أم الرجال‏!‏

أم الرجال‏!‏

أ.د. حلمي محمد القاعود

[email protected]

رحلت السيدة العظيمة التي مارس العدو الصهيوني ضدها مع آلاف غيرها أقصي درجات العنف‏,‏ ولم تعاتبه جمعية نسائية عربية‏,

ولا مجلس قومي مصري للمرأة, ولا دكان ومن دكاكين حقوق الإنسان المحلية علي ما فعله بالمرأة العجوز; وهو يفقدها أولادها واحدا وراء الآخر لا لسبب إلا إنهم يدافعون عن تراب بلادهم وحريتها واستقلالها!

أم نضال, خنساء فلسطين كان تطلب من بنيها أن يذهبوا إلي الشهادة من أجل فلسطين والقدس والمسجد الأقصي المبارك, لم توجههم نحو المفاوضات العبثية, ولا البكاء علي عتبات الأمم المتحدة ولا استجداء مجلس الأمن الموالي للصهيونية. كانت تعرف الطريق الصحيح المختصر, وهو المقاومة لتطهير الأرض وانتزاع الوطن. لم تبك أبناءها الثلاثة, وتأست بالخنساء الأولي, وقالت الحمد لله الذي شرفني باستشهادهم. وصبرت علي سجن ابنها الرابع وسام أحد عشر عاما. كانت مريم فرحات( أم نضال) تختصر الحياة بكلمات قليلة هي:' تقوي الله والموت في سبيله' وتدعو جميع الأمهات للتضحية والعطاء في سبيل الله وتحرير أرض فلسطين, وتوصيهم بالحرص علي الطاعة وتربية الأبناء علي حب الجهاد والاستشهاد..

لقد توفيت أم نضال عن عمر ناهز الرابعة والستين فجر الأحد2013/3/17, فبكاها الشعب الفلسطيني, لأنها كانت صدره الحنون الذي آوي الشهداء والمرابطين والمقاتلين, وقد شارك أبناء الشعب الفلسطيني في تشييع جثمانها, يتقدمهم رئيس الوزراء إسماعيل هنية, وقادة الفصائل والمسئولون, والآلاف من محبي' أم الرجال' كما يسميها أهل غزة. وصفها هنية قائلا:' أم نضال فرحات النموذج القدوة لنساء فلسطين بل لنساء العالمين ورجال الأمة العربية والإسلامية, لا يشيعها أهل الأرض وحدهم, بل الملأ الأعلي بإذن الله'. ووعد بالسير علي طريقها في النضال والمقاومة حتي تحرير فلسطين من الاحتلال الصهيوني, فهي صاحبة سيرة عطرة في التاريخ المعاصر, وهدية السماء لأهل الأرض.

كان بيتها مزارا لضيوف غزة, وكان ثغرا من ثغور الجهاد, واستضاف القائد عماد عقل وإخوانه المجاهدين. أم نضال امرأة مسلمة مجاهدة, مارس الغزاة ضدها أقصي درجات العنف ولم يطالب بحقها أحد!