والنساء، والحاكم والمحكوم، والعاجز والقادر، تابعين له .. في لحم البقر، وحليب البقر، والجبن المشتق من حليب البقر، والشكولاطة المشتقة من حليب البقر.
إن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وضع سهمين للفارس، سهم للفارس، وسهم للفرس، تشجيعا منه، على تربية الخيول، باعتبارها المدرعة والدبابة في تلك الفترة .. وعلى الأمة أن تضع أسهما لراعي البقر، تشجيعا منها على رعاية البقر، والاهتمام بها، والاستثمار فيها، والاكثار منها، لأنها دواء للمجتمعات والأمم .. بها ترقى، ويتحسن ميزانها المالي والتجاري، ويرتفع دخلها، وتتنوع منتجاتها، وتتضاعف صادراتها، وتقوي استقلالها، وتزيل تبعيتها.