بحيرة (آلتاو) سحر النمسا
وملاذ الأدباء والفنانين من ضوضاء المدينة
بدل رفو المزوري
تعد بحيرة (آلتاو) من أجمل البحيرات الموجودة في إقليم شتايامارك والتي توصف ببحيرة الألب، وتقع ضمن بحيرات (سالزكامركوت) في الإقليم الشتاياماركي، وهي البحيرة الوحيدة التي تحظى بفضل موقعها ضمن حماية البيئة ويمنع البناء على ضفافها عكس البحيرات الأخرى في إقليم كيرنتن وسالزبورغ والنمسا العليا، وربما يعود الفضل في ذلك لجمالها وسحرها.
تصب بحيرة (آلتاو) في نهر (تراون) الجميل الساحر الذي ظهر في فلم سينمائي يبين روعته. وقد سميت البحيرة بـ (آلتاو) نسبة إلى بلدية (آلتاو)، وتقع البحيرة تحت ظلال سلسلة الجبال الميته على ارتفاع 712 مترا فوق مستوى سطح البحر وسطحها 1.2 كيلومتر وعمقها يتجاوز 53 متراً، وهي على شكل دائري، طولها 3 كيلومترات وتتكاثر نسبة المياه فيها بعد ذوبان الثلوج في قمم الجبال المطلة عليها بالإضافة إلى مياه الأمطار، وبذلك تكون من أجمل البحيرات يمكن التجول والتنزه على شواطئها.
تقع بلدية (آلتاو) التي تتبع لها البحيرة في منطقة (ليزن) وعدد ساكنتها (2000)نسمة، وقد أعلنت اليونسكو سنة 1997 عن ضم هذه المنطقة الصغيرة في أقصى جنوب البلدية إلى مواقع التراث العالمي وبهذا يعد هذا الجزء من البلدية من الأماكن التاريخية.
لقد تم ضم الجزء الكبير من البحيرة إلى حماية البيئة أي بمعنى يمنع الاقتراب منها(خط احمر) وهي فقط للشعب وللتنزه والفسحة. وخصص طريق المشي والتنزه والتجول على حافات البحيرة للعوائل والأطفال بصورة خاصة وله سحر وجاذبية كبيرة ولاسيما أن البحيرة تقع تحت أقدام سلسلة الجبال الميتة الكبيرة في النمسا فتنعكس الجبال قممها في البحيرة وخاصة حين تغطيها الثلوج ويكون المنظر أشبه بالخيال وهذا ما عشته وعاينته في البحيرة، ففي الطرق المخصص للتنزه هناك اتجاهين وهما ساحرين وعلى الطريقين ينابيع مياه صافية للشرب ويزداد جمال هذين الطريقين أثناء المغيب وانعكاس الشمس في البحيرة، وتقدر المسافة حول البحيرة بـ 7 كيلومترات ونصف الكيلو، وتستغرق المسافة ساعتان وبما ان هناك الكثير من محطات الاستراحة والتمتع بالمناظر الخلابة والأشجار والصخور والبحيرة والجبال فهذه المسافة تطول.
اتخذ الكثير من ادباء وفناني النمسا بلدية(آلتاو) مسكناً دائماً لهم وملاذاً آمناً للهروب من ضجيج المدينة والعولمة وفضلوا قضاء الأوقات على ضفاف البحيرة للاستمتاع بالظل والضوء والتقيت العديد منهم ودارت بيننا أحاديث حول الفن والأدب والثقافة ودور المكان في إبداع الفنان والأديب، وقبل فترة زرت معرض الفن التشكيلي في النمسا لقرنين من الزمن ولاحظت دور بحيرة (آلتاو) في اعمال الفنانين قبل 200 عام، فما زالت البحيرة خالدة في ذاكرة الفنانين والأدباء، أما اعمال الكاتبة النمساوية الكبيرة (بربارا فيش موتر) تقع في مركز الثقل في بحيرة (آلتاو). في بلدية (آلتاو) يكثرارتداء الزي الشعبي وتكثر حوانيت ملابس الأزياء وذلك لان البلدية تقع بالقرب من بلدية (باد آو) قلب مهرجان النرجس السنوي الذي يعتبر قبلة عشاق النرجس والطبيعة ويقام المهرجان سنويا ويحضره عدد كبير من الزوار من أنحاء النمسا ومن كافة أنحاء العالم ويستغرق 3 أيام حيث تسير مواكب النرجس في الشارع وأيضا في بحيرة (كروندل).
وبخصوص المياه المغذية للبحيرة فبالإضافة على ذوبان الثلوج ومياه الأمطار هناك ينابيع وآبار جوفية صالحة للشرب، ويمكن الاستجمام في البحيرة بواسطة قوارب صغيرة بالإضافة إلى السفر داخل البحيرة بقارب ضخم، . ومما تزخر به البحيرة أنواع كثيرة من السمك الجيد يستمتع بأكله الزوار والضيوف الذين يقضون عطل نهاية الأسبوع والعطل السنوية في البحيرة من أجل أوقات ساحرة وإجازات رومانسية وتتوفر الفنادق السياحية بكثرة في البلدية بالإضافة الى غرف للإيجار داخل الدور .
بلدية (آلتاو) لها تاريخ طويل وحافل في المجال الثقافي والأدبي فسنويا يقام متحف الثقافة وهو عبارة عن سلسلة من الأنشطة الأدبية والثقافية ومن الأدباء الذين تستقبلهم هذا العام 2013 ( بربارا فيش موتر، دورون رابينوفيج، فرانس فينتو، يانكو فيرك، كوستاف ارنست، باول ليندفال، ريناتى بولمان، انتون شتروبل) وتقام هذه الأنشطة خلال الشهر السادس والسابع والثامن.
بين سلسلة الجبال الميتة والبحيرة تكثر الأكواخ النمساوية وهي تزيد الطبيعة والبحيرة والجبل جمالية اضافية ... رحلة إلى بحيرة(آلتاو) هي سفر إلى قلب الطبيعة وسحرها والهروب من ضوضاء المدينة والعولمة وهذا ما يتخذه أدباء وفناني النمسا... إذن رحلة إلى عمق الجمال وسحره، إلى بحيرة (آلتاو)!!.
الصور بعدسة الكاتب