في حضرة السفير
في حضرة السفير
يسري الغول
وصلنا باكو بسلام، قادمين من اسطنبول بتركيا، نحمل همومنا وحقائبنا، وما أن حطت أقدامنا في فندق (بارك إن)، حتى تنفسنا الصعداء. أمامنا بحر قزوين بجماله الفتان، والكورنيش الكبير لتلك المدينة التي تحاول أن تنهض بعد أن أنهكها الاتحاد السوفيتي بجبروته، فأذربيجان اعتبرت نفسها دولة محتلة، وتحررت حديثاً، وما زلت أذكر اليوم الأول الذي وصلنا فيه، حيث كان هناك احتفالات عدة باليوم الوطني لدولتهم الوليدة، وقد كان رائع جداً، فقد كانت تلك الاحتفالات عبارة عن أغاني شعبية ومواويل وتراث أذري، حيث لا كلمة لقائد أو زعيم. وكان جميع زملائي منسجمين، حتى قمنا بتوثيق تلك الأهازيج والأغاني عبر هواتفنا المحمولة وكاميراتنا التي بحوزتنا.
المهم أنه وفي مساء الأول هاتفنا السيد د. وليد تيم نائب سفير فلسطين بأذربيجان ، بعدما علم بوصولنا باكو، وطلب منا تحديد موعد يتناسب مع برنامجنا كي نتشرف بزيارتهم في السفارة. وصبيحة اليوم التالي، انتظرتنا سيارة السفارة أمام بوابة الفندق، واستقبلنا نائب السفير بالأحضان والابتسامة الرقيقة. وفي السيارة تحدث معنا د. وليد عن المدينة ونهضتها ورؤيتها الحالية، وعن السفارة ودورها وكيف نشأت، والمنح التي يقدمونها، وأبدى لنا استعداده لتقديم أي خدمة لنا خلال إقامتنا بباكو.
وصلنا، وولجنا سفارتنا، فقام السيد السفير ناصر عبد الكريم لاستقبالنا، ودعوتنا لمكتبه، وتحدثنا كثيراً عن فلسطين، وقد كان يخبرنا كل لحظة بأننا من (ريحة الوطن)، وأنهم محظوظون برؤيتنا، وأعجبني كثيراً لباقة الرجل ودماثته، يجيد الانجليزية بطلاقة، ويتحدث بلغة رائقة وأسلوب مهذب، كأنك تتحدث مع مفكر أو باحث. وفي معرض حديثه قال لنا باختصار: سفارتنا هذه هي بيت لأي فلسطيني يصل أذربيجان، دون النظر لحزبه أو تنظيمه أو لونه أو دينه. ويسعدنا أن نرى دوماً أهلنا في فلسطين هنا، لأنها بلد جميل يسعى للنهوض والتقدم.
اليوم التالي، وفي حفل افتتاح مؤتمر حوار الثقافات والحضارات، وعلى حين غزة، اكتشفنا وجود السيد السفير موجوداً هناك، حيث جاء ليسلم علينا، وكان بهي الطلة، فتعرف على زملائنا الذين كان بينهم فلسطيني من دمشق، ويقطن في قطر الآن بسبب الأحداث في سورية. وتحدثنا كالعادة في أهمية تلك المؤتمرات ودورها، وختم السيد السفير حواره: إنني فخور بكم، فأنتم عنوان رائع لفلسطين.