بشائر النصر

د. فوّاز القاسم / سوريا

في الوقت الذي يعتصر فيه الألمُ قلوبَنا ونحن نعيش مأساة شعبنا السوريّ العظيم،   وهو يتعرّض لأقذر مؤامرة ، وأبشع عملية إبادة جماعية على أيدي العصابات الأسديّة القرمطيّة المجرمة ، التي فاقت في وحشيّتها وإجرامها كل العصابات النازيّة والعنصريّة ، وعصابات الموت والمافيا والإجرام في العالم ...

ويتم ذلك تحت سمع وبصر العرب والمسلمين ومن يسمّون أنفسهم بالعالم الحرّ والمتحضّر ، وأصدقاء الشعب السوري ..!!!

لا لشيء ، سوى مطالبة هذا الشعب العظيم  بحريّته وعزّته وكرامته المسلوبة منذ قرابة نصف قرن من الزمن ...

دون أن يجرؤ أيٌّ منهم ( العرب و المجتمع الدولي )، على أن يتّخذ قراراً شجاعاً ، أو يضع خطة جادّة ، لوقف هذه المذبحة المروّعة ... 

وفي الوقت الذي تتفتت فيه أكبادُنا ، وتتقطّع فيه نياط قلوبنا ، ونحن نعيش يومياً مآسي أهلنا الكرام في جميع المدن والبلدات والقرى السوريّة  الثائرة بلا استثناء،  حيث القتل والتشريد والاعتقال والاغتصاب والجوع والعطش والبرد والإذلال ...!!!

وفي الوقت الذي تتفطر فيه قلوبنا ، ونحن نتابع فيه مهزلة الجامعة العربية ، وتفسّخ منظمة التعاون الإسلامي ، وتلكؤ ما يسمى بمجلس الأمن والأمم المتحدة ، في نصرة الحق ، ووقف مذبحة السوريين المظلومين ...!!!

بينما يتسابق الروس المجرمون ، والمجوس الصفويون ، وبعض الحثالات الحقيرة من المستعربين والمنافقين ، لتقديم كل أسباب القتل والإجرام للعصابات الأسديّة ، وشبّيحتها الكافرة الفاجرة ...!!!

في هذا الوقت الصهيوني ، الصليبي ، المجوسي ، القرمطي ، الصفوي ، بالغ الصعوبة ، الذي يتم فيه في بلدي الحبيب سورية العزيزة :

ذبح الشباب وسحلهم في الشوارع ، وقتل الشيوخ ، واغتصاب الحرائر ، وبقر بطون الحوامل ، وإطلاق النار على المصلّين في المساجد ، وتكسير عظام الأطفال ، وحرمانهم من علبة الحليب  وقنينة الدواء ، ورغيف الخبز ، وشربة الماء ، حتى الموت ، ومحاصرة المدن ، واقتحام الأحياء ودكّها بالطائرات والراجمات والدبابات  وهدم المنازل فوق رؤوس ساكنيها ، وتدمير خزانات المياه ، وإتلاف المونة ، وسرقة النقود والمدّخرات ، ومنع المازوت ، وإحراق البطانيات  ، وتشريد الناس في الجبال ، في شتاء سورية القارس ، وغير ذلك الكثير من الفظائع والجرائم والموبقات ، التي تفتت الأكباد الرطبّة ، وتقطع نياط القلوب الحيّة ، وتزلزل عرش الله ...!!!

إلا أننا نشعر – ومن بين سحب هذا الألم الخانق –  بالزهو والفخار ، وينتابنا فرح غامر لا نشكّ في مصداقيّته ، لأننا نرى في الأفق القريب لأمتنا تباشير فجر مشرق ، وطلائع نصر مؤزّر .!!!

فالفجر – كما تعلّمنا من تاريخنا – ينبلج من أشد ساعات الليل ظلمة وسواداً .!!!

والعسر – كما قرأنا في قرآننا – يرافقه يُسران (( إن مع العسر يسراً ، إن مع العسر يسراً )) ، ولن يغلب عسرٌ يسرين بإذن الله ..

ولو أردنا أن نؤشر أهم ما يبدو لنا من تباشير الفرج والنصر التي نراها في أفق ثورتنا المجيدة لذكرنا :

أولاً : حالة الصمود الاسطوري ، والتلاحم المصيري ، والروح الجهادية الاستشهادية الباهرة التي يبديها شعبنا السوريّ العظيم ، بكل أطيافه وأعراقه وأديانه ، وفي المقدّمة من ذلك تاج رأس الوطن والأمة من المجاهدين وأبطال الجيش السوري الحرّ الأشاوس ...

ولقد سرت روح التحدّي والتظاهر والتضحية والشهادة في شعبنا السوريّ العظيم كلّه حتى تسابق إليها الأطفال والنساء .!!!

ثانياً : حالة الوعي والنهوض والصحوة التي  يعيشها شعبنا السوريّ العظيم ، ومن خلفه جماهير أمتنا العربية والإسلامية ، والتي تجلت بمختلف مظاهر الدعم والتأييد لثورتنا المباركة ، ابتداءً من الدعاء ، ومروراً بالدعم والإغاثة ، وانتهاءً بالجهاد على أرض سورية الطاهرة من قبل بعض أشراف العرب والمسلمين ...

وإن مما يثلج صدورنا ، وينعش آمالنا ، على المستوى الشعبي ، أن نرى جماهير أمتنا ، ونخصّ الجماهير الشبابية ، التي ولدت وترعرعت في قلب المحنة والقهر والدكتاتوريّة العربية ، وهي تنتفض لدينها ، وتنتصر لعقيدتها ، وتضحّي من أجل أوطانها ومقدّساتها وأعراضها ...

ونحن على يقين بأن الألم يعتصر قلوب الملايين منهم لما يجري في سورية الحبيبة، ولقد عبر الآلاف منهم عن نفسه بوسائل مختلفة ، عبر الفضائيات ، والصحف ، والانترنيت ، ووسائل التواصل الاجتماعي ، والتبرع السخي لأشقائهم السوريين ، ولو أُتيحت لهم الفرصة الحقيقية لزحفوا بالملايين إلى سورية الحبيبة لنصرة السوريين ، والانتقام من جلاديهم  ...

ثالثاً : تكشف الأعداء الصفويين الباطنيين ، وعملائهم من المنافقين والمأجورين والموتورين في أمتنا ، وظهورهم على حقيقتهم ، وسقوط جميع أوراق التوت عن سوءاتهم ، وتقيوئهم لكل أحقادهم التاريخية ، وأضغانهم العقائدية ...

ولذلك فإننا نعتقد أننا في سورية يحق لنا أن نفخر على أمتنا ، ونسمّي ثورتنا العظيمة ( بالثورة الكاشفة الفاضحة ) كما سمّيناها من قبل (بالثورة القاهرة )...!!!

فلقد كشفت وفضحت النظام الأسدي المجرم لكل صغير وكبير في أمتنا ، بل وفي العالم أجمع ، وهو الذي طالما تستر بيافطات المقاومة والممانعة ، وخدع الغافلين الطيبين من أبناء أمتنا ، وما هو في الحقيقة إلا نظام عميل غادر ، مهمته الأولى هي حماية الكيان الصهيوني ، وقتل أية روح  عروبية وإسلامية خيّرة في المنطقة.

وفضحت أسياده المجوس الصفويين ، وعملاءهم المأجورين الحاقدين ، وعرّابي الخيانة ، وأدلاء الاحتلال ، من أحفاد أبي رغال ، وابن العلقمي ، ونصير الكفر والزندقة الطوسي ، وغيرهم من خونة الأمة ...

ويشهد الله ، بأنه ، ما كان لألف محاضرة ، وألف خطبة ، وألف كتاب  ومجلد ، أن تفضحهم ، بمثل ما فضحتهم به ثورتنا السورية المباركة ، ومن قبلها احتلال العراق الشقيق ، وتآمرهم مع المحتلين الظالمين ...

فلقد أظهروا فيهما كل خباياهم  اللئيمة ، وتكشّفت فيهما كل باطنيّتهم الشعوبيّة ، وتقيؤوا من خلالهما كل أحقادهم التاريخيّة الخسيسة ...!!!

حتى عرفهم الصغير والكبير في أمتنا ، وبصق عليهم القاصي والداني  في منطقتنا،   ولم يعد أحد في العالم  يجهل حقدهم الدفين على عروبتنا وإسلامنا ، وتآمرهم المفضوح على أوطاننا ومقدراتنا ، واصطفافهم مع كل حاقد وغادر ومتآمر وموتور ضدّنا ...

باختصار شديد ... لقد أعطى الصمود الأسطوري لشعبنا السوريّ العظيم  ، في ثورته الحضاريّة المباركة ، المستمرة منذ ما يزيد على سنتين ونصف ، أمام آلة القتل والإجرام والساديّة الأسديّة القرمطية المجوسيّة ، لجماهير أمتنا الحيّة ، روحاً جديدة ، وأملاً متجدّداً ، وثقة عالية ، بإمكانية الصمود والتصدّي والتحدّي للأعداء الحاقدين ، وانتزاع الحقوق المغتصبة منهم ، بعد أن ملأ الخونة والمتآمرون  قلوبنا قيحاً ، بهزائمهم المتكررة ، وذلهم ، وانبطاحهم أمام أعداء الأمة لأكثر من نصف قرن من الزمن الصعب …!!!

ولقد أضحى اليوم الذي تندحر فيه الصهيونية العالمية ، ويُقتلع فيه كيانُها المسخ من قلب أمتنا ، وتتساقط فيه أنظمتها العميلة من بني جلدتنا ، ومن الذين ينتسبون زوراً وبهتاناً إلى ديننا  .. قريباً .. وقريباً جداً  ... 

بسم الله الرحمن الرحيم

(( ويقولون متى هو .؟ قل عسى أن يكون قريباً ))  صدق الله العظيم .