إلى رجال الشرطة الشرفاء
بدر محمد بدر
لا يزال هناك شعورا عاما لدى رجل الشارع في مصر بفقدان هيبة مؤسسات الدولة، وغياب مقلق لأجهزة الأمن، وعدم مواجهة أعمال الفوضى بالحزم المطلوب، ولا تزال المخاوف وحالة القلق من المستقبل تؤثر في حياة الناس.
"ميدان التحرير" أيقونة الثورة المصرية، ورمز التحرر الوطني، وملحمة نضال شعب، والذي سالت فيه الدماء الغالية دفاعا عن الحرية والكرامة، وكان شاهدا على انهيار دولة الفساد والاستبداد، هذا الميدان مع الأسف تحول منذ فترة إلى وكر لأعمال البلطجة، وفرض الإتاوات على المارة، وممارسة كل الموبقات في وضح النهار.. لم يعد مقبولا استمرار هذه الحالة التي أصبح عليها، ولا يمكن وصف من يقيمون فيه الآن بأنهم ثوار، إنها مهزلة يجب إنهاؤها في أسرع وقت.
وما يجري في مدينة بور سعيد الباسلة، ينبغي مواجهة أسبابه بكل وضوح وحسم، وتطبيق القانون بكل شفافية وحزم، فليس معقولا ولا مقبولا في أي نظام أن يمرح البلطجية ودعاة الفتنة في شوارع المدينة بلا حساب، يشعلون فيها الحرائق ويقطعون الطرق ويغلقون المؤسسات العامة والخاصة، ويجبرون الناس على الانصياع للعنف والقوة، بدعوى المشاركة في العصيان المدني أيا كانت مطالبهم، فليس بالعنف والبلطجة والخروج على القانون يمكن أن تحل المشكلات والأزمات.
أيضا ما يجري ممن يسمون بالألتراس وجماعات البلاك بلوك وغيرها، من قطع للطرق، وحصار لمؤسسات الدولة، وحرق وإتلاف الممتلكات العامة، هو بكل تأكيد عدوان وسلوك إجرامي لا يمكن قبوله، فالاحتجاج السياسي والرفض السلمي شيئ، والخروج على القانون واستخدام العنف والتخريب شيئ آخر، إن مصر دفعت ثمنا غاليا من أجل انتزاع الحرية، ولا يمكن قبول أن تتحول هذه الحرية الغالية إلى فوضى، من بعض الغوغاء والمأجورين والبلطجية من أبناء الشوارع.
يجب على القوى السياسية بمختلف توجهاتها أن تعلن بوضوح رفع الغطاء السياسي عن هذه الجماعات، ورفض هذه الممارسات الإجرامية، حتى تتمكن الدولة من استعادة سلطانها مرة أخرى على الشارع، وبسط سيطرتها الأمنية على الأرض، وإلا كانت مشاركة في هذه الجريمة، ومطلوب من وزارة الداخلية بكافة أجهزتها أن تتولى مسئوليتها كاملة، وأن تمارس دورها الطبيعي في حماية أمن وسلامة المجتمع من الخارجين على القانون، حتى يعود الاطمئنان إلى المواطنين.
أعتقد أن آلاف الضباط الشرفاء من رجال الشرطة، ومساعديهم من ضباط الصف والأمناء، قادرون على تحقيق منظومة الأمن وحماية القانون في وقت أسرع، هذا الإنجاز الكبير الذي يحقق مصلحة الوطن والمواطن، وأعتقد أيضا أن الشعب المصري بكامله يقف خلف هؤلاء الشرفاء، دعما وتأييدا ومساندة وحماية، من أجل تحقيق الأمن والاستقرار، وإعادة عجلة الاقتصاد إلى الدوران من جديد، وكلنا يلمس هذا الجهد الكبير الذي تحقق أيدي هؤلاء الرجال الشرفاء في الفترة الأخيرة.
تحقيق الأمن والاستقرار يجب أن يكون على رأس الأولويات الوطنية في هذه المرحلة، ودعم دور أجهزة الشرطة معنويا وماديا حتى تقوم بواجبها، ينبغي أن يكون محل إجماع من كافة المخلصين، ورغم أن الإسلاميين كانوا أكثر من عانى من الفاسدين في هذا الجهاز، إلا أنهم عمليا أول من يدعمه الآن، وأتذكر كيف عبر اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية الأسبق عن تقديره لبرلمان الثورة (غالبيته من الإسلاميين)، بسبب إقراره لقانون جديد للشرطة، يطالبون به منذ عام 1971.
فارق كبير بين أن يكون لك مطالب تسعى للبحث عن حلول لها، وبين أن تسعى إلى تدمير مؤسسات الدولة، وحرق سفينة الوطن.
تحية وتقدير إلى رجال الشرطة الشرفاء، الساهرين على حماية أمن وسلامة شعب مصر.